توجيهات مشدّدة للقيادة العسكرية في الدبّة..ماذا هناك؟    د. الشفيع خضر سعيد يكتب: دور المجتمع الدولي والإقليمي في وقف حرب السودان    شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تدخل في وصلة رقص فاضحة بمؤخرتها على طريقة "الترترة" وسط عدد من الشباب والجمهور يعبر عن غضبه: (قلة أدب وعدم احترام)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    شاهد بالفيديو.. الفنانة توتة عذاب تشعل حفل غنائي بوصلة رقص مثيرة والجمهور: (بتحاولي تقلدي هدى عربي بس ما قادرة)    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية تدخل في وصلة رقص فاضحة بمؤخرتها على طريقة "الترترة" وسط عدد من الشباب والجمهور يعبر عن غضبه: (قلة أدب وعدم احترام)    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة سودانية تثير ضجة غير مسبوقة بتصريحات جريئة: (مفهومي للرجل الصقر هو الراجل البعمل لي مساج وبسعدني في السرير)    انشقاق بشارة إنكا عن حركة العدل والمساواة (جناح صندل ) وانضمامه لحركة جيش تحرير السودان    على الهلال المحاولة العام القادم..!!    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    مناوي يلتقي العمامرة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للسودان    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    أول تعليق من ترامب على اجتياح غزة.. وتحذير ثان لحماس    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    فبريكة التعليم وإنتاج الجهالة..!    بيراميدز يسحق أوكلاند ويضرب موعدا مع الأهلي السعودي    أونانا يحقق بداية رائعة في تركيا    ما ترتيب محمد صلاح في قائمة هدافي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ؟    "خطوط حمراء" رسمها السيسي لإسرائيل أمام قمة الدوحة    دراسة تكشف تأثير "تيك توك" وتطبيقات الفيديو على سلوك الأطفال    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    لقد غيّر الهجوم على قطر قواعد اللعبة الدبلوماسية    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    شاب سوداني يستشير: (والدي يريد الزواج من والدة زوجتي صاحبة ال 40 عام وأنا ما عاوز لخبطة في النسب يعني إبنه يكون أخوي وأخ زوجتي ماذا أفعل؟)    هالاند مهاجم سيتي يتخطى دروغبا وروني بعد التهام مانشستر يونايتد    الهلال السوداني يتطلّع لتحقيق كأس سيكافا أمام سينغيدا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    مصر تسجل مستوى دخل قياسيا في الدولار    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والري بالخرطوم تبحث إعادة إعمار وتطوير قطاع الألبان    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    حادث مأسوي بالإسكندرية.. غرق 6 فتيات وانقاذ 24 أخريات في شاطئ أبو تلات    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإرادة الوطنية للتغيير وصناعة التغيير من الخارج
نشر في الراكوبة يوم 23 - 03 - 2014


بسم الله الرحمن الرحيم
د/الحاج حمد محمد خير
مقدمة:
امبراطوريات رأسمالية الدولة والقطاع الخاص ممثله بقيادة روسيا والولايات المتحدة عادت بالتاريخ القهقري – تجهيزاً لقفزة نوعية - تنقل السيطرة للشعوب في بلدان الدولة الوطنية الراشدة عادت روسيا للمسرح السياسي بلا اي قيود سوى قيد مصالح المؤسسة الصناعية العسكرية واجهزة الدولة الرأسمالية الريعية التي لديها مصالح في أسواق الأمبراطورية الروسية التي أسسها القيصر نيقولا في القرن السابع عشر وتمكنت من الإنتقال من عصر الإقطاع الى عصر البرجوازية ورأسمالية الدولة بالنظام السوفياتي.
ان التوسع الإمبريالي الأمريكي منذ سقوط الإتحاد السوفياتي أتخذ أربعة شعارات ايديولوجية تطبقها كلها او بعضها او أي واحد منها على كل حالة وهي:-
1- الحرب ضد الإرهاب الدولي. او
2- ازالة اسلحة الدمار الشامل. او
3- نشر الديمقراطية . او
4- التدخل الإنساني "مسئولية الحماية".
تحت هذه الشعارات تمتلك الولايات المتحدة الآن ثلثي مناطق انتاج البترول والغاز الطبيعي وهما أساس القاعدة الصناعية. ورغماً عن ذلك فان نهم المؤسسة الصناعية العسكرية الأمريكية لازالت تضع عينيها على المزيد من الموارد مما فرض تعميق التناقضات الثانوية بين اطراف البلدان الرأسمالية المتطورة.
