يبدو ان استخدام الدين فى العمل السياسى وحشر السياسة فى الدين من قبل جماعات الاسلام السياسى وازيالهم من الطائفيين بغرض التكسب الدنيوى الرخيص والمتاجرة باسمه قد شكل فصل جديد من فصول الصراع الطائفى والطبقى والمجتمعى فى الدول العربية والاسلامية بصورة خاصة والعالم بصورة عامة . فالحرب التى تدور رحاها فى اكثر من جبهة من جبهات القتال فى السودان بسبب صعود الاسلام السياسى الى السلطة والتى سبقت ثورات الربيع العربى التى كشفت هى الاخرى الزيف والثوب المهترئ الذى تددثر به حركات الهوس السياسى واغراضها السلطوية الاستبدادية، وهنا تجلت الحقائق التى مورست باسم الدين والتى كان الغرض منها استغلال الشعوب وعاطفتها الدينية من اجل السلطة والجاه والمال واذلالهم وتخويفهم وتخديرهم بالخطب الدينية الجياشة وشعاراتهم الغشاشة . التى اثبتتها وقائع تجربتهم المريرة فى الحكم والتى تحمل فى مجملها ممارسة كل الموبقات التى نهانا عنها الاسلام من غش ونفاق وقتل النفس التى حرمها الله واكل اموال الناس بالباطل واشاعة الفاحشة والفساد بين الناس . *لاشك ان الدين هو منهاج لتقويم الفرد وتنظيم المجتمع .. اما استغلاله لغرض دنيوى رخيص فذلك يمثل قمة الانفصام والعزلة والانكفاء على الذات لجهة ان الاسلام السياسى ظل ولا زال تسيطر عليه عقلية الاقصاء وروح الانتقام وشيطنة الاخر وتكفيره . *الشاهد ان تجربة الاسلام السياسى فى الحكم افرزت نتائج سالبة للغاية فى كل الدول التى تجرعت كأس مرارتها وعلى رأسها السودان . رحم الله المحجوب عندما انبرا وواجه زعيم الاسلام السياسى حسن الترابى وقال له ياحسن انى لا اخشى تبسمك ولا احلامك فتبسم ما شأت ان تتبسم واحلم مايحلو لك ان تحلم ولكنى اخشى ان تعتلى يوما فيه السلطة انت او احد اتباعك فحينها سيفقد المواطن السودانى كرامته ويتفتت السودان وصدق تنبؤ المحجوب عندما مارس حكامنا اصحاب المشروع الحضارى اقصى انواع الاذلال الممنهج للشعب السودانى ومنتهى الحرفية والفلهوة فى سرقة ثرواته ونهب امواله اضافة الى سعيهم وتنفيذهم لتفتيت البلاد وتقسيمها عندما ذهب الجنوب ويعملون على طرد الجنوب الجديد ممثلا فى ولايتى النيل الازرق وجنوب كردفان من الخارطة السودانية الجديدة ، وبكل تأكيد ليس لعيب فى الاسلام الذى يستظلون بظله ويحكمون باسمه وهو برئ منهم براءة الذئب من دم بن يعقوب ، ولكن لسوء استخدامه فى السياسة والاستمرار باسمه فى السلطة ونهب الثروات وقتل الابرياء واغتصاب الحرائر بأسمه *فى اعتقادى الدعوة لفصل الدين عن مؤسسات الدولة دعوة تؤمن طهارة الاديان السماوية عن الاستخدامات الدنيئة الخبيثة وتؤمن كذلك بان الدين هو لترقية الوجدان البشرى فى تعامله مع الاخر ، اذ لم يعرف الاسلام ولا الاديان الاخرى سابقا ولا حاضرا ولا مستقبلا دولة دينية او حاكم هو سلطان الله فى ارضه . لذلك دعونا نؤمن ايمان كامل بفصل الدين عن السياسة فى اى نظام حكم مستقبلى وما يفترض ان تؤسس عليه الاحزاب والكيانات السياسية سواء اكانت هذه الكيانات حاكمة على مستوى الدولة او معارضة على مستوى التنظيمات السياسية . اما الجماعات الدينية فى تقديرى مهمتها اكبر من السياسة وتتمثل فى الدعوة وتوعية المجتمع وتنويره بشؤون دينه فالافضل لها ولغيرها ان تتفرغ لذلك وتدع السياسة لسياسييها والسوق لتجاره والعيش لخبازه . [email protected]