صباح الاثنين 18 نوفمبر حمل وزير رئاسة الجمهورية صلاح ونسي اوراقه ويمم صوب البرلمان وهو يتابط تعديلات دستورية بادرت بها رئاسة الجمهورية فى بندين يتعلق الاول منهما يتضمين اتفاقية اسمرا لشرق السودان فى الدستور ويختص الثانى باعطاء الشرطة الحق فى انشاء محاكم خاصة. التعديل هذا تم مباشرة عقب نقض المحكمة الدستورية لحكم اصدرته محاكم الشرطة باحالة النقيب ابو زيد للتقاعد وسجنه على خلفية تقديمه مزكرة لرئاسة الجمهورية، لتاتى المحكمة الدستورية وتؤكد ان الدستور لم يعط الشرطة حق انشاء محاكم خاصة. حسنا عندما قرأ صلاح ونسي مقترحات التعديل تمت احالة تعديل الشرطة الى اللجنة الطارئة التى ترأسها بدرية سليمان وكانت تنظر لاسبوعين فى تعديلات الولاة والاراضى التى اودعت فى 3 نوفمبر، اذن الفارق الزمنى ما بين الايداع الاول والايداع الثانى اسبوعين كاملين. والآن اليكم ما تقوله المادة 224- (1) المختصة بتعديل الدستور حول زمن الايداع " يشترط أن يُقدم مشروع التعديل قبل فترة شهرين على الأقل من المداولات" اللجنة الطارئة التى حول لها تعديل الشرطة اجتمعت ودرست المقترح الجديد ورأت انه غير ضرورى ولذا تم الاتفاق على رفضه وخرجت رئيسة اللجنة للصحفيين لتقول ان اللجنة رفضت التعديل المتعلق بالشرطة من واقع ان لا حوجة له لان المؤسسات العدلية القائمة كافية لتحقيق العدالة. حتى هنا والامور تسير جيدا، وتمضى الايام فى اجتماعات متواصلة للجنة ويحدد السبت الثالث من يناير موعدا لاجازتها ويتم اعتمادها وتنشرها الصحف. حسنا الان اقرأوا معى هذا البند الجديد الذى تفاجأ به الجميع داخل التعديل الذى اجيز ولم ينتبه له احد "ينظم القانون انشاء محاكم الشرطة وتشكيلاتها واختصاصاتها وسلطتها واجراءات خدمتها القانونية" هذا هو البند 4 من المادة 148 التى اجيزت والتى تتيح للشرطة انشاء المحاكم وهو زات التعديل الذى رفضته اللجنة مسبقا. اذن كيف جاء هذا التعديل بعد ان تم رفضه وقبل ان يكمل 60 يوما كما نص الدستور؟ هذا السؤال طرحته على رئيسة اللجنة بدرية سليمان خلال مؤتمر صحفي عقدته بالبرلمان وكانت اجابتها انهم رفضوا التعديل بالفعل ولكن عند مؤائمة سلطات الشرطة مع تعيين الولاة لجأوا لدستور 1998 وجلبوا منه المادة التى حكمت مهام الشرطة ولهذا جاء التعديل الذى يتيح للشرطة انشاء المحاكم الخاصة لانه موجود هناك اصلا. الان ساقودكم للمفاجأة الكبرى ولنفتح معا دستور 1998م ولنقرأ معاً المادة 123 1/ قوات الشرطة قوات نظامية قومية التكوين مهمتها خدمة الوطن والمواطنين ومكافحة الجريمة وحماية الاموال ودرء الكوارث والحفاظ على اخلاق المجتمع وآدابه والنظام العام 2/ قوات الشرطة تتولاها الاجهزة الاتحادية تخطيطا واعاداد وتدريبا وتشرف على قطاعات منها وتشرف الولايات على القطاعات التى تليها وفى حالة الطوارئ يرجع الاشراف عليها جميعا للاجهزة الاتحادية 3/ يحدد القانون نظام قوات الشرطة واختصاصاتها وشروط خدمة افرادها والعلاقة بين اجهزتها وقطاعاتها الاتحادية والولائية. هذه هى المادة بكل بنودها ولم يرد فيها اى زكر لمحاكم الشرطة لا من بعيد ولا من قريب. هنا اترككم لتتأموا كيف يقوم المؤتمر الوطنى بالتحايل على القوانين والدستور ولا يأبه لعواقبه فقط على عرابوه ان يفصلوا له ما يريد فالغاية تبرر الوسيلة. [email protected]