٭ قال لي أستاذ جامعي صديق حين علمت أن أجر الفنان لإقامة حفل عرس يستمر لمدة ساعتين فقط يصل إلي الملايين، تمنيت لو أن أحد أبنائي صار فناناً، وأضاف أنا الآن أعمل استاذاً في إحدى الجامعات الكبرى، إلا أن الأجر الذي أتقاضاه في محاضرة تتجاوز الساعتين لا يتعدى الثلاثمائة جنيه، وواصل ضاحكاً أتمنى من وزارة التعليم العالي أن تعمل على زيادة أجور أساتذة الجامعات، حتى لا يفكر البعض منهم في الوقوف على مسارح الغناء منافسين لأحمد الصادق وشقيقه حسين. ٭ عاتبني أحد العرسان قائلاً : إن حلاوة أغنية (العنبة) دفعت به لقضاء شهر العسل في مدينة كسلا الخضراء، وقال إنه بمجرد أن وطأت قدماه أرض مطارها ذهب صباحاً لزيارة منزلي في مدينة الختمية ليرى بعينيه (العنبة الرامية فوق بيتنا) ولكنه لم يجد لها أثراً، فواجهني قائلا أرى أنك قد كتبت أغنية في شكل كذبة بيضاء إنخدع بها الكثير من زوار مدينة كسلا، فقلت له: ليس بالضرورة أن تكون الأعناب متدلية من أغصانها فهناك أعناب تتدلى من القلب إلى العيون لا يراها كثير من الناس. ٭ وأنا أستمع لأكثر من خمس أغنيات قدمها فنان من الدرجة الثالثة بإحدى الصالات، شعرت بما يشبه اللطم على وجهي، حين مر بي بعد إنتهاء الحفل دون أن يتكرم عليَّ ولو بتحية الإسلام ، مما جعلني أحترق غيظاً، فلحقت به وهو يتجه إلى سيارته الفارهة، ويضع على فمه سيجارة على طريقة الممثل المصري الراحل رشدي أباظة، فبادرته قائلاً: هل تعلم من أنا؟ فأجابني بطريقة جعلتني أتمنى أن أقطع (حلقومه)، لا أعلم من أنت، فقلت له حرام عليك أن تغني لي أكثر من خمس أغنيات ولا تعلم من أنا، ومن يومها امتنعت نهائيا أن أذهب لحفل يقيمه فنان من الدرجة الثالثة. ٭ عادت الوالدة عليها الرحمة إلى البلاد بعد أسابيع قضتها معي بدولة الإمارات وهي تحمل جهاز تسجيل قدمته لها هدية من قلب أحبها، وبمجرد أن وصلت إلي صالة مطار الخرطوم فاجأها الموظف المختص أن عليها أن تدفع القيمة الضريبية المقررة على الجهاز، فرفضت ذلك بشدة وهي تقول: لقد أهداني هذا الجهاز ابني الحلنقي حتى أتمكن من سماع أغنياته وخاصة أغنياته التي كتبها في مدينة كسلا، فمازحها الموظف قائلاً: لكن من يشهد لنا أنك والدة الحلنقي، فردت عليه مبتسمة : سأغني لكم أغنية (الطير الخداري) للفنان علي ابراهيم فأخذوا يقبلونها على رأسها وهم يفرجون عن جهاز التسجيل. ٭ تأمل رسام إسباني عجوز في وجه زوجته، وقد أصاب وجهها ما أصابها من تجاعيد على الخد ومن شحوب على الجبين فأحس أنه يحتاج إلى رحلة ربيعية يستغلها في رسم عدد من اللوحات فسافر إلى جزر (تاهيتي) فوجد هناك صبية جمالها قاتل، فأخذ في رسمها لمدة شهر كامل، وبعد اكتمال اللوحة نظر إليها مندهشا حيث إكتشف أن الوجه الذي على اللوحة لم يكن وجه تلك الصبية إنما كان وجه زوجته، فعلم أن الجمال الحقيقي ليس في نضارة في الوجه أو نعاس على العيون، إنما هو جمال يتشكل من عشرة سنين لا تؤمن أن للخريف برداً، إنما هو ربيع مستمر. ٭ هدية البستان يا صياد حرام تصطاد ليك حمامة عاشت للمحبة وغنت للسلامة اخر لحظة