بعد ايام معدودات تحل ذكري مرور عام علي احداث انتفاضة سبتمبر الدموية والتي قتلت فيها اكثر من مائة شخص علي اختلاف الروايات , فالرواية الرسمية الحكومية اقرت بان القتلى في حدود ثمانين شخصآ ,وعلي الرغم من جسامة الفاجعة وغزارة الدماء التي سالت الا اننا لم نر تحقيقآ للاحداث ولاحتي حصرآ دقيقآ لاعداد القتلي والجرحي ولا للخسائر المادية التي نجمت عن الاحداث ، غضت الحكومة الطرف تمامآ عن متابعة اجراءات التحقيق وتقصي الحقائق في ظاهرة بائسة تنم عن الاستهتار بأرواح الناس في هذه البلاد , هذه الدماء الذكية التي اريقت بغير ذنب تظل تلاحق حكومتنا في الدنيا والاخرة ولايظلم ربك أحدا, (ومن يقتل مؤمنآ متعمدآ فجزاؤه جهنم خالدآ فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابآ عظيما ). ظلت حكومتنا تراوغ حينآ وتكذب حينآ آخر كلما اثيرت هذه المسألة امام المحافل الدولية خاصة مجلس حقوق الانسان فوزارة العدل ذكرت ان هنالك لجنة للتحقيق مازالت تباشر اعمالها وان نتائجهاسوف تنشر علي الملأ وذكر ذلك في اجتماعات مجلس حقوق الانسان بجنيف . وفي الخرطوم عادت ذات الوزارة لتنفي وجود لجنة للتحقيق في هذه الاحداث من اصله , هذا من جانب ومن جانب أخر فلا مجالس حقوق الانسان التابعة للحكومة ولا منظمات المجتمع المدني والتي تدعي أنها تدافع عن حقوق الانسان حركت ساكنا , فقط المجتمع الدولي ظل يراقب ويتابع الاحداث عن كثب ويضغط علي الحكومة ويطالبها بالتحقيق , وفي الجانب الاخر بعض المنظمات الدولية المشبوهة التي تتربص بالبلاد ظلت تنسج خيوط القضية بتانئ حتي يكتمل النسيج ليوضع علي رقبة البلاد لاعادتها الي البند الرابع صاغرا وربما الي المحكمة الجنائية الدولية . و حكومتنا السنية في غيها تتردد لا تعرف العدالة و لاتحسن تدبيرا , ماذا تضيرها لو اقبلت علي تحقيق حقيقي وشفاف لكشف الحقيقة وتقديم من يثبت ضلوعه في الاحداث لمحاكمة عادلة نزيهة , بدلآ من أنتظار الاتهامات الدولية و الجرجرة والزنقة والانتقاص من هيبة الدولة , ظللنا نردد ناصحين الحكومة بضرورة فتح تحقيق في كل الاحداث المماثلة وهي كثيرة وقعت في هذه البلاد ولكن دون جدوي ,ظلت سيادة حكم القانون تراوح مكانها ووزارة العدل عاجزة ومكبلة لا تستطيع القيام بواجباتها الدستورية والقانونية ومع أستبشار القانونين بتولي مولانا عوض حسن النور أعباء الوزارة بعهد جديد لسيادة حكم القانون ولكن تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن التصريح الذي ادلي به سعادته قبل ايام عقب مقابلته لرئيس الجمهورية الذي وجهه بتعويض شهداء سبتمبر وتعويض المستثمرين الذين تضرروا من الاحداث هذا التصريح أصابت الوزارة في مقتل و حرك بركة الاحزان والالام الساكنة لدي ذوي الضحايا ولدي اصحاب الضمائر الحية , لم يتحدث الوزيرعن تحقيق ولاعن مسئولية مرتكبي جريمة قتل هؤلاء الشهداء , انحصر الحديث عن تعويض اسرهم وكأن زلزالا تسبب في موتهم , أيعقل ان يكون دم هؤلاء رخيصآ الي هذه الدرجة !! اليست هذه الدولة ترفع شعار المشروع الحضاري الاسلامي ؟ أيعلم القوم عظمة حرمة الدم في الاسلام! الم يدرك القوم ان هذه التصرفات غير المسئولة تسئ الي البلاد وتفتح الباب واسعآ لتدخل المجتمع الدولي في شأننا!! وجاء الرد علي هذا الاستهتار من افواه أؤلياء الضحايا الذين اجمعوا علي رفض قاطع لهذا السلوك وطالبوا بتحقيق نزيه وشفاف ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة ,هذه القضية وبسؤ تدبير الحكومة عبرت الحدود وستظل شوكة حوت في عنق النظام الذي افتقر الي العدالةّ!! عجيب امر هذه الحكومة تقتل الناس وتسعي للتعويض من المال العام تكررت هذه التصرفات في كثير من قضايا القتل مثل قتل طلاب دارفور في جامعة الجزيرة وقتل المتظاهرين في بورتسودان وغيرها كثير وهذا السلوك شاذ وغريب بحسبان ان الاجراء الصحيح هو التحقيق في مثل هذه الاحداث وتحديد المسئولية الجنائية وتقديم المتورطين لمحاكمة عادلة ومن ثم تاتي التسوية او التعويضات .هذا السلوك تدفع اجهزة الدولة المعنية بالحفاظ علي الامن علي تجاوز القوانين واللوائح المنظمة للمظاهرات وكيفية التعامل معها ، تعاملت ذات الأجهزة باستعمال مفرط للسلاح في احداث بورتسودان التي وقعت عام 2005 وراح ضحيتها اكثر من عشرين شخصا ورغم التحقيق الذي اجري ولم ير النور بعد ، فان النيابة العامة رفضت اتخاذ الاجراءات الجنائية بحجج اوهي وأوهن من خيوط العنكبوت ممااضطر اهالي الضحايا الي اللجؤ الي المحكمة الدستورية والتي اصدرت قرارها بالغاء القرارات الصادرة من النيابة بعدم فتح الدعوى الجنائية وامرت بفتح دعوي جنائية ضد من تسفر عنهم التحريات مسئوليتهم في القضية , هذه القضية تأخرت عشر سنوات لتعود الي مجري العدالة بفضل المحكمة الدستورية فمحاكمنا مازالت قوية ومستقلة ونزيهة , قالت المحكمة الدستورية في حكمها (ان النصوص التي اعتمدت عليها النيابة في رفض فتح الدعوي الجنائية لايمكن اعمالها في هذه الدعوي لان الشرطة والنيابة هي التي تقاعست في بادئ الامر عن فتح الدعوي الجنائية خلافآ لمانص عليه القانون) وفي مكان آخر قالت (هذه الجدار والعوائق تمثلت في أجراءات النيابة بدرجاتها المختلفة التي تعرضت لملف التحقيق او بالاحري اعرضت عنه حيث لم يوجه الاتهام الي أية جهة أو شخص طوال هذه السنوات وهاهي وزارة العدل تتزرع في سياق ردها علي هذه الدعوي بدفع مفاده ان حق اولياء الدم في الادعاء قد سقط بسبب التقادم أي دم هذا يهدر بالتقادم وأي تحر واي أجراءات يطلب فيها المحققون من أؤلياء الدم تقديم كشوفات عن أسماء الجناة وهم قوة نظامية متكاملة العدة والعدد تم أرسالها من جهات حكومية لانجاز مهمة نفذت علي أكمل وجه)وهكذا بعد عشر سنوات من التسوييف والمماطلة تدخلت المحكمة الدستورية لتعيد القضية الي مجري العدالة فكم ينتظر اؤلياء الدم في أحداث سبتمبر حتي تبدا أم أنهم يرضخون لضغوط الحكومة فيقبلون بالتعويضات . ماذا يفعل السيد وزير العدل مع هذه الملفات الشائكة ! فهو أمام أمتحان عسير أما أن يتحمل المسئولية الدينية والمهنية والاخلاقية فيمضي في فتح تحقيقات حقيقية وموالاة السير فيها حتي تقديم الجناة للعدالة واما أن يعود من حيث أتي سالما ومسجلا سابقة غير مسبوقة في ظل هذا النظام . أن التعويضات التي درجت عليها الحكومة في مثل هذه الاحداث تفتح أبواب الفساد فالاجهزة الامنية يمكن أن تقتل بلا سبب مادامت لا تخضع للمحاسبة ولا للمحاكمة كما يحصل الان في بعض دول الجوار ,قضية أحداث سبتمبر ليست في التعويضات ولكن في القتل بهذه الطريقة فالحل في كشف الحقيقة لئلا تتكرر مثل هذه الحوادث ولتعزيز سيادة حكم القانون . بارود صندل رجب - المحامي [email protected]