الضعين ، عديلة ، الرزيقات ، المعاليا ، الدمار والخراب وفقدان الشباب ، والمثل هناك بيقول : (موت الولد ولا خراب البلد) ، أبهى صور الإيثار ، إذ يفضّل هذا المثل ان يتحرّق أحدهم أو مجموعة من أفراد القبيلة الواحدة على فراق الولد مدعاة الحزن الأكبر والدمعات الكثيرة ، هذه الحالة .. حالة الفراق الابدي للابن التي قال عنها الرسول (ص) كمجرب ، :(العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي الله ، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون ) مالي أراهما هذه القبيلة وتلك ، في أحداث متكررة لا ترضيان الله ، ولا تطبقان ، ولا تنزلان إلى هذا الإيثار النبيل القائل به المثل؟! مالي أراكما تحرقان الارض بمن عليها من نعم الله والولد ، وتفتحان الباب واسعا أمام العبث العسكري الرسمي والغير نظامي ؟! بدأت الإتهامات هنا وهناك تشير إلى الفتنة ، وإلى أيادي خفية للحكومة في إذكاء نارها ، وبدأ أيضا ان الحكومة شريك أصيل في الصراع القبلي في دارفور ، ولو بالسكوت عنها و(الفُرجة ) وهي المنوط بها المسؤولية عن الرعية ، مما دفع بحتى بعض العقلاء من أبناء القبيلتين إلى القول ، كما أوردتها بعض وكالات الأنباء وبالحرف :(حكومة مافي) !! والله دي (شارع حكومة) ما عملها ، وشارع حكومة هذا لا أدري أين هو في الزحمة الآن ، كان أحد ظرفاء حينا وسكرجيتها ، وعندما يقيف كيت ويتلفظ بألفاظ نابية ، كان يحتمي بالشارع ، ويعتبره خط أحمر ، قائلا لكل من يريد مهاجمته بقول أو فعل :( الشارع ده شارع حكومة وأنا واقف في شارع حكومة) ، بس الكلام ده كان ما قبل الإنقاذ ، إذ كانت للحكومة سيادة على الشوارع هناك في دارفور مما يعني انه كانت ال(حكومة في) . وبالعودة إلى تصريحات أولئك العقلاء المقربين منهم للنظام والمبعدون بسبب الهوام ، تجاه الحكومة يني فعليا أنهم قنعوا من خيرا فيها ، هذا إن كان على نواصيها الخير من الأساس في مقال لنا من قبل كنا قد تحدثنا عن القبيلتين مشفقين على الصراع الدموي بينهما ، علّق أحدهم واعدا بتغيير حتمي وكبير على مستوى البلاد يعقب دائما الإقتتال بين هاتين القبيلتين ، ورادا إيانا إلى تاريخ الصراع بينهما لنتأكد من ذلك ، كم كنت أرجو ذلك طمعا في التغيير وإيقاف نزيف دماء أبناء القبيلتين ، ولأكتب عن تلك النبؤة (نبؤة قارئ) أو (نبؤة مواطن) ، ولكن حتى الآن كل ما أراه من تغيير لا يعدو كونه عضوي يتنقل من ركبة إلى ركبة ، بينما القبيلتان تتنقل دماءهما من الضعين ألى ام راكوبة ، وسائر البلاد تنتقل من كبة إلى كبة بالتأكيد لم تشهد عموم البلاد في سابق عهودها مثل هذه الفظائع ، حتى في عهد حروبات المهدي ، إذ كان ذاك العهد ، عهد تجمّع وتدافع ، حتى انه لا تزال هناك قبيلة تسكن النيل الابيض تعرف بالجِمعْ يقول عنها منسوبيها انها في الأصل كانت مجموعة من القبائل ، أجمعت على المهدي وأخذت تلك التسمية بينما هذا الزمان وهذا العهد ، عهد تفريق وتكسير وتدمير وتشريد وتقتيل ... وكلها تعني فيما تعني (فرتقة) شخصيا من أنصار تحكيم صوت العقل ، ولا أعوٍِِّل على نظام لم يحافظ يوما على ثلث مساحة البلاد وإرث الأجداد ، ولا على كبرياء وكرامة المواطن ، ولا على مشروعات التنمية ، وبالتالي لم يحافظ على مكتسبات الامة ، كل ذلك بالضرورة لا يتأت لنظام يدافع بالنظر !! ويفشل في إمتحان أول مطر !! ويحمي حمى المفسدين المسجلين خطر !! ويتمسّح بقطر !! ولا يفرّق بعض قادته رجال ماله وأعماله ما بين العارف عزو مستريح وما بين (كلا لا وزر) . إذا هو بذلك لا يمكن له ان يحافظ على ودٍ قديم ، أو مسافة من إحترام وتقدير وحسن جوار بين أية قبيلة وأخرى ، أو حتى يقيم الصلح بينهما عملا بقوله :( وإن طائفتان من المؤمنين إقتتلوا فأصلحوا ... ) ، إنها لسنين طويلة حتى يتعرف فيها النظام على ما هي الأمثال الشعبية ، وما هي الأيات الربانية ؟ ولعمري معظم أمثالنا لهي معاول بناء أكثر منها معاول هدم ،هذه صيحة في آذان الخصمان والنظام لو يعقلون أهلنا في ام راكوبة والضعين وعديلة .. الرزيقات والمعاليا ، سارعوا إلى تآخيكم تفلحوا ، وأرحموا أنفسكم يرحمكم الله . [email protected]