حصلت «المصري اليوم» على وثيقة مسربة لموقع «ويكليكس» قبل نشرها على الموقع، تكشف عن أن مصر مارست ضغوطا على الولاياتالمتحدةالأمريكية لتأجيل الاستفتاء المزمع إجراؤه يناير القادم في السودان، والذي ترجح تقديرات عديدة أن يؤدي لانفصال جنوب السودان عن شماله. وعرضت البرقية المسربة، التي لم يعرضها الموقع بعد، وتحمل تاريخ أكتوبر 2009، سعي القاهرة لتنبيه واشنطن ل«العواقب المهلكة» التي قد تترتب على اختيار الجنوب الانفصال عبر الاستفتاء. وحسب الوثيقة، فإن مسؤولا بالخارجية المصرية، قال إن الانفصال «سوف يخلق دولة عاجزة قد تهدد قدرة مصر على الحصول على مياه النيل». واقترح المسؤول تأجيل التصويت على استقلال الجنوب لأربع سنوات حتى تصبح لدى الجنوب «القدرة على خلق دولة». وطالما كانت مسألة انقسام السودان مثار اهتمام المسؤولين المصريين، حيث يعتبر السودان حليفا رئيسا لمصر فيما يتصل بالنزاع على تقسيم حصص المياه بين دول النيل. وتخشى مصر أن يتعرض أمنها المائي لخطر جراء الانقسام، فضلا عن تهديده بإخلال ميزان القوى في المنطقة لصالح دول حوض النيل الساعية لمزيد من السيطرة على مياه النهر. وتتهم أثيوبيا، التي تتزعم جهود التفاوض حول أزمة النيل، مصر بدعم المتمردين الإثيوبيين من أجل تعزيز موقفها في النزاع، وهي التهمة التي نفتها مصر صراحة. وتعد إثيوبيا مصدرا ل85 % من مياه النيل، رغم أن لمصر حصة كبيرة من مياه النهر بناء على اتفاقية وقعتها في العام 1929 الحكومة البريطانية، وهو الاتفاق الذي هاجمته دول الحوض بوصفه من «بقايا الحقبة الاستعمارية». وعلى عكس ما نقلته البرقية عن المسؤولين المصريين، قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط في أغسطس 2010 إن استفتاء السودان ينبغي أن يجري في موعده المحدد، وجاء تصريحه بعد لقاء مع نظيره السوداني كمال حسن علي. كما طالبت الحكومة المصرية، حسب الوثيقة، بأن «تقنع الولاياتالمتحدة القادة السودانيين بمخاطر الانفصال، وأن تحثهم على الدعوة للوحدة». وتؤشر التصريحات الصادرة مؤخرا إلى تنافر بين وجهتي النظر الأمريكية والمصرية حول السودان، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي، في نوفمبر إن بلاده رفضت مقترحا مصريا بإقامة كونفيديرالية لإدارة شئون شمال وجنوب السودان، مؤكدا على «حق الجنوبيين في تحديد مصيرهم». وحول العلاقات المصرية الإفريقية بشكل عام، قالت الوثيقة: «تعتبر حكومة مصر منطقة القرن الإفريقي منطقة حيوية بالنسبة لأمنها القومي، وترى أن عدم الاستقرار في تلك المنطقة قد ينجم عنه ارتفاع في موجة اللاجئين الأفارقة إلى مصر، وتهديداً لحصة مصر في مياه النيل، وتأثيراً سلبياً على عوائد قناة السويس والاستقرار الأمني في منطقة البحر الأحمر». المصري اليوم ويكيليكس: مصر ضغطت من أجل تأجيل استفتاء السودان القاهرة (رويترز) - أظهرت برقية دبلوماسية مسربة أن مصر ضغطت في العام الماضي من أجل تأجيل الاستفتاء على استقلال جنوب السودان ما بين أربع وست سنوات لانها تخشى من أن الدولة الجديدة يمكن أن تفشل وأن التقسيم قد يضر بحصة مصر من مياه النيل. وأوضحت البرقية أن تحذيرات القاهرة من أن تصويت الجنوب لصالح الانفصال في عام 2011 يمكن أن تكون له عواقب خطيرة من بينها زعزعة استقرار القرن الافريقي وتدفق المهاجرين على مصر والاضرار بايرادات قناة السويس. ونقلت البرقية التي يرجع تاريخها الى أكتوبر تشرين الاول عام 2009 عن مسؤولين قولهم "النتيجة ستكون اقامة دولة غير قابلة للبقاء يمكن أن تهدد موارد مصر من مياه النيل." ومن المقرر اجراء الاستفتاء في التاسع من يناير كانون الثاني بموجب اتفاق سلام وقع في عام 2005 وانهى حربا اهلية بين الشمال والجنوب. ولم يتسن على الفور الوصول الى وزارة الخارجية المصرية للتعليق على البرقية التي وزعها موقع ويكيليكس على وسائل الاعلام. وتعطل الموقع الالكتروني الخاص بويكيليكس عدة ساعات بعد أن سحبت شركة كانت توجه البيانات خدماتها في ساعة متأخرة يوم الخميس لكن بعض البرقيات نشرت على الموقع الالكتروني لصحيفة الاخبار اللبنانية. وقالت مصر في نوفمبر تشرين الثاني انها لن تعترض على تأجيل الاستفتاء لعدة أشهر. وقالت البرقية -المسربة - الصادرة عن السفارة الامريكية في القاهرة ان المسؤولين طلبوا من الحكومة الامريكية أن "تعلم" زعماء جنوب السودان بمخاطر الانفصال وتشجيعهم على الدفاع عن الوحدة. وأضافت البرقية أن مصر اقترحت تعديل اتفاقية السلام لمنح جنوب السودان حكما ذاتيا لمدة عشر سنوات قبل الاختيار بين الفيدرالية أو الاستقلال أو تأجيل الاستفتاء ما بين اربع وست سنوات لتطوير "قدرة جنوب السودان على اقامة دولة". وقالت البرقية ان القاهرة أيدت موقف الخرطوم بأنه ينبغي الحصول على أغلبية الثلثين لتقسيم السودان وبضرورة أن يسمح لجميع الجنوبيين بمن فيهم من يقيمون في الخرطوم وفي الخارج بالتصويت. ونقلت برقية منفصلة يعود تاريخها الى أبريل نيسان عام 2009 عن مدير المخابرات المصرية عمر سليمان قوله للاميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان المشتركة في الجيش الامريكي ان مصر "لا تريد انقسام السودان." وتخوض مصر - التي تعتمد بشكل شبه كامل على نهر النيل لتدبير مواردها المائية - نزاعا مع دول المنبع بشأن اتفاقية ترجع الى الحقبة الاستعمارية تعطي مصر معظم الايرادات السنوية من مياه النهر. ووقعت اثيوبيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وكينيا اتفاقية جديدة في مايو أيار الماضي تعطي دول حوض النيل الاخرى مهلة عاما كي تنضم للاتفاقية قبل سريانها. وتؤيد السودان الموقف المصري. ووصفت البرقية المسربة التي يرجع تاريخها الى أكتوبر 2009 المحادثات بشأن اقتسام مياه النيل بأنها "متوترة". وقال رئيس وزراء اثيوبيا لرويترز الشهر الماضي ان مصر لا تستطيع كسب حرب ضد بلاده واتهم القاهرة بدعم جماعات متمردة في اثيوبيا