* على خلفية الخبر الذى تداولته مواقع التواصل الاجتماعى عن تقديم طلب من جهات رسمية لبنك السودان بغرض الحصول على معلومات عن حسابات وارصدة بعض الصحفيين، قال الزميل عبدالباقى الظافر فى عموده المقروء (تراسيم) بصحيفة (آخر لحظة) يوم أمس الأول السبت، بأن تعقب الحكومة لبعض الناس لمعرفة مصادر ثرواتهم أمر محمود، وهو بالطبع قول خطير وغريب لتحريضه (وبالذات من صحفى وكاتب يزعم أنه يدافع عن الحريات والحقوق) على انتهاك حق الخصوصية والدعوة للتجسس على الناس الذى تمنعه الشرائع والقوانين والأخلاق، فلا تجسس ولا تحسس، وإذا كان هنالك ما يستدعى ذلك، فيجب أن يحدث ذلك وفق القانون وبكل شفافية ووضوح وأن تؤخذ كل حالة على حدة، وليس بالتلصص والتجسس وانتهاك الحقوق الدستورية للمواطنين والملاحقة الجماعية بدون اساس قانونى او شبهة معقولة .. هذه جريمة يعاقب عليها القانون وتصرف شاذ يتنافى مع ابسط قواعد العدالة والقانون والأخلاق والدين، أم نسيتم الدين أخى الظافر (ولا تجسسوا ولا تحسسوا)، صدق الله العظيم!! * ثم تحدث الظافر عن تبرئة ذمته ونثرها فى الهواء الطلق قبل ان يشتغل فى مهنة الصحافة عقب عودته من الولاياتالمتحدة، وهو أمر بالطبع يخصه وحده، فله مطلق الحرية بأن ينشر اسراره المالية وذمته ويطلع الناس عليها، ولكن ان يدعو الصحفيين وبعض فئات المجتمع الى اتباع نفس النهج باعتبار أنهم شخصيات عامة، فهو أمر غير مقبول وتدخل مذموم وغير قانونى فى حياة الناس الشخصية واسرارهم المالية بدون مبرر مقبول، وخلط شنيع بين شاغلى الوظائف العامة الذين يطالبهم القانون بتقديم إبراء ذمة قبل وبعد شغل الوظيفة العامة وشاغلى الوظائف الخاصة الذين لا يطالبهم أى قانون، ولا يجب أن يطالبهم، بإبراء الذمة، فالوظيفة العامة شأن عام، ويحصل شاغلها على مرتبه ومخصصاته من المال العام، لذلك يطالبه القانون بإبراء ذمته حرصا على المال العام ومنعا للتكسب من الوظيفة العامة وضمان نزاهته ونظافة ذمته المالية أثناء شغله للوظيفة العامة، أما وظيفة الصحفى الذى يعمل فى مؤسسة خاصة، أو أى شخص آخر يعمل فى مؤسسة خاصة، فهى شأن خاص بينه وبين المؤسسة التى يعمل بها، يحكمها العقد الخاص بين الطرفين وقانون العمل ولا شأن للناس بها، وليس من حقهم أو من حق اية جهة أخرى، رسمية أو غير رسمية، أن يعرفوا تفاصيل هذا العقد، أو المرتب الذى يتقاضاه، أو أى معلومات أخرى، أو مطالبته بإبراء ذمة باعتباره شخصا عاما!! * كما أن إبراء الذمة لا يحدث بالطريقة التى يقترحها الاخ الظافر بأن " تبتدر منظمة الشفافية السودانية عملها بتنظيم حملة إبراء ذمة شعبية..اي شخص عام سواء كان صحفيا، او مدير منظمة طوعية ،او رئيس نادي رياضي يقوم طوعا بإبراء ذمته المالية، على ان تنشر الكشوفات في موقع امن في شبكة المعلومات"، هذا أمر غريب، فإبراء الذمة أمر ينظمه القانون، ولا تتولاه منظمة طوعية أو غير طوعية، وله قواعد وأسس معينة، ولا تنشر تفاصيله على الملأ، بل تتولاه الجهات القانونية المختصة ويحفظ لدى الجهات التى يحددها القانون، وليس هنالك إبراء ذمة ينشر على مواقع الإنترنت، أو الصحف، او الجرايد الحائطية، أو مواقف المواصلات العامة!! * ثم ان مطالبة الصحفيين او غيرهم من شاغلى الوظائف الخاصة، أو حتى الشخصيات العامة، بإبراء ذمتهم لحماية أنفسهم من الشبهات والاتهامات الباطلة التى يمكن أن يطلقها ضدهم البعض، كما يقترح الزميل العزيز، لهو قول غريب جدا، لأنه يضع الأبرياء فى موقع الاتهام ثم يطالبهم بالدفاع عن أنفسهم قبل أن يطالهم الإتهام، رغم أن المتهمين أنفسهم الذين وجهت إليهم إتهامات، يظلون أبرياء إلى أن تثبت عليهم التهمة، حسب المبدأ القانونى المعروف (المتهم برئ حتى تثبت إدانته). * وأكرر ما قلته أمس، إنه ليس من حق أية جهة أو شخص أن ينقب فى أسرار الناس أو يتجسس على حياتهم أو اموالهم أو حساباتهم وتعاملاتهم المصرفية التى يحميها القانون، بدون أمر قضائى أو قانونى، وإذا حدث ذلك فهى جريمة يجب أن يُسأل عنها ويُعاقب عليها، مهما كانت صفته أو شأنه، وإذا كان هنالك من يعتقد أنه يخيف الصحافة الحرة النزيهة بهذه الترهات فهو واهم!! الجريدة [email protected]