أعد جيفري جيتلمان تقريراً نشرته صحيفة نيويورك تايمز، خصصه للحديث عن تعهد جوزيف غاتيونغ خان البالغ من العمر 26 عاماً بعدم البكاء خلال توجهه إلى البلاد لأول مرة، وهو يقود سيارته الفاخرة. حيث لم يرَ والديه منذ عقدين، ولم تطأ قدماه قريته منذ أن غادرها حافي القدمين إبان الحرب الأهلية. وقصته مكررة بالنسبة لآلاف الأولاد السودانيين الذين حطمهم الصراع والمعروفون باسم الصبية الضائعين «لوست بويز». حيث تم فصلهم عن عائلاتهم وأجبروا لعبور الصحارى والأراضي العدوانية، وأحياناً ما تمت مطاردتهم كي يصبحوا جنوداً، وهم في سن صغيرة. إلا أن الآلاف منهم، أمثال السيد خان، استقر بهم الوضع في الولاياتالمتحدة، حيث واجهتهم مشكلة اخرى وهي الاندماج. فقد قضى خان السنوات السبع الأخيرة في العمل بكازينو ليلاً، والتعلم بجامعة أيوا. إلا أنه عائد للسودان الآن، حيث يشهد الجنوب السوداني منعطفاً في رحلته التاريخية. وسيتوجه الجنوبيون في 9 يناير المقبل للتصويت في استفتاء الانفصال عن الشمال وتشكيل دولة مستقلة. وتأتي الانتخابات كنتيجة لنضال دام 50 عاماً قتل خلالها مليونا شخص. ففي دارفور مثلاً، قامت الحكومة بقهر المليشيا الشعبية للقيام بأعمالها القذرة، في حين هدمت المليشيا المحلية القرى، واغتصبت النساء وذبحت الرجال واختطفت الأطفال لبيعهم كعبيد. وعدد قليل من الأشخاص ينسى ذلك، إلا أن الاستفتاء سيتم وسيسفر عن خط جديد على الخريطة الأفريقية. هذا وقد أقيمت مواقع للتسجيل في الولاياتالمتحدة وأوروبا وأستراليا للسودانيين المقيمين بالخارج، إلا أن الصبية الضائعين يتدافعون إلى السودان للإدلاء بأصواتهم في الوطن. ويقول فالانتينو أتشاك دينغ، الذي سرد معاناته في كتاب تحت عنوان «ما هي كلمة ما»، إننا نريد أن نكون في السودان لنشعر بالرابط، وننظر إلى القبور والتفكر في الشهداء. فكل ذلك كان من أجل شيء واحد، وهو تقرير المصير. إلا أن عودتهم إلى البلاد تمتزج بالازدواجية والحيرة والخوف، فهل سيسمح الشمال للجنوب بالانفصال. وهل ستندلع هناك حرب أخرى؟، وهو ما يخيف السيد خان. ومدينة جوبا، التي شهدت توقيع معاهدة السلام منذ خمسة أعوام، تشهد إقامة وزارات جديدة وطرق جديدة ودبلوماسيين وعمال إغاثة جدد يتدفقون عبر مطارها الصغير. إلا أن ما يقلق السيد خان هو عدم المساواة وانطلاقات سيارات هامر بالمدينة المكتظة بالأكواخ والتذمر المستمر من السياسة القبلية. ثم سافر السيد خان إلى مدينة بنتيو الغنية بالنفط، حيث إن مشكلة البلاد أن %75 من نفط البلاد يتم إنتاجه في الجنوب، إلا أنه يتدفق عبر خطوط أنابيب إلى الشمال، بما يعني استمرار اعتماد الجنوب على تصدير الخام إلى الشمال. ¶ نيويورك تايمز ¶