فى الطّريق إلى "الضّعين"، ف "أم دافوق": كيف يفكّرُ الجيش فى القضاء على "التمرّد"؟ عبد الحفيظ مريود فلتذهبِ الحربُ بعيداً.. أبعد من خيال الأطفال وهم يلعبون فى باحات الخرطوم 2، العمارات والأملاك. كيف سيحدثُ ذلك؟ علّق عمّار السجّاد، حين "انفتح" الجيش والمليشيّات الإسلاميّة والقوّات المشتركة، على مناطق "الحمّادى"، و "الدّبيبات" فى كردفان:(شفتو الحرب دى ودّيناها بعيد كيف؟). والسجّادُ ليس حالة منفردة. بل تعبيرٌ جهيرٌ عن العقل البّاطن، والعقل الجمعىّ لقطاع واسع من النّخبة النّهريّة، كما جرتْ تسمّيتها. من لدُن عبد الله على إبراهيم، إلى سامح الشّامىّ وأبو رهف، فحياة عبد الملك. علّق زميلٌ فى قروب واتساب، فى ذات الأيّام، أيّام معارك الحمّادى والدّبيبات "يا مريود نقلنا ليكم الحرب فى عُقر داركم". ههنا الحربُ ليستْ جريمة… ليستْ فعلاً مستقبحاً، مستهجناً..مدمّراً. فالحربُ – فى العقليّة هذه – فعلٌ له جغرافيّة محدّدة. فضاء اجتماعىّ وثقافىّ يتوجّب أنْ تنحصرَ فيه. أىّ محاولات للتمدّد، للتوسّع، يجبُ أنْ تجابه بحزم وحسمٍ. كيف تجرؤ الحربُ أنْ تتنفّس فى الخرطوم، الجزيرة، نهر النّيل والشّماليّة؟ هل فقدتِ الحربُ عقلها؟ لذلك سيهلّلُ ويصفّقُ المرجفون لكونها عادتْ أدراجها إلى حيثُ تنتمى. إلى جغرافيّتها وفضائها الاجتماعىّ والثّقافىّ. فهى لا تشبهنا. شايف كيف؟ كان على الفاشر أنْ تلعبَ الدّور الأكبر فى جرجرة الحرب إلى جغرافيّتها. تتضافرُ عناصرُ معقّدة لتجعلَ من الفاشر ثقباً أسود يجتذب بقدرته الهائلة على الجذب، الحرب ويعيدها إلى حيث تنتمى. لكنَّ الفاشر – كأسطورة – تحطّمتْ تماماً. لم ثمّة معارك تجرى فى كلّ إقليم دارفور. لذلك سيعملُ الجيش، والمليشيّات على تدمير كردفان وتحويلها إلى خطّ دفاعٍ عن "المركز". عمليّاً، فإنَّ الفرقة 22 فى بابنوسة باتتْ فى حكم الفاشر. ليس لأنّها تحت حصار مُحكم..بل لأنّها لا تملكُ مقوّمات صمود الفاشر، "شنب الأسد"، الذى تمّتْ حلاقتُه بمهارة. ولأنَّ بابنوسة جزيرة وسط بحرٍ متلاطمٍ من العداء للجيش ولدّولة ما بعد الإستعمار. شايف كيف؟ كتبَ شخصٌ نابهٌ فى ذات قروب الواتساب، "الجمهوريّة الحرّة"، الذى ابتدعه زميلنا الصّحفىّ عماد أبوشامة، عشيّة استعادة الدّعم السّريع السيطرة على مدينة "بارا" فى شمال كردفان " 90% فى سكّان كردفان ضدَّ الجيش. وهى بيئة معادية. لذلك من السّهل على الدّعم السّريع استعادة بارا". هل أدلى الكاتبُ بمعلوماتٍ خاطئة؟ هل بالغ فى تقدير نسبة العداء الكردفانىّ للمركز؟ لماذا تفشلُ جميع "تقدّمات" و "انفتاحات" الجيش فى شمال كردفان؟ لماذا تنسحق متحرّكاتُه وتهلكُ قياداتُ مليشيّات الإسلاميين فى سهول كردفان؟ هل ذهبتِ الحربُ بعيداً، فعلاً؟ من كلّ مساحة شمال كردفان، المتاخمة لولايتىْ الخرطوم والنّيل الأبيض، يسيطرُ الجيش على مدن "الأبيّض"، "الرّهد"، و "أمروابة". تبعدُ منطقة "رهيد النّوبة" حوالى 20 كيلومتراً عن أمدرمان. طريق الصّادرات الرّابط بين "الأبيّض" وأمدرمان، كلّه تحت سيطرة الدّعم السّريع، بما فى ذلك مدينتىْ بارا و "جبرة الشّيخ". المساحة المسمّاة ب "دار الرّيح" فى شمال كردفان، مناطق الكبابيش (جبرة الشّيخ، رهيد النُّوبة، سودرى، أبو زعيمة، حمرة الشّيخ، أم سُّنطة)، المتاخمة لديار الزّياديّة فى شمال دارفور، تقع كلّها تحت سيطرة الدّعم السّريع. فكيف ذهبتِ الحربُ بعيداً؟ بعيداً مسافة 20كلم أو 50كلم من أمدرمان؟ حسناً.. ليس ثمّة عاقلٌ يشجّعُ الحرب. دعكَ من أنْ تكونَ "الدّولة قد درّبته، صرفتْ عليه" لتكون قضيّته هى استمرار الحرب (حتّى القضاء على آخر جنجويدىّ)، كما كتب عبد الله على إبراهيم. ذلك تعبيرٌ وافرٌ وصّريح عن مرضٍ نفسىّ وعقلىّ. فالحربُ قبحٌ محض. تجريفٌ بغيضٌ للحياة. يخوضها الإسلاميّون والمرضى من البلابسة لإعادة السّيطرة. لكنّها لن تذهب بعيداً، أبداً. تلتهم جلابيتكَ، ملاءات سرير الغريبة. لن تقضىَ – فى نهاية المطاف – إلّا عليك. الحساباتُ تقولُ إنَّ عليك أنْ تعملَ على إنهائها. ذلك أنَّ السُّنن الإلهيّة حين تقضى ب : "لتفسدُنَّ فى الأرض مرّتين، ولتعلُنَّ علّواً كبيراً" سيجئُ "عبادٌ لنا أولى بأسٍ شديد" وحينها لن يفيدكَ "تدريب الدّولة" لك.. لن تصلَ إلى "الحمّادى" أبداً… سيكونُ طريقكَ إلى "الضّعين" طويلاً جدّاً.