ظل الأستاذ حسن إسماعيل يدافع عن عرينه بضراوة نالت استحسان الكثيرين ممن يصطفون وراء راية المعارضة، بل إنه في أغلب الأوقات كان يتجاوز منطقة الدفاع ليقود فريقه لمهاجمة الخصم مستفيداً من الثغرات ومواطن الضعف حتى صار نجماً وسط ثلة من الكتاب أصحاب الرأي السديد رغم انه ينتمي لحزب لا يجاهر علناً بمعارضة الحكومة. ولكن يبدو أنه لتقديرات درسها جيداً، وافق على أن يكون ضمن الطاقم الوزاري لولاية الخرطوم فجأة وبلا مقدمات. وما إن تصدر اسمه قائمة الوزراء حتى انبرى له كثيرون بين معارض لا يريد له التخلي عن دور الناصح والمحلل لمجريات الأحداث وبين موافق لا يرى عيباً في مشاركته الحكومة باعتبار أن أغلب أحزاب المعارضة والحركات المسلحة تحاور أو لا تمانع في المحاورة بهدف الوصول لكلمة سواء تفضي بها للمشاركة وابتداع الخطط التي تعيينا على الخروج من النفق المظلم. ورغم أن موافقة الأستاذ حسن جاءت كالهدف الذي ينتج عن هجمة مرتدة فالذي يهمني كثيراً في خضم سيل الانتقادات والمباركات، معرفة اختصاصات ومهام وزارة الحكم المحلي المضافة لحكومة الولاية والتي تم تسكينه فيها. هل هي وزارة ترضية لحزب الأمة القيادة الجماعية أم أن أداء الولاية ينتقص بحق لدورها في الارتقاء بالخدمات؟ حاولت جاهداً أن أجد تفسيراً لاستحداث هذه الوزارة، فإن كانت هي ضرورية ضمن تشكيلة الحكومة الاتحادية لرسم السياسات باعتبار أن الولايات شكل من أشكال الحكم المحلي الذي يتمتع لحد ما بقدر من الاستقلالية، فأين إذن الحكم المحلي داخل ولاية الخرطوم؟ هل يتوفر أي شكل من أشكال الحكم المحلي في الخرطوم وامدرمان وبحري بالقدر الذي يتطلب انشاء وزارة له بالولاية؟ وهل سيكون معتمدو الرئاسة ضمن هيكل الوزارة الوظيفي أم سيكونون تابعين للوالي مباشرة حيث في هذه الحالة يبرز تساؤل عن مهام الوزارة، وهل ستعنى بأمر المجالس التشريعية واختصاصاتها دون أدنى اعتبار لسؤال الخدمات الذي من المفترض أن يكون الشاغل الأول للولاية؟ لا بد أن تكون هنالك بعض الرؤى المساندة لاستحداث الوزارة وذلك ما كنا نتوقع تسليط الضوء عليه مباشرة بعد إعلان التشكيل الوزاري لنكون على بينة من الأمر. وإذا غاب ذلك في زحمة التشكيل الذي استغرق شهوراً، فإن من مهام وزير الحكم المحلي أن يميط اللثام ويملكنا الحقائق ويطلعنا على المهام التي تقع على عاتقه. وبتأمل جلوس الأستاذ حسن على طاولة الاجتماعات جنباً إلى جنب مع وزراء لم يترك لهم من قبل شاردة أو واردة إلا وتناولها نقداً، نتساءل عن كنه الحال؟ هل سيتخلى عن منطقه الناقد سابقاً ويلتزم الهدوء تسليماً برأي الأغلبية أم سيكون صوتاً معارضاً حتى لو لم يخرج عن قاعة الاجتماعات؟ للأمانة أقول إن الأستاذ حسن في كتاباته النقدية كثيراً ما كان يطرح البدائل ويتلمس الحلول، وعليه آمل أن يعكف على تبني ذات الآراء والعمل على إقناع الآخرين بها. وإذا كان الأستاذ حسن قد ألمح بعدم توقفه عن الكتابة ولو أنها ستكون غير راتبة كما قال في آخر مقال له بعنوان (الله المستعان) فإننا نتطلع لسماع صوته الجديد وليكن تحت عنوان (هذا فعلي) بدلا عن (هذا قولي) إذ لا نستطيع اسقاط كاتب اعتدنا على مطالعة حروفه وقراءة ما بين سطورها. [email protected]