عندنا في دولنا المتخلفة ؛ هناك نظرة دونية لبعض الفنون خاصة عندما تمتهن ؛ فمن يحضر دكتوراة في الموسيقى يسخرون منه ويقولون (عامل دكتوراة في الموسيقى) ومن يمتهن الرسم وغير ذلك ، تجد أن كليات هذه الفنون من أدنى الكليات من حيث الاقبال عليها. ناهيك عن بعض المهن الأخرى كالطباخ والحلاق وغيره . هذه المهن لا تجد حقها من التقدير ، وذلك في مقابل مهن أخرى كالطب والهندسة والقانون ..الخ. إن النظرة نظرة كليانية للحياة ﻷننا في الواقع لدينا نقص في كيفية عيش الحياة ، إن الإنسان عندنا لا يستمتع بوجوده كبشري ، ولا يعرف قيمة الاستمتاع بالجمال ، وبالتالي لا يعرف تقدير هذه المهن الجمالية . إنه إنسان مباشر ومادي ، مباشر حيث يتناول الأشياء في غاياتها النهائية حتى أنه يكون أعمى عن رؤية الجزئيات الفنية ، ومادي ﻷنه لا يتعلق إلا بالمادة وبالقيمة المادية النهائية لها. ولا يعرف أن القيمة الكلية هي عبارة عن مجموعة منمنمات من القيم . ودعنا هاهنا نحاول تجزئة هذه المنمنمات في فيلم هوليودي واحد ، إن فيلم واحد يحتاج إلى جميع هذه الفنون ، فيتم استقدام أفضل الموسيقيين لكتابة الموسيقى التصويرية وموسيقى التتر، ويؤتى بأفضل الحلاقين لتقديم قصات شعر تتناسب مع الإطار الزماني والمكاني لقصة الفيلم ، ويتم الاستعانة بأفضل الرساميين لوضع خلفيات للمشهد ، وأفضل مصممي الأزياء لتصميم أزياء الحقبة الزمنية التي يدور حولها الفيلم ..الخ. ويحصل هؤلاء المبدعون على أجور عالية ﻷنهم يقدمون أفضل ماعندهم من فنون . إن الإنسان في دولنا كلياني فهو يستمتع بالفيلم دون أن يلاحظ جماليات هذه المنمنمات إنه يعتقد أن الفيلم كتلة واحدة فقط ، وهكذا الحال في الصناعات الأخرى فهو لا يعلم أن هناك مصممين ورسامين وميكانيكيين وخلافه ساهموا في صنع هذا الفيلم. ومن ثم يستهين بكل هؤلاء المبدعين خارج السينما ؛ ﻷنه لا يلاحظهم داخل الفيلم ملاحظة مباشرة . إن نظرتنا للجمال قاصرة جدا بقصورنا الثقافي والسياسي والاجتماعي ، وبالتأكيد الاقتصادي .. فنحن دول مستهلكة لا تعرف صعوبات ومنمنمات الانتاج الجمالي. [email protected]