صديقى ذلك الذي كان ثائراً، ومناضلا ً،وناشطا ً في الحقوق المدنية , وكان يساري الهوى والهوية وكنا نطلق عليه (الحنين) فهو صاحب دمعة قريبة لايحتمل مناظر البؤس تلك المستشرية في بلاد النيلين بالرغم من أنه كان أكثر منهم بؤساً إلا إنه كان يذّوب همومه في بركة من هموم الآخرين. بالصدفة قابلته بعد غيبة ،وتفاجأت بتغير حاله من حال الى حال، وبدت عليه تجليات الرأسمالية ،وبعد جلسة فخمة في أحد الفنادق تجنبت فيها الحديث عن مصادر رزقه الوفير .تفاجأت بتغير نظرته للحياة ،وطلاقه للإشتراكية ، بل كان يرفض العودة بقطار الذكريات لتلك الحقبة ،وخبرني بصريح العبارة أنه يفضل حياة الترف التي يعيشها الآن ,وختمت الجلسة بسؤال خبيث (هل مازلت تسمع لمصطفى سيد أحمد ..وعمي عبد الرحيم) فأجاب بصراحة يحسد عليها ...ده فنان البؤساء. وفي فترة عملي القصيرة بإحدى السفارات السودانية بالخارج تصادف وجودي مع مستشار إعلامي فخيم إعتلى المنصب بعد أن خلع عباءته الحمراء، وفضل الإسترخاء تحت ظل (الشجرة) بعد سنوات من العناء والبهدلة في بلاد الخواجات . وكنت أقوم بكتابة عموده اليومي وأرسله الى أحد الصحف الراتبة في الخرطوم نسبة لأنه كان لايجيد الطباعة عبر الحاسوب . وذات جلسه ،وأنا أقوم بطباعة مقالا له تطرق المقال لفقرة فيها تمجيد عظيم للنظام الحاكم وعندما رمقته بنظرة أردف قائلا " أكتب أكتب ديل .........ساي" . وللصدفة تصادف وجودي مع مستشار آخر وهو صحفي مرموق ،ومر بنفس ظروف صاحبنا أعلاه ، وهذا قصته عجيبة ،فقد كان إسلاميا ،في جدران السفارة ،سفيها ,سكيرا في خارجها، وقد حدث ذات فضيحة، أن تم إرجاعه من المطار الشهير بعد أن وصل مرحلة السقوط على أرضية المطار من أثر أم الكبائر. المصلحة على حساب المبادئ هي عنوان المرحلة والكل بلا إستثناء يعمل من أجل إعلاء شأنه ويستخدمون الأحزاب والشعارات الرنانة من أجل تحقيق مآرب شخصية. المواطن الذي" نفض " يده من الأحزاب أكثر وعيا وإدراكا بالذين يريدون المرور عبره الى مجد شخصي . والهجرات الجماعية والفردية من الأحزاب الكبيرة وأحزاب الفكة للمؤتمر الوطني تبرهن أن الأحزاب هي تجمع (لمصلحجية ) يجتمعون ويتفرقون من أجل مكاسب شخصية ولاوجود للمواطن البسيط في أولوياتهم. وحتى ينصلح حال "تجمعات المصالح" وتصبح أحزاب حقيقية تسعى لخدمة المواطن أطالب أهالينا بالأبتعاد عن الأحزاب المهترئة الممزقة ،وتهميشها لأنها لادور لها وهي عبارة عن كيانات(لاتهش ولاتنش) . وكل فرد فيها من رئيسها الى حارس دارها ينتظر الفرصة حتى يحقق مكسب شخصي . [email protected]