لجأت اليوم 12يونيو لقراءة مقالة د. نبيل أديب حول العون القانوني وقد ورد في عدد الأحد 11يونيو وهي من المواضيع الطويلة و التي أنسب للمجلات - و للمحكم منها ولكن يبدو د. نبيل من المهتمين بالارتقاء بثقافة المواطن القانونية مما يمكنه من معرفة حقوقه وهذا مما يحمد له.إذ عدم الالمام بالقانون لا يعفي من العقاب ! وقد يكون من الطريف إيراد ما ذكره أحدهم و كان علي صلة بالفنان عزالدين عثمان - وهو فنان تشكيلي و متميز في رسوم الكاركاتير وله بصمة تعرفها ! فقد أُوكلت إليه مهمة كتابة الدستور خطاً بيده ليتم تقديمها لنميري. أنجز الفنان مهمته علي أفضل ما يكون و لما يحصل حقوقه ! و ذلك كان أول خرق لدستور نميري -و هنا يتم تفصيل الدستور لارضاء الحاكم وهو حاكم غير مرضٍ ! لذلك نظل في حلقات الدستور المفرغة حولها ندور ! لا نُحصل حقوقاً أو نجد عدلاً. فهلا أخذنا بأفضل دستور في العالم و أتخذناه دليلاً للحكم و الاستقرار و نسعي لتوطينه تماماً مثل التكنولوجيا و العلوم . و ما أروع دستور ولايات أميركا المتحدات ! الرئيس هنالك لا يمكنه تجاوز الدستور! وهو ما نشهده الآن . الأستاذ المحترم د. نبيل رجل قانون به خبير و هو يؤدي مهمة كبيرة و كأنه يعيش في بلد به دستور محترم أو قوانين جيدة و كأن به رجال يهتمون بحقوق الناس و مصالحهم و هي بينة جلية! حتي لو تعرضت حرياتهم للخطر و حياتهم للعسف . عندما تهيمن الدولة علي كل شئ ، كما هو الحال في عالمنا الثالث !و تجد كل المؤسسات تحت هيمنة الحاكم – لا حرمة أو حصانة لأحد في وجه ذلك الحاكم ! بما في ذلك الأجهزة العدلية و أجهزة تنفيذ القانون و جهاز المظالم و الحسبة "الأمبودزمان" ولعل الجميع قد سمع تهديد مدير جهاز الأمن السابق و هو يتوعد المعارضين بتكسير الأيدي و الأرجل ! و من سخرية الأقدار سرعان ما سمعنا عن تعرضه لعسف ذات السلطة التي يُدافع عنها ! وشاهدنا صحفياً لا يحمل سلاحاً و رجل قانون من كبار سدنة النظام وهما يُعرضان في التلفاز و وجوههم كدمة ! ضربٌ للقراح حتي تعي الجمال ! عندما نجد الأجهزة العدلية تتنافس مع أجهزة الدولة الأخري في وضع الرسوم علي إجراءات التقاضي فهي بذلك تدفع الناس لترك حقوقهم ! وإليكم بعض الأمثلة: 1- المحكمة العليا وضعت شرطاً للمحامين الذين يقفون أمامها- بألا تقل خدمتهم عن عشرين عاماً 2-وضعت رسماً بلغ 2مليون جنيه بالجنيه القديم نظير عرض أية قضية ! 3عند السعي لفرز أي تركة و تحصيل الحقوق ، علي الورثة دفع مبلغ كبير ، لعله يصل إلي 3% من قيمة الورثة – ويدفع قبل بدء أية إجراءات. أليس من المنطق تحصيل ذلك المبلغ بعد إنتهاء الفرز و تحديد الأنصبة و البيع ؟ خاصة و قد لا يتوفر المال للورثة. 4- حتي يضمن المواطن حقه في التقاضي ، عليه أن يثبت إعساره بشهادة فقر من اللجنة الشعبية أو المحكمة ! و يعرف الجميع فقر أهل السودان – فقد إستمعتُ قبل أعوان لوزير التجارة الأسبق ب. محمد هاشم عوض و هو يقر بفقر الوزراء في السودان – قياساً بدخل يبلغ دولاراً في اليوم ! كان ذلك الحديث أمام مؤتمر يبحث في الفقر ! و لقد قابل ذلك الوزير ربه و هو فقير و تم إخراج أسرته من البيت الحكومي !! إن إبراز شهادة الفقر فيها من المهانة و الاذلال الكثير و قد تتعارض مع الدستور الذي ينادي بحفظ كرامة الانسان ! يا لبؤس الوضع ! وهل فقرنا يحتاج إلي شهادة ؟؟ أمرٌ علي د. نبيل تناوله دستورياً ، فقهاً و عدلاً ! هنالك أمر نشهده في الغرب ، خاصة في أميركا و هو مبادرة المحامين برفع قضايا أمام تسلط الحاكم مثلما يحدث اليوم في أميركا . وهنالك أموراً أُخري تحدث ، مثل التعدي علي أراضي الدولة و الميادين و حتي أراضي المساكين فهلا تناول الأستاذ الكبير تلك القضايا ! مع موضوع التسويات وهي في تقديري تخل بالعدالة و تشجع علي التمادي في التعدي و السرقة. هنالك قضية ملاك الأراضي بمشروع الجزيرة والتي تطاول أمدها و حدث فيها ظلم كبير – لا أقول من عهد عاد و لكن منذ زمن الاستعمار البريطاني و هم سبب في أخذها و ضياعها من أصحابها الرعاة و المزارعين. و تركتهم لحكومات لارحمة لها -عُرضة للبلهارسيا و الملاريا و الفقر.تجد الرجل في منطقة مشروع الجزيرة يملك مائة فدان و لديه صك ملكية و مع ذلك يشتغل عاملاً مع مزارع و قد تكون أرضه ! فهل هنالك ظلم أفدح من ذلك؟ في تقديري الحكومة البريطانية لديها مسؤلية كبيرة فهي قد بادرت و شجعت مواطنيها علي إستثمار أراضي الأهالي في المشروع و غيرت نمط حياتهم و أفقرتهم . وقد وضع رجلٌ مُنصفٌ منهم سفراً عظيماً حول مشروع الجزيرة أسماه "وهم التنمية " فهلا سمعنا رأي الأستاذ الكبير في كيفية تحصيل المواطنين لحقوقهم من الانجليز بعد أن أصابهم اليأس من بني وطنهم ! ما زال فدان الأرض مؤجراً بمبلغ 10 قروش منذ عقود وعقود!! يُحمد للانجليز أن منعوا بيع الأراضي للأجانب حفاظاً علي حقوق الأهالي في الأربعينيات من القرن الماضي عندما تعرضت أسعار المنتجات الزراعية للكساد و لم تعد الحواشات مفيدة.و في دولة المشروع الحضاري ،يشتري الأراضي بالمشروع النافذون من سدنتها ! للمحامين دور كبير و كذلك للصحفيين و الاعلاميين عليهم جميعاً القيام به – رفعاً للوعي و تشجيعاً للناس لمعرفة حقوقهم و واجباتهم.فلا تقاعس و لا لين أو ضعف .