الإنتقال من رأسمالية الدولة الإشتراكية الى رأسمالية بدون أي إلتزام للبعد الإجتماعي، وهذا هو الفارق النوعي في حياة النظام السياسي الذي تطلب فترة انتقال من ضجيج الأله الإعلامية حول الشيوعية، هذه الفترة لم يتغير فيها سوى انتقال السلطة السياسية من بيروقراطية الحزب الشيوعي للمتنفذين في اجهزة الدولة الأمنية والعسكرية ونخب خريجي المدارس المدنية والعسكرية في مختلف المجالات.
العودة للغة المصالح الوطنية ومناطق النفوذ صارت لغة السيد بوتين التي تعلمها من السيد اوباما والمجموعة الأوربية وكأنما عدنا نتعامل مع مؤتمر برلين او مؤتمر يالتا بين ستالين وروزفلت.
التناقضات الثانوية أكثر دموية في التاريخ وهي التي انتجت الحربين الأولي والثانية. وهي ستكون السبب للحرب الثالثة التي انتظمت العالم منذ مدة متخذة أشكال متعددة من الأساليب الناعمة التي تؤدي لسلب البلدان الأقل نمواً وتطوراً عسكرياً وتقنياً بمعزل عن نوع النظام السياسي بإستلابها مالياً لتدور في فلك الإمبرطورايات.
ان التحدي الماثل أمام الدولة الوطنية هي في ادارة السياسة الخارجية الوطنية المتوازنة والتي بمجرد ان تبدأ في الميلان لصالح أي من التكتلات الدولية غربية كانت أم شرقية يبدأ الصراع الخفي بين هذه التكتلات مما يعني تمزيق الوحدة الجغرافية للدولة المعنية.
ان ارتباطات خريجي المدارس المدنية والعسكرية والدينية من افريقيا والشرق الأوسط تتجه في تحالفاتها الأممية بلا حياء لإهمال وحدة وحرمة أراضي الدولة الوطنية ولا مانع لديها حتى من اقتسام اراضي الدولة الوطنية لزيادة حجم الوظائف العامة وبالتالي خفض مستوى الموارد مما يؤدي للمزيد من الصراعات لأن معارفها هي فقط في حالتها الأنانية وقصيرة النظر الوصول لموارد المنتجين من العمال المهرة والفلاحين والرعاه بما فيهم العمال الذهنيين ( في جانبها البروليتاري).
ان التهديد الماثل لوحدة اراضي الدولة الوطنية صار واقعاً موضوعياًَ بين الدول المتقدمة صناعياً وتحتاج للموارد الأولية لإستمرار تعزيز هيمنتها وإستدامة رفاهية شعوبها وبالتالي لم يعد القانون الدولي الذي ينص على احترام سيادة الدول وحرمة الحدود يؤخذ كأمر بديهي بل يجب حراسته بوعي سياسي واجتماعي متقدم. وفي ظل ما أفسده انبعاث الكربون من مداخن المصانع وعوادم آليات الحركة والوقود الاحفوري على مدى عصور الثورة الصناعية منذ القرن السابع عشر فان نتيجة هذا الضخ المتسارع أنتج تغييراً مناخياً وارتفاعاً في حرارة الأرض يغير في البنية التحتية للطبيعة الخضراء وبخلق صعوبات في انتاج الغذاء والمواد الخضراء سواء التي يزرعها الإنسان او التي تنتجها الدورة الطبيعية.
ذاتية خريجي المدارس المدنية والعسكرية:
ان هذا الظرف الموضوعي يساعده الإنغلاق الذاتي لخريجي المدارس المدنية والعسكرية والدينية. فهم بحكم انهم طلائع مجتمعاتهم في اجهزة التخطيط والسيطرة وادارة الشأن العام في القضاء واجهزة انفاذ القانون او القوات المسلحة او الخدمة المدنية او ادارة الإقتصاد او القطاع الخدمي من اتصالات يستولون على جهاز الدولة ويقررون بالتالي مدى استقلاليته او تبعيته. ان ذاتيه هذه النخبة يجعلها وبمختلف انواع الأغطية الأيديولوجية لا مانع لديها في ان تصل الى درك تقسيم مساحة البلاد بين اطرافها المتجاذبة لصالح المشروع الذي يمثله مختلف قوى السوق العالمي. ونخلص لنتيجة ان الإمبريالية لم يعد لديها مركز واحد وان التفاوت النسبي في قدرات الدول الوطنية في استدامة مشروعها الوطني في هذه المرحلة من تطور الرأسمالية هو الذي يحمي وجودها العضوي.
