الحداثة من أقوالهم قال ديكارت (احد أعمدة الحداثة وشيخها) عن الفلسفة بأنها شجرة جذورها المتافيزيقيا وجذعها العلوم الطبيعة وفروعها الطب والميكانيكا والأخلاق. وقال كانط بأن ليس كل معرفة ناتجة عن التجربة الصرفة، وإنما هنالك أحكام ضرورية كلية. يقول مارشال بيرمان: "أن تكون حداثياً هو أن تكون واثقاً في العقل وتعيش في ظرف يسمح لك بالمغامرة والقوة والمتعة والنمو وتحويل أنفسنا والعالم" ويقول هابرماس بأن الحداثة هي تحرير الذات من المنظور الصوفي والديني للعالم. الحداثة: الآباء المؤسسون قَبْل ديكارت كانت ذات الإنسان تُفْهم كنتاج لقوى وخطط أخرى غيبية – قوى مقدسة. وبتنكره لذلك الأساس القديم حاول ديكارت أن يبني أساساً جديداً للفكر وللوجود فقال "أنا أفكر إذن أنا موجود" ووضع منهجية جديدة للفكر وللوصول للحقيقة. كان بيكون ولوك وديكارت هم الآباء المؤسسون للحداثة وهم الذين حصروا تفكير الإنسان في ذات الإنسان وفي الطبيعة. وعلى نهجهم بنى هيجل وعلى نهج هيجل بنى أصحاب اليسار، متباعدين عن المثالية، فلسفتهم المادية الصرفة. لقد تحول الباراديم القائم على العلوم والتقانة إلى سعي للسيطرة على البشر بطرق عملية مختلفة عن طريق السوق والاستهلاك والإعلام؟ هذه السيطرة صارت هي السمة الغالبة على كل فكر بما في ذلك الفكر الديني (نموذج دريكر). وهو عين ما وقعت فيه الماركسية ونحن نسعى لطرح عالمية لا تسعى للسيطرة بل للتحرير. "انتهت الماركسية إلى كونها نظرية في السيطرة بدلاً من أن تكون نظرية في التحرير وهذا من باب مكر التاريخ". ولا بد ان نذكر ان دوركاييم يرى ان الدين "هو السعي للسلطة" لعله قرأ ذلك من مسيرة تاريخ الاديان. هكذا اكتسبت العلوم والنظر العقلي الصرف سلطاناً وقوة على مر القرون الحديثة: يقول د. هشام عمر النور في سياق مختلف: "امتداد السيطرة إلى خارج المجال الطبيعي أمر متسق عرفياً لأن فلسفة الهوية في عصرها ذلك كانت نموذج paradigm المعرفة. وهو ما يفسر صعود العلم الطبيعي وصيرورته النموذج المثالي لهذه المعرفة". وهكذا خضعت العلوم الإنسانية هي الأخرى للعقل العلمي المحض فيما يعرف بجدلية الموضوع والموضوع. وفي رأينا هذه الاشكالية الوجودية المعرفية لا حل لها الا بإدخال جدلية أخرى عليا هي جدلية الموضوع والذات ثم جدلية الغيب والشهادة التي بشر بها الحاج حمد والتي ندعو لها كذلك. [email protected].com