ألقت قارئة نابهة - نورد الحرف الأول من إسمها (ن)- ،ألقت برسالة في بريدي الإكتروني، وأدلت فيها بدلوها في أعماق مواضيع إجتماعية متلاطمة بزخم ،فهذه المرة، نتناول إحدها، وقد إستعرت منها العنوان أعلاه،فهناك العديد من الظواهر التي طفت على سطح حياتنا العامة مؤخراً ،وصارت كنار أضرمت على حين غفلة، وشرعت تأكل في قيم مجتمعنا كما تأكل الهشيم،وأكثرها إيلاماً،ظاهرة نشر المشاكل و الخلافات الزوجية على الملأ، وخاصة أمام الركاب في الحافلات،وقلما تسلم أذنيك، وأنت على متن حافلة من القصص و الحكاوي الأسرية الخاصة جدا، و هي تدك طبل أُذنيك دكاً دكاً ،وبات في حكم المعتاد، أن يفجر أحدهم، مشكلته مع رفيقة دربه على متن الحافلة، فيصيب من يصيب بالذهول، وتشتعل على إثرها فوضي تتداخل فيها النصائح العفوية و التحريضية معا،ويجدها البعض متنفسا مفاجئا،فيبثون ما يضج داخلهم بثا مباشراً ، ويحدث ذلك دون حياء، أو إكتراث لولئك الطلاب الممسكين بمذكراتهم للتركيز، عسي و لعل، يظفرون بمعلومة وهم أدني من قاب قوسين من الإمتحان،وكذلك لا يعيرون بالاً للاطفال الصغار،فهؤلاء الصغار، من حقهم العيش في جو عام معافي، من كافة أشكال التشنجات الشخصية والأهواء المريضة،فالحياة الزوجية أسرار و عشرة طويلة ضفافها قد تنتهي عند الحياة الآخرة،نعم، حياتنا صارت ضاغطة تصاعديا ولا يخلو بيت سوداني من هذه الصعاب الحياتية ،وهذا لا يعطي مبرراً للمتزوجين و المتزوجات "فش" غبينتهم جهراً،ونسف عشرة العمر الطويلة و الخاصة جداً أمام الجموع، بمجرد وقوع خلاف بسيط، كان بالامكان حله في كنف الأسرة، و بين الزوجين فقط، لا في الحافلات العامة، بل حتى بعضهم، لا يتورع عن الحديث عن مشاكله الاسرية، في أي مكان يجتمع فيه حتى ولو ثلاثة أشخاص، و كأنما يتصيد مثل هذا الشخص آذان الناس ليحشر فيها مشاكله مع زوجته حشراً،ليس بغرض البحث عن حلول، بل صارت هواية، للأسف الشديد، إحترفها رجال كثر...فصار معهودا أن تسمع قائل: " والله النسوان ديل، أصلا ما فيهم فائدة ،وما بحفظن ليك الاّ الشين " أو من شاكلة من تقول " مخير الله ،رجال آخر زمن ،إنتو وقت ما قادرين شالين ليكم مسئوليه ليه؟؟!!" فكل هذه الملهاة، تدور في مسرح الحافلة المتجدد بالركاب بين الفنية و الاخرى ، بل يذهب البعض حتى الي الخصوصيات الخاصة جدا ... دون حياء أو إعتبار لمن حوله من قصر وناس محترمين. . فكل هذه المعطيات،تنادي بضرورة تنظيم دورات للمتزوجين و المتزوجات عن ضرورة وأهمية وكيفية حل المشاكل الأسرية الحفاظ على كيان الأسرة و أسرارها،فعلي وزارة الرعاية الإجتماعية الإضطلاع بهذه المهمة، حفاظا على قيم المجتمع من الإندثار،فمؤشرات الطلاق وفقا للاحصائيات الرسمية مقلقة جدا،وكذلك على الدعاة، ومن في حكمهم، التركيز بالحديث عن حرمة إفشاء الاسرار الأسرية، عن مسائل حيوية ومفيدة لا التخويف بالثعبان الأقرع، وأن التعدي على مسامع الغير وتلويث ذاكرتهم السمعية بتخاريف يناقض مبدأ الشرع في حفظ الاخر، مهما قست الدنيا، وطال جدار الصمت بين الزوجين. عمود معطيات بصحيفة المستقلة الاحد 26 مارس 2017 [email protected]