هذا الإطار المنهجي يستوعب تماماً حركة القوى الإجتماعية المصطرعة على السلطة والثروة في مدى عمق وصول هذه السلطة والثروة لأوسع الفئات الشعبية المنتجة في المجتمع. وأثبتت انتهازية خريجي المدارس المدنية والعسكرية والدينية انها في ادعائها تمثيل القوى المنتجة – وهي شريحة منها – لا تحترم أي من قيم السيادة الوطنية او الدين او الأعراف او حقوق الإنسان وتختذلها في نظام استبدادي.
ان القوى الوطنية تعبر عن عجزها كقيادة لعدم تمسكها ببناء قواعد لها في اوساط الشعب ولا ننظر للداخل بل ننظر لتحالفاتها في الخارج وبالتالي صار عجزها الذاتي هو المطية التي يركبها موضوعية تنافس قوى السوق العالمي لموطئ قدم في أي نطاق جغرافي او تجزئة اي نطاق واقتسامه حتى مستوى بئر بترول واحد. انها اقذع أساليب الإستعمار الجديد. وهو ان تسعى النخب السياسية للإرتماء في أحضان أولياء نعمتها وبهذا تتحول من نخبة وطنية الى بيروقراطية النهب "النهابة" Kleptocracy تحت قبضة التحالف الغربي تهتم بإستدامة وظائفها كحكام دون ان تقدم للشعب أي مقابل. وبالتالي فإن السيادة الوطنية هي أهم سلعة في هذا الصراع الرهيب والمحموم والذي لم يعد لدية سقف في استخدام كافة الوسائل بما فيها اسلحة الدمار الشامل وابتذال المفاهيم الدينية والأعراف الإنسانية مثل المساواه والعدالة.
في مثل هذا الجو من الصراع الطبقي الإجتماعي على النطاق العالمي صارت المعاملات الذاتية المحلية هي الأضعف في عملية التغيير بمعنى بطء التغيير بسبب عمليات التدخل واسع النطاق لإجهاض سير عملية التغيير من هذا او ذاك.
ان قوى التغيير الداخلي من العناصر المشبعة بالوعي الإجتماعي التاريخي الذي يؤمن بحتمية التغيير وبالتالي يتدخل ايجابياً ليكون لصالح الجماهير الكادحة والمحرومة فلو اشتركت اوسع قطاعات الشعب لابد من ان يكون التغيير لصالح القوى المنتجة والعكس صحيح كلما كانت القوى النخبوية الكلبتوقراطية تتجه نحو الصفوية والنظر لأن تكون تابعة لنظيراتها في البلدان المتطورة كلما كانت فاقدة لإرادتها الوطنية ومتصالحة مع ذاتيتها في استلاب سلطة الشعب لصالح النخبة سواء بمسبببات اسلامية او الشعارات الفارغة "الهامش والمركز" "والزرقة والعرب" والجلابة وغيرها من شعارات الليبرالية والعلمانية وهي لا تستر عورة مطبقها كما أثبتت الممارسة – ومعيار الحقيقة هو الممارسة- .
