الأمر لا يتجاوز سماعة هاتف يمكن أن ترفعها وزيرة الاتصالات تهاني عبد الله عطية، بعدها لن ترى صفحتك في الفيسبوك نور التعليقات، ولا اللايكات.. وذات الأمر يمكن أن ينطبق على إشعارات موبايلك المرسلة من (الواتساب).. إن كنت من متابعي المواقع التفاعلية السودانية (الراكوبة وسودانيز أونلاين) فإن الحجب سيتوقف على قرار تصدره الجهات الأمنية.. وزيرة الاتصالات في حديثها أمس ل(اليوم التالي) قالت إنه لا اتجاه للحذف وإن الأمر يخضع فقط (للفلترة) من قبل مركز الأمن.. الوزيرة المختصة قالت إنها لا تحبذ أن يتم إغلاق المواقع ولكنها تحبذ أن يتم التعامل معها بإيجابية بعيداً عن بث الإشاعات. حديث وزيرة الاتصالات لا يمكن إخراجه من السياق العام حيث تدور معركة حامية الوطيس بين الحكومة ومرتادي المواقع الإلكترونية ممن يعلقون على الأحداث الساخنة أولئك الذين يرمون بحمم انتقاداتهم على الجانب الحكومي في غالب الأحوال عليه فإن للأسافير معركة تدور بين الحكومة ومناويئها تستخدم فيها الكيبوردات بتعليقاتها ولايكاتها. "مرتادو قنوات التواصل الاجتماعي يعكسون صورة غير حقيقية عن الواقع في البلاد" هكذا علق رئيس الجمهورية على تناول الوقائع السودانية في أحد خطاباته، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد وإنما انفتحت الأسافير على معركة جديدة اشتعلت عقب خطاب الرئيس الأخير دفعت بمساعد رئيس الجمهورية إبراهيم غندور للكشف عن أكثر من 22 ألف تعليق سالب تم تداولها في وسائط التواصل الاجتماعي، منها 8 آلاف من شخص واحد، وقال بعدها مغاضباً إن مناضلي الفيسبوك وتويتر لن يستطيعوا إسقاط الحكومة.. العبارة تعيدك بالضرورة إلى درجة تأثير تلك الوسائط بالعودة إلى تفاصيل أحداث الربيع العربي حيث كان للحراك الشباب الإسفيري القدح المعلى في إنجازها في مصر وليبيا وقبلهما تونس مما جعل من مواجهتها وكأنها الطريق الذي يفضي للحفاظ على النظام الحاكم مما أدى إلى بروز ما يعرف بكتائب الردع الإلكتروني في فضاءات الصراع الإسفيري بالسودان المتجددة معاركه مع (مناضلي الكيبورد)، وهو ما يقود إلى نقطة الصراع الأخرى التي تدور رحاها في المواقع المعارضة بتوصيف الحكومة (الراكوبة وسودانيز أونلاين)، تضاف لهما حريات ومواقع أخرى أكدت الوزيرة في تعليقها أنها لا تستطيع إيقافها فإن تم حجبها في الداخل فالقائمون على أمرها قادرون على إدارتها وتوظيفها من الخارج، وهو أمر يحدث الآن بحسب اعتراف الوزيرة في تعليقها في أروقة الحزب الحاكم. المؤكد أن فاتورة إغلاق الانترنت هي الأكبر والاعلى من فاتورة قبول الانتقادات التي تأتي منه بل إن البعض يمضي إلى تداعيات احتجاجات سبتمبر التي غاب فيها الإنترنت يوماً كاملاً وعطل كل مسارات الحياة.. في الأثناء يفسر المراقبون المعركة الإسفيرية بين الحكومة ومعارضيها بأنها تأتي في إطار عملية البحث عن الحفاظ على المقعد السلطوي في مقابل السعي لإسقاطها. والمتابع لتفاصيل الحراك يلحظ تقدم المعارضة بخطوات على الحكومة في مسار التعاطي مع المشهد الإسفيري، وهو ما يعتبره البعض مبرراً لردة الفعل الغاضبة من قبل رجالات السلطة.. وهو أمر يتعلق في جانب آخر بقدرة هذه الأنشطة الإسفيرية على التأثير في مجمل الحراك مقارنة بما تفعله الوسائل الإعلامية الأخرى. وفي سياق ذي صلة فإن الموضوع يتعلق في جانب آخر بما تقوم ببثه المواقع المحسوبة بأنها معارضة وعلى رأسها موقع الراكوبة مما دفع بالبعض لإثارة حملة ضده تطالب بإيقافه بتهمة أنه يرسل صورا سالبة عن الواقع السوداني ويستحدم مجموعة من التوصيفات غير اللائقة على قيادات الحكومة مما يتطلب بالضرورة إيقافه عن بث رسالته داخل السودان وهو أمر تم تنفيذه عدة مرات دون أن يأتي بنتيجة في ظل وجود برامج إلكترونية وظيفتها الأساسية فتح المواقع المحجوبة مما يفرغ قرار الإغلاق من مضمونه. المعركة لم تصل بعد لخواتيمها.. الجديد فيها إعلان الوزارة المختصة عدم اختصاصها في ما يتعلق بإغلاق المواقع المعارضة أو حجبها بالرغم من أن كثيرا من متصفحي الإنترنت تقابلهم العبارة (هذا الموقع تم حجبه بواسطة الهيئة القومية للاتصالات) ولكنه حجب يتعلق في جانبه الثاني بقرار صادر من الأجهزة الامنية باعتبارها صاحبة الاختصاص في هذه الناحية مما يعني أن استمرار المعركة سيطول طالما أنها ترتبط بالعلاقة بين الشعب والسلطة من جانب، وفي الآخر هي ساحة للنزال بين مناصري الحكومة ومعارضيها، فما لا يتم إكماله في الساحات العامة فإن غرف الدردشة وكيبوردات الكمبيوتر اولي به. في آخر التصريحات المنسوبة له اتهم والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر وسائل التواصل الاجتماعي بأنها من الأدوات التي تستهدف الإسلام.. وهو تصريح يمكن وضعه في إطار الصراع السياسي المعتاد بين المجموعات المتباينة سياسياً أو هي محاولة من الوالي للدخول في المعركة باعتبار أنه من الشخصيات التي يتم تداول تصريحاتها وأقوالها بشكل كثيف من قبل (المفسبكين) الذين ما زالوا يتداولون تصريحات ما بعد حادثة مصنع اليرموك ويصكون الحروف وفقاً لما يخطر في بالهم، مع سيادة حالة من عدم الرضاء، عن كثير من السياسات. مراقبون في تعليقهم على المعركة الإسفيرية يشيرون إلى عوامل غياب قيم الحوار والتواصل بعيداً عن غرفها وبالتالي فإن السيطرة عليها تبدو من الصعوبة بمكان اليوم التالي