وضحنا في المقال الأول تاثير التغييرات المناخية في درجة حرارة كوكب الأرض وعلى كمية ونوعية المياه و نتعرض لأهمية إدارة المياه وفي هذا المقال. تشكل الإدارة المتكاملة للموارد المائية خياراً استراتيجياً لكافة أنشطة التنمية الإجتماعية والإقتصادية والبيئية المتصلة بالمياه. وفي ظل المناخ الدولي الذي يتم فيه الإعتراف بالقيمة الاقتصادية للمياه، لا يمكن تحقيق المردود الاقتصادي للاستثمارات الزراعية المرتبطة بالمياه إلا في حال زيادة إنتاجية هذا المورد وحسن وتكامل ادارته . .تم تحديد وارساء اسس التوافق على مبدأ الإدارة المتكاملة للموارد المائية في المؤتمر الدولي الذي عقد في كوبنهاجن في نوفمبر من عام 1991 والمؤتمر الدولي للمياه والبيئة الذي عقد في دبلن في يناير من عام 1992 وفي مؤتمر دبلن تمت صياغة مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائيه على النحو التالي : 1-المياه العذبة مصدر محدود وناضب وحيويّ لاستدامة الحياة والتنمية والبيئة؛ 2-يجب أن تقوم تنمية الموارد المائية وإدارتها على نهج تشاركي يشمل المستخدمين والمخططين وصانعي السياسات على شتى المستويات؛ 3- تلعب المرأة دوراً أساسياً في جلب المياه وإدارتها وصيانتها؛ 4- للمياه قيمة اقتصادية أياً كانت استخداماتها وينبغي الاعتراف بها كسلعة اقتصادية. وشكّلت هذه المبادئ منطلقاً للوثيقة الرئيسية التي دارت حولها مناقشات قمة الأرض في ريو دي جانيرو في يونيومن عام 1992 بالنسبة إلى مشاكل المياه. ووافقت جميع الدول خلال المؤتمر على المبادئ التوجيهية للعمل المنسّق للتحكم بالموارد المائية وإدارتها وأدرجت في وثيقة أطلق عليها اسم جدول أعمال القرن الحادي والعشرين وأعطت اللجنة الاستشارية للشراكة العالمية من أجل المياه التعريف التالي للإدارة المتكاملة للموارد المائية: "الإدارة المتكاملة للموارد المائية هي عملية تتيح التنمية المنسّقة للموارد المائية البريّة وغيرها من الموارد ذات الصلة لتحقيق أكبر قدر من الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عنها وذلك بشكل منصف لا يؤثر على استدامة النظم الأيكولوجية الحيوية". وتعتبر الإدارة المتكاملة للموارد المائية الإطار الأنسب من أجل "إدارة سليمة للمياه". وبالفعل، فإنّ السياسات الخاصة بالمياه لدى العديد من الشركاء في التنمية أو مؤسسات تمويل التنمية ومن بينها البنك الدولي ومصرف التنمية الأفريقي والاتحاد الأوروبي وغير ذلك من المؤسسات، يشددون على ضرورة إرساء إطار للسياسات العالمية الخاصة بالمياه وإلغاء الطابع المركزي لإدارة الخدمات وزيادة مشاركة أصحاب الشأن، أي بعبارة أخرى التوصل إلى إدارة متكاملة للموارد المائية. التي ينبغي معاملتها على اعتبارها سلعة اقتصادية حيثما تخدم المصالح الاقتصادية لكن دون التغاضي عن طابعها الاجتماعي أيضا وكما وضحت في مقالي السابق أنه في عام 1997 أصدرت الأممالمتحدة تقريراً عن تقييم المصادر المائية العذبة في العالم وقد ناقش التقرير أربعة محاور رئيسية هي : * تحديث قاعدة البيانات الخاصة بالموارد المائية واستخداماتها على المستوى القومي (National-level database) * التوقعات المستقبلية لإستخدامات المياه للفترة 2025- 2050 *المشاكل والضغوط التي تواجه موضوع المياه . *تقييم الإستراتيجيات والخيارات للتنمية المستدامة للموارد المائية على نطاق العالم . وفي ظل حدوث تغيّرات مناخية سيقل سقوط الأمطار وعدم انتظامها واختلاف مواقيت هطولها وارتفاع درجات الحرارة كما تشير الدراسات العالمية مما يزيد الطلب على المياه بينما تقل الموارد في الوقت الذي تسود فيه الاستخدامات غير المرشدة والتكنولوجيات غير المناسبة التي تنشأ عنها فواقد كثيرة خصوصاً في الزراعة لذلك فإن الندرة المائية تدعو إلى النظر في أخذ القيمة الاقتصادية للماء في الاعتبار والعمل على تعظيم العائد الاقتصادي عن