آفة نوع آخر من ممارسي السياسة من خريجي المدارس المدنية والعسكرية الذين استغلوا الوضع الإقتصادي المتردي – وهذا حق طبيعي لهم- وذهبوا الى بلاد الله الواسعة طلباً للرزق. ولما كانت البلدان الغربية تضع سياسات انتقائية – ضد حق الإنسان في الإنتقال من مكان الى لآخر- فانها فرضت قيد بأن يثبت المهاجر انه جاء لأسباب تتعلق بالخوف على حياته من دولته التي صنفت كدولة ترعى الإرهاب. فمنذ 1991 وحتى اليوم تتقاطر جموع من الشباب وتدعي انها هاجرت لأسباب سياسية او عرقية وليستمر هذا الشاب او الشابه في حالة خداع النفس تلك فعليه ان ينتقد الحكومة والمعارضة والطائفية وحتى الصيف القائظ في شهر مايو ان وجودوا لها سبيلاً للتبرير لإقامتهم تحت نظم الضمان الإجتماعي الأوربي فأنهم لا يمانعون. اما العناصر المتجه للولايات المتحدة فانها خاضعة تماماً لمصالح اللوبي الصهيوني الكنسي ويعملون لصالح هذا اللوبي في حملات التضليل العرقي والديني التي يستخدمها كشعارات يغطي بها تواطئهم مع اسرائيل واخفاء جرائمها ضد الإنسانية وهي تمثل القلعة المتقدمة لحراسة اعمال النازيون الجدد وهم أشرس كلاب حراسه للنظام الرأسمالي الغربي الذي لا يراعي اي حرمه انسانية في سبيل وضع صنائعه في مواقع اتخاذ القرار وحالما يصلون لمواقع صنع القرار يضغط عليهم حتى لدرجة ان يفقدوا اوطانهم الوحدة الجغرافية كما حدث في السودان وجنوب السودان.
الحركة الإسلامية السودانية والدولية إحدى ادوات الصراع الدولي على الأسواق:
فالحركة الإسلامية السودانية لم تحقق مشروعاً وطنياً لنهضة السودان او الإسلام وبعد مرور ربع قرن على انقلابها الذي انجزته لصالح التحالف الغربي الذي فتح حدود السودان لحركات "التحرر الوطني" من قبضة النظام السوفياتي مما ساعد على تفكيك امبراطورية منقستو هايلي مريم. والذي بشعارات الماركسية والإشتراكية التي تم ابتذالها ايضاً أعطى النخب السودانية من ولايات السودان المختلفة التي فشلت قيادة الحزب الشيوعي السوداني المحافظة واليمينية في إستقطابها البرنامج الديمقراطي السوداني من إعطاء الفرصة لليمين الدولي ليضع عناصر تدعي الثورية واليسارية لتجد لها موطئ قدم في نظام السلطة والثروة التي خلفها لها الإستعمار وهي نظام دوله خادم للإقتصاد العالمي ولا يخدم مصالح المنتجين يخدم فقط نظام السوق العالمي شرقاً او غرباً.
لقد اكتشفت سلطنة عمان عبثية التحالف الخليجي وتبعيته الفجة لمحور الولايات المتحدة – اسرئيل فرفضت توسيع سياسات مجلس التعاون الخليجي وخرجت من الخراقة السياسية التي تعتبر ايران عدواً بدلاً عن اسرائيل وإنكشف الرياء التاريخي لمدرسة السنة في الخلاف الصاعد بين قطر والسعودية حيث لم تزل هذه المدرسة تابع يزين الباطل للسلاطين فجماعة القرضاوي تدعم حركة الأخوان في مصر تكفر الجماعات السلفية الأخرى في حين ان الجماعة الوهابية في السعودية تدعم ومعها قطر -المغضوب عليها – الجماعات السلفية في حرب ضد النظام السوري ألم يقرأ هؤلاء واؤلئك الحديث النبوي الشريف " كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله".
