كعادة أهل بلادنا بعدما قرروا أن يكون زواج ابنهم في السابع عشر من الشهر الجاري فكروا في إجراء عمليات صيانة لمنزلهم فشرعوا في اقتراح تعديلات عديدة لم تجد حظها من التنفيذ بسبب ضيق الإمكانيات المادية وبسبب الصرف المادي الذي ينتظرهم في ذلك اليوم الموعود إلا أن مشروعا بعينه سيطر علي خارطة المقترحات بعد أن وضع نفسه في قائمة أولوياتها ويتمثل ذلك الاقتراح في أن يتم حفر (مصاص) ليساعد في تسهيل عملية الصرف الصحي بالمنزل مستقبلا وليبعد شبح الهموم التي تتناوش الأسر في المناسبات الاجتماعية التي تضم أشكالا وأنواعا من البشر. وعلى الفور بدأت الأسرة في رصد الميزانية اللازمة لذلك لتشرع في تنفيذ الفكرة مباشرة وبالفعل تم الاتفاق مع أحد العمال لإنجاز العمل الذي بدأ صباح الخميس الماضي الثاني من يونيو الجاري. يقول ياسر حسن عبدالله صاحب المنزل إنهم قرروا حفر المصاص بعمق أربعة أمتار ونصف بعد الجلوس للعامل المتخصص في الأمر والذي ملأه حماس عظيم وما إن وصل لعمق أربعة أمتار حتي اعترضته جرة ذات شكل مميز تبعتها أوان أخرى في أشكال مختلفة فأصدر شهقة عبرت عن دهشة تجول بداخله صمت بعدها ليصمت فجأة مما أثار فضول أهل المنزل ومجاوريهم بعد أن تمددت الدهشة لتطالهم وتطويهم في جرابها إلا أن بعضهم فاق منها بسرعة ومضوا إثر ذلك إلي الشيخ حسن السماني لقناعتهم التامة بأن ما جرى يرتبط بما لا يدع مجالا للشك بالممالك السفلية فأخذ الشيخ قطعة من تلك الأواني وجعل يتفحصها عن قرب وما كان منه إلا أن اتصل بالجهات الرسمية المتمثلة في هيئة المتاحف والآثار القومية وهيئة المتاحف والآثار بولاية الجزيرة لترسل الجهتان لاحقا مسئولين يقفوا علي ما يجري علي أرض الواقع وليضعوا الحروف على النقاط وليشيروا بأن ذات السيناريو واجههم في مناطق مختلفة من البلاد لكنهم أدلوا بإفادات خطيرة ومثيرة في ذات الوقت تستحق الوقوف والتأمل والبحث عن إجابات منطقية لها فقد اتضح أن ما تم كشفه ما هو إلا مقبرة أثرية ولم يحددوا العصر الذي تنتمي له إلا أن اجتهادات صدرت عن أفواههم فما كان من تلك الجهات إلا أن طلبت من أصحاب المنزل أن يتوقفوا عن عملية الحفر فورا وأن يعيدوا دفن الحفرة بعد أن أوضحوا لهم أن ذلك الموقع هو السادس والستين بين مناطق أثرية تم الكشف عنها لكنها تحتاج أعمالا متخصصة من قبل خبراء الآثار وتحججوا بأن الإمكانيات المادية هي العائق الرئيسي الذي يقف عقبة كأداء في طريق تنفيذ المطلوب. وهنا يأبي الواقع إلا أن يطرح تساؤلات منطقية علها تجد إجابات من مسئولي بلادنا فحواها ما هو مصير تلك المناطق الأثرية الست والستين تلك؟ ولماذا لا يتم رصد الميزانيات لمواجهة الحاجات الملحة للحفاظ علي ذاكرة أمتنا؟ وكيف يتم تحديد أولويات الصرف؟ ألا تمثل تلك أولوية ملحة؟ وغيرها من التساؤلات التي سنبحث لها عن إجابات في دهاليز الجهات ذات الإختصاص نعدكم بنشرها خلال الأيام القادمة..فقط تابعونا السوداني