الروائع التي يقدمها المبدعون السودانيون لا تجد التوثيق الذي تستحقه . تغول السياسة علي الإبداع حرم السودان والعالم من كثير من الروائع . وما تم توثيقه لم يخرج بالصورة المطلوبة فالمبدع الشاعر والملحن والمغني مطارد يحمل فنه في ذاته . رأسه ملئ بالإبداع وجيبه فارغ وغالبا جوفه أيضا . مشروع مصطفي سيداحمد الضخم يعتبر مرحلة إنتقال مهمة في تاريخ الإغنية السودانية إنتقي مفردات تعبرعن المضانين المعروفة بتصورات مدهشة . وهو مشروع سبق غيره في كل المنطقة ولا يزال مشروع رائد رغم وفاة صاحبه منذ سنوات طويلة. الحديث عنه والكتابة فيه تظل قصاصات متناثرة يصعب العثور عليها وبناء عمل نقدي متكامل موثق يتطرق لمواطن القوة والضعف وجوانب الحداثة والدهشة في المشروع . خواطر فيل (حرموني ليه) النشيد الرائع الذي قدمه المبدع سليمان زين العابدين مع بنات شمبات في جنة الأطفال قبل سنين طويلة . قدمه الفنان الرائع النور الجيلاني فاضاف إليه من صوته الحميل وإنفعاله النبيل فأصبح اغنية للكبار مثلما كان نشبد للصغار.هذا النشيد حقيق بأن يدرج ضمن التراث العالمي وان يترحم للغات الأخرى وان يصبح شعار لمنظمة الأممالمتحدة وجمعيات الحفاظ على البيئة والحياة البرية. مثلما نشيد (لن ننسى أياما مضت) بالنسبة للخريحين والمودعين. فرقة عقد الجلاد الغنائية قدمت الأغنيات الرائعة .حملت خطاب وحدوي تآلفي لكل أهل السودان .نظمت كل هذه الأغنيات من الشمال والجنوب والشرق والغرب كعقد جميل بأغنية جامعه هي ربوع السودان . و قدمت فرقة الأصدقاء المسرحية أعمال رائعة رغم إمكانتها البيسطة ورغم المضائقات آنذاك .وكذلك فرقة السمندل الموسيقية ببدايتها القوية. كنا نأمل أن توثق بالموسيقى والألحان للتراث الغنائي السوداني الضخم بمختلف إيقاعاته المتنوعة الممتعة. رغم مرور قرابة الثلاثين عام لم تصدر دراسات أوكتب بحجم هذه التجارب المضيئة. التي نخاف أن تتراخى و تقع في أيدي من ينتفعون منها ولا يضيفون لها. وبالطبع نثمن جدا ما يقوم به الأستاذ السر قدور حيث وتق للكثير من الأغنيات والألحان السودانية وهذا مجهود كبير ومقّدر. هنالك ايضا مبدعونا من الشعراء القدامي والجدد أمثال خليل فرح وود الرضي وأبو صلاح والبنا وعبيد عتيق وغيرهم شعراء الحقيبة الأجيال بعدهم مثل اسماعيل حسن وعكير الدامر والفيتوري ومحمد المكي وعبد الحي ومحجوب شريف و حميد والقدال وود بادي والعميري وعاطف خيري والصادق الرضي وروضة الحاج وغيرهم كل هؤلاء القامات يندر أن تجد ترجمة لهم وتخلو من غالبهم الموسوعات الشعرية العالمية وحتى العربية ولا احد يستغرب فهم رغم إبداعاتهم الثرة تخلو منهم حتى أرفف بعض المكتبات في السودان.ويتعذر لمتذوقي الشعر الجيد والباحثين عن المعاني المدهشة والدارسين للمشروعات الإبداعية ان يجدوا دوواين هؤلاء الشعراء أو الدراسات والتراجم التي تتناول أعمالهم . حتى المقالات النقدية على قلتها حبيسة أرشيف الصحف يتعذر إيجدها ويصعب البحث عنها وهذه نماذج فهنالك مشروعات عديدة لمبدعين في مختلف المجالات الأخري.هنالك روائيون وتشكيليون ومسرحيون يواجهون نفس الإشكال. نتمنى أن يتبنى السودانيون مشروع للتوثيق والترجمة وتسويق هذا الإبداع المدهش. أو على الأقل إصدار موسوعات تحوى نماذج من كل واحد.ويمكن أن تترجم وتهدى للمكتبات الجامعات والمراكزالثقافية خارج السودان للتعريف بالأدب السوداني والغناء والموسيقى وغيرها من أجناس الأبداع الأخرى . تجارب تُدرس لتقوم عليها إبداعات جديدة. نتمنى ذلك قبل نصحو ذات يوم ونجد إبداعنا ينسب لغيرنا مثل مئات القطع الأثرية في التي سكنت أرفف وخزائن العالم . [email protected]