بناء المؤسسة الحكومية على أرضية إرث تاريخي يخلتف عن الهواة الذين يركبون التهور السياسي ليمتطوا كراسي الحكم ،وجعل أنفسهم أسياد على الناس بالرهبة والإبادة وسفك الدماء،فهم أقرب الي قطاع الطرق بقيادتهم العرناء للدولة على نهج العشوائية وعلى ما تتفق ذوقهم مع الكذب والنفاق،أن الدول التي قادت العالم في حقبة من الزمن لم يكونوا كذلك إذا لم تكن استشعرت بالمسؤلية الكاملة تجاه الكرامة الإنسانية وتمسكت بها وصانت البشرية وحقوقها الشرعية المكتسبة بالتشريعات الإلهية والقوانين الوضعية على أكمل وجه. هذه مقدمة لقصة حقيقية حدثت لي بمطار أنقرا الدولي ،جسدت صورة غير خيالية للدولة العظيمة تركيا وإنسانها التي نشأت وتربت على خلق حكماء الدولة العثمانية ،السلطان عبدالمجيد والسلطان عبدالحميد والسلطان محمد الفاتح الذين على يدهم ولدت الدولة الإسلامية الثالثة الي أن جاء الرئيس رجب طيب أردوغان لتعود تركيا أقوى مما كانت سواء في علاقاتها مع الدول الكبرى أو مع دول الجوار أو على مستوى الفرد ،بقيادته الحكيمة أصبحت الدولة التركية تحترم الروح التي يحملها الإنسان بغض النظر عن جنسيته أو لون حاملها،لم تكفر بأنعم ربها فأتاها رزقها رغداً، في سنوات لم تكمل العقد تحولت ميزانيتها من عجزا الي فائض وتضاعف مستوى دخل الفرد ثلاثة مرات وأصبحت ترتيبها السابعة من الدول الصناعية الكبرى في العالم ليست هذه فحسب بل تعد مؤسستها العسكرية من أقوى المؤسسات الحربية في العالمين الإسلامي والعربي عتاداً وعدداً واحتلت مراتب عليا في التصنيع الحربي. ان الصدفة أو بالأصح القدر الذي جمعنا مع المستشار الخاص لفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان بمطار أنقرة زاد من تقديري وإحترامي للدولة التركية وحبسها في جوفي ملازماً للفؤاد الي الأبد من شدة وقعتها والتوقيت الذي يكذب حدوث مثل هذا الحدث،وأكد جزماَ دون شك علو وعظمة وريادة الرجال الذين أخذوا على عاتقهم تكليف إدارة دفة الدولة،ان ما قام به سعادة مستشار الرئيس ورئيس العلاقات الخارجية البينية بوزارة الخارجية يعد من نسج الخيال في وقتنا الحاضر،لقد أبهرني بتصرفه العفوي المنبعث من دماثة الخلق والإرث المتين الضارب في جذور التاريخ ،حقا أفرغوا من بناية الدولة وإتجهوا الي بناية البشرية وبعث فيها ما تمكنها من النهوض في زمن تراجعت فيه الأخلاق والشيم السوي الي أدنى مستواها وصار التعبد المادي مسلكا في حياة كثير من الشعوب،أثناء محاججتي مع موظفة الخطوط التركية التي رفضت إستلام ثمن زيادة أمتعتي عن المقرر بالريال السعودي وطلبت مني الدفع باليورو أو الليرة بمطار انقرة الدولي والطائرة على وشك الإقلاع ،فإذا برجل قصير القامة أبيض البشرة يمسك بيدي ثم يقول (your problem is solved) مشكلتك أتحلت رديت عليه (who are you) من أنت ؟ أردف قائلاً (do not worry be cool) لا تقلق خليك هادئ ثم أخرج من جيبه بطاقة بنك وناولها للموظفة وقال لها أذهب الي الصندوق وأدفع المبلغ المطلوب من هذا الشخض ردت الموظفة (sorry go by yourself) اسفه أذهب بنفسك وبعد ما تحدث لها باللغة التركية فإذا الجميع قيام ينظرون إليه بالتجلي والإحترام والوقار الكل يستسرقه الأنظار وشكل الحضور موكب من خلفه،ناولته كرتي (managing director) مكتوب عليه العضو المنتدب لشركة تبرا السعودية وهو الاخر بادلني الكرت فإذا هو لاكر استارجي المستشار الخاص للرئيس رجب طيب أردوغان ،رافقني مندوبه زهاء ساعة ونصف الي أن وصلنا مطار اسطنبول الدولي وطلب مني أن أمكث على ضيافتهم ثلاثة ليال بأسطنبول ،إعتذرت لأن رحلتي مرورا الي السعودية. هكذا مؤسستهم الحكومية حرضتهم على زراعة الحب في دواخل الناس ،من منطلق أن البشر نواة رشد الحكم ومعيار صلاحه ومنها يبدأ صلاحه وفساده، يا ليت بنو جلدتي يعلمون كيف يبنو الحكام شعوبهم، دمت يا فخامة الرئيس رمزا للإنسانية والكرامة والخلق النبيل. عبدالدائم يعقوب ادم [email protected]