هل لا يشعر المسلم والعربي بأنه يفعل ذلك لصالح اسرائيل أم أن استسلام النخبة الحاكمة للتبعية المذلة والتي رحم الله ابي الطيب المتنبي في وصفه لها:
ومن يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت ايلام
وفي نفس الوقت الذي يقوم فيه المؤتمر الوطني بتجيش المليشيات وبالتمويل القطري السخي ثم يأتون لعناصر النخبة الموالية للغرب في المعارضة الرسمية للحديث حول الحوار الوطني. كيف يكون هناك حوار وطني مع صنائع لقوى السوق العالمي تفتقد للارادة الوطنية؟؟!! فالسياسة الخارجية- ودعونا نستخدم لغة هنري كسنجر- وهي فن ترتيب الأولويات الوطنية والتفكير في النهايات قبل الدخول في أي خيار للتحالف الدولي. وهذا ما نفتقده في السلوك السياسي للنخبة المعارضة رسمياً او عسكرياً او التي في الحكم. والتي بتبعيتها المفرطة تبدد الإمكانيات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والأخلاقية التي سعت لبنائها. فلا يمكن ان يخضع المؤتمر الوطني الإرادة والسيادة الوطنية لصالح السوق الأمريكي فرغماً عن ممارسة الولايات المتحدة للعزل الإقتصادي والسياسي للحكومة لا تحرك هذه الحكومة اي رد فعل يدعم المصالح الوطنية. ففي حين ان العقوبات الأمريكية هي مرائية وقصدها إخضاع النخبة التابعة كلها ادى التراكم الكمي لها الى تحول نوعي فخرجت من التأثير على النخبة الكلبتوقراطية على مجمل الحياة الإقتصادية والسياسية للبلاد. ونلاحظ الصمت المتواطئ من المعارضة الرسمية والمسلحة فلم يفتح الله على اي منهم بكلمة حول المقاطعة المالية الأمريكية والتي طالما انها ضد المواطنين فان المعارضة اذا كان لديها اي درجة من الإستقلالية وهي الشرط الأساسي والمبرر لأي حوار وطني يجب ان تكون السيادة الوطنية واستقلال القضاء والأجهزة العدلية والأمنية هي المبادئ وليست الوصفة العلاجية. فالوصفة هي برنامج سياسي لكل حزب أمام اعضاؤه وأمام الشعب السوداني يحوي سياسة خارجية محايدة ايجابياً وهذا يعني الإحتفاظ بمسافة متساوية بين مختلف القوى الدولية ومنحازة لمصالح الشعب في فتح الأسواق وزيادة السلع والخدمات والوظائف. وتكون العلاقات البينية الشراكات السياسية الدولية تحكمها قواعد القانون الدولي وصريحة وشفافة حتى الذين يرغبون في التحالف مع اسرائيل او الشيطان فان عليهم ان يعلنوا ذلك أمام الشعب وعندها يكسبون الشرعية لبنادقهم او فنادقهم.
ان موقف حكومة المؤتمر الوطني السالب من قضية الحوار يغذي- ويراكم كمياً الأزمة- مما ادى لتحول نوعي لصالح فئات تسيطر عليها جماعات اللوبي الصهيوني وتيارات في السوق العالمي معادية لإستقلال افريقيا وجميع بلدان العالم الثالث وتسعى لعودة الإستعمار قديمه وحديثه. مثل هذه القوى يفتضح امرها وتتعرى أمام المواطن السوداني حالما تتسنم دست السلطة السياسية. وفي ظل التراشق الإعلامي وضجيج الشعارات ينهبل العديد من الساسة التقليديون فهم لم يروا (وحد المعرفة ضعف انساني طبيعي نتخطاه كلما تواضع الفرد لأهل الرأي مهما خالفوا هواه ويكون من الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه).
ان أي حكومة – مهما كان لونها السياسي- تحمي نفسها بالإنتماء لقواعدها الشعبية وحماية السيادة الوطنية وعليها ان تعي الدرس القاسي الذي تلقاه القذافي حين اعتقد ان التحالف الدولي معزول عن قواعد الشعب يضمن له استمرارية حكم الفرد او الأسره او النخبة وكانت النتيجة ان تحالفت السعودية وقطر واسرائيل مع الناتو (انه حلف الفضول في الجاهلية الأولى) وكانت النتيجة تفكيك ليبيا وهيمنة مجموعات "اسلامية" و "عرقية" عادوا بليبيا لعصر امارات الطوائف (القرن العاشر الى الثالث عشر الميلادي) وسيطرت البلدان الغربية على ثروات البلاد.
وما جرى في جنوب السودان من بعد ان سلمته حكومة المؤتمر الوطني لللوبي الصهيني الكنسي بخدعه لا تمر إلا على تلاميذ مدارس الأساس وهي رفع العقوبات عن البلاد. فالعقوبات لم تشمل اصحاب الجنسيات المزدوجة الذين يقودون التنسيق الأمني مع اجهزة المخابرات الغربية وبالتالي يسكت دهاقنة المؤتمر الوطني عن الخرق الفظ للسيادة الوطنية السودانية.
وجاء دور الحركة الشعبية في تسديد فواتير الإنتماء في أحضان الغرب:
انتهت الحرب الباردة في مرحلة المواجهة السياسية الشاملة وأصبحت الحركة الشعبية التي اقامها جون قرنق بشعارات ماركسية واداة للتحالف الغربي في تفكيك النطاق الجغرافي السوداني كما صارت ال EPLF وحركة التقراي التي اقامتها القوى الغربية- بشعارات يسارية- اداة هدم الوحدة الجغرافية لأثيوبيا.
