بسم الله الرحمن الرحيم لكل منا أهداف في هذه الحياة يعمل جاهدا لتحقيقها، لكن من يستطيعون الوصول الى أهدافهم وتحقيقها كاملة كما خططوا لها هم قلة. تحقيق الأهداف أو عدمه قد يرجع لأسباب عدة ولكن عزيمة الشخص وإرادته هما الفيصل بين الشخص وأهدافه التي وضعها ويريد تحقيقها، فمن يمتلك الإرادة والعزيمة سيعمل جهدا مواجها كل العقبات والصعاب التي تحول دونه واهدافه، وهؤلاء هم الذين حتما سينالون شرف تحقيق إهدافهم يوما ما. أما أؤلئك الذين يستسلمون لواقع العقبات والمشاكل ويفقدون آمل تحقيق اهدافهم تلك سيظلون عائمون في بحار الخيال وأمواجها مدججين بالحسرة والتمنيات. ونحن في مستوى الأساس من تعليمنا كان هناك نشاط صباحي يقام قبل بداية الدروس يسمى (الطابور الصباحي)، يقدم فيه الطلاب شتى البرامج، منها الادبية والإجتماعية مثل الحكم والأمثال الشعبية. كان هناك لحكمة من ضمن الحكم التى تقدم الأثر الكبير في نفسي ودائما ما تكون لي الحافز طوال اليوم الدراسي الذي تقال في صباحه وهي: ''من كدا وجد ومن نام ندم''، هأناذا أتي اليوم بعدم مرور سنوات طوال وفي بلاد أحفاد العثمانين أجد المعني الحقيقي والقدوة السامية في التطبيق الذي يحمل في طياته الكثير من المعاني والعبر لتلك الحكمة. إجتمع في يوم الثلاثاء الموافق 23.06.2015 البرلمان التركي لإفتتاح دورته ال25 والتي يشكل فيها حزب ''العدالة والتنمية'' الإسلامي الأغلبية بنسبة 40,9% وبعدد 258 مقعدا. كانت من ضمن نواب حزب ''العدالة والتنمية'' السيدة (روضة كواكجي)، وهي الأخت الشقيقة الأصغر للسيدة (مروة كواكجي) النائبة البرلمانية الإسلامية التي طردت من البرلمان عام 1999 واسقطت عضويتها البرلمانية ثم الجنسية التركية بقرار من مجلس الوزراء، كل هذا لأنها (تجرأت) لدخول البرلمان لإداء القسم بحجابها، حيث كانت ممثلة لحزب (الفضيلة) في دائرة من دوائر ولاية اسطنبول، وحزب الفضيلة الذي يعتبر حزب (العدالة والتنمية) أمتدادا له هو ذات الحزب الذي أ تى منه السيد رجب طيب أوردغان مؤسس حزب (العدالة والتنمية). مرت الأيام والسنين وجاءت اللحظة حيث دخلت السيدة روضة كواكجي ذات البرلمان كممثلة لحزب العدالة والتنمية من ولاية اسطنبول ومن ذات الدائرة التي ترشحت منها أختها مروة البرلمانية المطرودة أنذءاك. أدت السيدة روضة يمينها وهي ترتدي ذات الحجاب الذي كانت ترتديه أختها عندما طردت من البرلمان. وكان القائد الفز أورغان جلاسا في البرلمان يرا قب إعادة نفس اللقطة التي حدثت في عام 1999 لكن هذه المرة ليس عضوا برلمانيا حديثا من حزب الفضيلة طردت زميلته أمامه بل رئيسا للجمهورية التركية ومؤسسا للحزب الأول في بلاده. وأنا أتابع بلهفة هذه اللقطات أمام التلفاز وبالبرغم من محاولتي في تمالك نفسي لم استطع ان أمنع سقطوط تلك الدمعة على خدي، لا أدري هل أنها دمعة فرح برؤية بلد إسلامي إستطاع أن يغير واقعه ويصل بنفسه الى بر الأمان مثبتا في مجتمعه ركائز الديمقراطية، وأن يكون نموزجا يهتدا به في التنمية والنهضة والشفافية والديمقراطية؟ أم هي دمعة حزن وحسرة لوجود أغلب الدول الإسلامية والعربية والإفريقية اليوم في مستنقع الدكتاتورية والفقر والفساد؟ إن ماقامت به السيدة روضة كواكجي هذا هو بمثابة درس في الإرادة والعزيمة والإيمان، فالبرغم من مرور 18 عام أتت وأكدت مواصلة مشوار وعزيمة وإيمان أختها الأكبر التى أضطرت وقتها للهجرة الى الولاياتالمتحدةالأمريكية بسبب إسقاط جنسيتها التركية، حيث أكملت دراستها للدكتوارة برسالة تحت عنوان(الحجاب الإسلامي واثرها في الحياة السياسية في الدول الإسلامية) وهي الأن تعمل كأستاذة جامعية ومديرة لمركز بحوث ودراسات مابعد الإستعمار في جامعة أوسكودار بإسطنبول. لها عدة كتب منشورة منها: الديمقراطية بلا نقاب: تاريخ داخل تاريخ، الباقون تحت الغطاء، اللعبة السياسية و الإسلام في الغرب. نسأل الله لها وللشعب التركي الأبي التوقيق والسداد وأن يمدنا وشعبونا بالإرادة والعزيمة. تيراب ابكر تيراب [email protected]