طريق زيادة الإنتاجية واختيار نوع حاصلات ومنتجات زراعية ذات قيمة اقتصادية عالية لتحقيق الأمن الغذائي واستخدام نظم الري الاوتوماتيكية الحديثة ذات الكفاءة العالية وتحديد الاحتياجات المائية للمحاصيل بطريقة علمية دقيقة باستخدام النظريات والمعادلات الحديثة . إنّ الري لا يزال، في عدد كبير من البلدان الأفريقيا والسودان بوجه خاص، عاملاً أساسياً في أي استراتيجية ترمي إلى زيادة الإنتاج الزراعي بشكل مستدام بما يلبي الاحتياجات الغذائية المتنامية ويسهم في الناتج المحلي الاجمالي ويمكن من خلال زيادة كفاءة الري وإنتاجية المياه في الزراعة المروية في المشاريع الحالية مثل مشروع الجزيرة والرهد والسوكي وحلفا الجديدة ومشاريع السكر و تطوير المؤسسات القائمة على إدارة المياه وتحقيق النظم الرشيدة من خلال اصلاح السياسات وتحديث القوانين واللوائح يمكن تحرير كميات كبيرة من المياه لاستخدامها في توسيع نطاق الأراضي المروية.. إن التقييم الشامل والدقيق لمصادر المياه المختلفة والطلب عليها لتلبية احتياجات الأغراض المختلفة على المديين القصير والبعيد والاخذ بعين الاعتبار تأثيرات التغييرات المناخية والحد من المخاطر والتقدم العلمي والتكنولوجي المتوقع، وتحديث تصميم النظم وطرق الري الذي يمكن أن تساهم في زيادة كميات المياه المتاحة وترشيد استهلاكها وحمايتها. وإدارة العرض (المصادر) والطلب من خلال التركيز على تحقيق التوازن ما بين الموارد المتاحة والطلب عليها.. كل هذا يساعد على الادارة المتكاملة للموارد المائية وقد بينت في مقال سابق بعنوان مشكلة الري بمشروع الجزيرة ) جريدة الصحافة )أن السودان يملك ذخيرة كبيرة ومؤهلة من الخبراء والعلماء في مجال هندسة المياه وتصميم وادارة نظم الري ومن الدراسات والبحوث والتجارب في تقييم وتقويم النظم ما يساعد في تحقيق اهداف الادارة المتكاملة للموارد المائية وإذا جاز لي ان اقترح في هذا المجال فأرى : 1- اهمية تحديث نظم الري بالمشاريع المروية الحالية( الجزيرة والرهد وحلفا الجديدة ومشاريع السكر) وذلك بادخال نظم الاوتوماتيكية)Computarized systems - SCADA التحكم الكلي وشبه الكلي في حركة المياه وإدرة نظم الري( استجدام برامج الحاسوب 2- إعادة النظر في الاحتياجات المائية للمحاصيل خاصة انها بنيت على الدراسات التي اجريت بمحطة ابحاث الجزيرة وغيرها من محطات البحوث في مجال محدود وقد تغيرت الظروف المناخية والتركيبة المحصولية . 3--تغيير الطرق التقليدية في تصميم نظم الري مثل القنوات الترابية المكشوفة في توصيل ونقل المياه والتي ما عادت تناسب الظروف الحالية والتي اثبتت التجارب على تدني كفاءتها وارتفاع تكلفة صيانتها وتراكم الطمي الحشائش والتفاع الفاقد من المياه بسبب التبخر واستبدال ذلك النظم بتبني النظم المغطاة- خاصة بعد التطور في صناعة الانابيب البلاستيكية - في المشاريع المستقبلية مثل مشروع كنانة والرهد - الكبير بعد الانجاز والحلم الكبير الذي تحقق بتعلية خزان الروصيرص- وانشاء خزان اعالي عطبرة (خزان سيتيت ) مع ادخال اجهزة التحكم الاوتوماتيكي في ادارة المياه .والتحكم في انظمة الري National council for water resources4- اعادة النظر في تكوين وتوسيع مهام المجلس القومي للموارد المائية ليكون معبراً عن التعريف الشامل لمفهوم الإدارة المتكاملة للموارد المائية المذكور اعلاه خاصة وان مفهوم مصطلح الري يشمل الموارد المائية ووسائل وطرق نقلها من المصدر واضافتها للتربة مع اختيار نظام الري المناسب وتحديد الاحتياجات المائية للمحاصيل واستخداماتها ونوع النبات والتربة والظروف المناخية الخ وبالله التوفيق وحسن المقاصد بروفيسور محمود حسن أحمد الاستاذ بجامعة الجزيرة وجامعة الامارات سابقاً AECOMواستشاري الري بشركة ايكوم العالمية فرع دولة الامارات العربية المتحدة Mobile : +971509335689 [email protected]