في نفس الوقت استخدمت الحركة الشعبية لهدم الوحدة الجغرافية للسودان ومن ثم استخدمت لهدم الجنوب نفسه ووضعه في عمق مستنقع الإستلاب كأحدث مثل على مدى عمق التناقضات داخل المعسكر الغربي (بين اسرائيل والولايات المتحدة في هذه الحالة). لقد مثل الجنوب عمق أزمة خريجي المدارس المدنية والعسكرية التي تحولت من طليعة وطنية آلة كلبتوقراطية التي تنتمي لدرجة التبعية المذلة لحليفها الخارجي ودون أي احساس بحق المواطنة بين اعضاء هذه الفئة الإجتماعية وهي في سعيها للوصول للسلطة لا مانع لديها في القتل على الهوية عرقية كانت ام دينية. انه ابتذال لمفهوم الدولة لم يحدث في التاريخ والصراع داخل ما تبقى من السودان بانقسام النخبة من خريجي المدارس المدنية والعسكرية داخل السلطة وخارجها يعبر عن نفس الصراع لصالح اطراف السوق الغربي (اسرائيل والولايات المتحدة واوربا).
لقد حقق "تحالف الأعداء" الأمريكي الإسرائيلي تفكيك دولة الجنوب لمكوناتها البدائية فقط لأجل طرد التحالف الآسيوي (الصين وماليزيا والهند) من حقول النفط. وهيمنت اسرائيل على مجموعة سلفاكير مقابل هيمنة الولايات المتحدة على مجموعة مشار ويعتقد على نطاق واسع يجري الآن اصطفاف افريقي خلف موقف البلدين "الحليفين" وتمثل يوغندا الآن المصالح الإسرائيلية بالتدخل في شئون الجيران واستخدام القوة المسلحة التي تمولها اسرائيل سواء للحركات المسلحة السودانية وبقية العقد الذي يمارس الهجوم على المدنيين الآمنيين في القرى والحلال وقرى العودة الطوعية باتجاهات عرقية محضة ثم يجتمعون في عنتبي مع ضباط المخابرات الإسرائيلية ليغطوا هذه الأفعال الشنيعة التي تحكم طوق العزلة الوطنية على رقابهم (راجع تقرير منظمة العفو الدولية حول الصراع بين الميسرية والسلامات فبراير 2014) ثم يغطونها بشعارات الدولة الديمقراطية.
في ظل هذا المحيط المتلاطم الأمواج يصعب على القوى الحقيقية الصامدة لقيادة التغيير الداخلي دون ان تنتمي للشارع وهو شارع مجرب أطاح في ظروف دولية اكثر تعقيداً بنظم شمولية تفاوتت في ارتباطها بالقوى الخارجية واستعدت الأحزاب للغزو الخارجي ولكن كانت ارادة الشعب هي العليا وأطاحت بتلك النظم وكأنما لم تكن.
ان سماحة شعبنا ووعيه التاريخي المتقدم يجب ان يخجل تلك الفئة من خريجي المدارس المدنية والعسكرية الذين اتضح انهم لا مانع لديهم للتحالف مع الشيطان ضد سيادة وحرية واستقلال شعبنا وعليهم ان يعوا هذا الدرس التاريخي من هذا الشعب المعلم.
ما هو المطلوب من كافة الأطراف الوطنية ان تتوافق على ان تكون حساسة جداً وجادة جداً حول موضوع السيادة الوطنية فالعالم منقسم بين دول تعتدي على السيادة ووحدة آراضي الدول ودول تحترم القانون الدولي ولم يعد هناك مبرر بإسم فتح الأسواق او نقل التقنيات الحديثة فهي قد صارت مبسوطه في العالم لمن يدير اقتصاداً يحقق عائدات لتشتري كما تشاء وترغب. وعلى جميع اطراف المعادلة السياسية الوطنية في الحكومة والمعارضة ان تمتنع عن التحالف او الشراكة مع أي من الدول التي اثبتت الممارسة انها شريك غير مؤتمن على وحدة وسيادة الشعب السوداني فوق كافة حدود البلاد التاريخية.
د/الحاج حمد محمد خير
المجموعة الإستشارية للتنمية الإجتماعية والبشرية
Email: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.