عندما تصطف العربات أمام (طرمبات)البنزين،بالساعات،فهذا يعني وجود أزمة،ولا يحتاج الأمر لكبير عناء لمعرفة ان سبب الأزمة هو شح البنزين أو انعدامه في محطات الخدمة. وإذا عرفنا ان شركات توزيع البترول تأخذ احتياجاتها بصورة دورية من مستودعات مصفاة الجيلي،بالطن بالنسبة للبنزين والجازولين،والمحروقات الأخرى،حيث تضخ المواد البترولية لمستودعات الشركات،والتي بدورها لها برنامج توزيع يومي لمحطات الخدمة التابعة لها بالعاصمة والأقاليم إضافة للزبائن الآخرين أفراداً كانوا ام جهات،فإن الأزمة لا تحدث إلا عندما لا يكفي المخزون بمستودعات المصفاة لسد حاجة شركات التوزيع. عندها يتم تقليل حصص الشركات،أو الاعتذار عن ضخ البترول لها لانعدامه،والمعلومات لا تخفى في هذا الشأن،فسريعاً ما تخرج من أسوار مصفاة الجيلي،إلي حيث وكلاء التوزيع،وفي كل وقت هنالك من يستفيد من حدوث الأزمة،بينما الضرر يصيب الغالبية من أصحاب المركبات الذين أهدروا وقتهم في الإنتظار،أو الركاب المطالبين بدفع فئات للنقل أعلى من ذي قبل،لأن البنزين أو الجازولين غير متوفر إلا في السوق الأسود بأسعار عالية. أما كيف تتسرب المواد البترولية للسوق الأسود،فتلك حكاية طويلة،تعرف من خلال البنايات الفارهة في المنشية،وكافوري،والتي مولتها العمولات وفروقات الأسعار،وعند الصينيين الخبر اليقين. بيد أن أزمة الوقود في التفسير الحكومي،لا تعني غير خلل بسيط في سياسة التوزيع،بحيث يراد لنا أن نصدق أن زحمة السير تسببت في تعطيل تناكر الوقود،فلم تصل للمحطات في الموعد المناسب،ياله من تفسير،وما هو الزمن المناسب؟والكل لا يجد البنزين نهاراً أو ليلاً!! ومن تفسيرات السدنة الأخري لأزمة البنزين أن هنالك(هلع)أصاب أصحاب العربات،فصاروا يشترون البنزين بكميات كبيرة،للتخزين،لكنهم لم يقولوا لنا سبب الهلع،أو من أين يجد الناس المال الكافي لشراء البنزين وتخزينه،وهو غالي الثمن،وفي كل أزمة اقتصادية ترفع الحكومة سعر البنزين،من أجل تمويل المليشيات العسكرية..أما لماذا تنفق الحكومة المليارات على العسكرة والأجندة الحربية..فالإجابة نعرفها من النسبة الضئيلة لمن شاركوا في انتخابات البرلمان الحكومي،وهي لم تتعد 13% من الناخبين..ومن تزوير إنتخابات النقابات واتحادات الطلاب كيما تصعد عناصر المؤتمر الوطني،ومن الغضب المتنامي في صدر الشعب ضد طغمة الفساد. في كل مرفق حكومي يتبدى الفشل وسط التبريرات الساذجة،فأزمة الكهرباء بسبب عدم الترشيد،وأزمة المياه بسبب انقطاع الكهرباء،وأزمة السكر بسبب مصانع الطحنية،ولم يبق إلا أن يقال أن المعارضة (خزنت)الكهرباء حتى يثور الناس ضد الحكومة. ستظل الأزمة البترولية تدور بأشكال متعددة،اليوم البنزين،وغداً الغاز،وبعد بكرة الجازولين والفيرنس،والأزمة نفسها نتاج سياسة نفطية معيبة،لم تضع حساباً لليوم الأسود(وهو يوم انفصال الجنوب)،ولم تستخدم عائدات النفط لتطوير قطاع البترول،أو إيجاد البدائل كاستخراج واستغلال الغاز مثلاً،وظل الجميع في نهبهم يتنافسون،حتي إذا جاءت الأزمة أقبل بعضهم على بعض يتلاومون،وذهبوا إلي الصندوق الدولي وهم(يتمحلسون). [email protected]