تجددت الاتهامات المتبادلة بين أطراف حقوقية ورسمية بالمغرب بخصوص صورة صادمة لسيدة وضعت مولودها في ممر بمدخل مستشفى مدينة سيدي بنور بالمغرب، والتي تداولتها الصحف والمواقع الإلكترونية والشبكات الاجتماعية منذ فترة بشكل واسع في البلاد. ووصف ناشطون حقوقيون تلك الصورة التي تظهر فيها امرأة تدعى الحسنية ملفوفة في إزار رث وبجانب رجليها يرقد رضيع ولدته لتوها، بأنها فضيحة تكشف عن مدى إهدار كرامة الإنسان في البلاد، فيما نفت مصادر رسمية سياق الصورة، متهمة بعض الأطراف بمحاولة النبيل من المستشفى العمومي. وكانت صورة هذه المرأة قد حققت نسب مشاهدة قياسية في موقع "فيسبوك" و"يوتيوب"، وحظيت بتعليقات واسعة من طرف رواد الإنترنت، الذين انتقدوا في غالبيتهم الوضع الصحي في البلاد، حيث تضطر امرأة للولادة في ظروف غير إنسانية خارج سرير المستشفى، وبعيداً عن مراقبة وعناية الأطباء. إهدار للكرامة وأكد إبراهيم العدراوي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع سيدي بنور، بأن الصورة المتداولة على نطاق كبير هي صورة صحيحة وغير مفبركة كما يدعي البعض، باعتبار أن السيدة المعنية تنتمي إلى المدينة ذاتها التي يباشر فيها مهامه الحقوقية. وأوضح العدراوي في تصريح ل"العربية.نت" أن السيدة فاجأها مخاض وآلام الولادة، فذهبت إلى المستشفى الإقليمي بمدينة سيدي بنور، غير أنها لم تجد الطبيب المناوب والمكلف بالتوليد، نظراً للنقص الفادح الذي يشكو منه هذا المستشفى في ما يهم الأطباء المختصين وبقية الموارد البشرية، على غرار العديد من المستشفيات العمومية الأخرى في البلاد. وشدد العدراوي على أن الصورة ليست سوى نموذجاً حياً على الإهمال الفظيع الذي تعاني منه الكثير من المستشفيات العمومية بالبلاد، واصفاً هذه الحالة بأنها إهدار لكرامة الإنسان، ومظهر من مظاهر سوء معاملة المواطنين، التي تتجسد في ارتفاع نسبة الوفيات بهذا المستشفى وغيره. وقال العدراوي بأن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع سيدي بنور، طالبت بفتح تحقيق رسمي في هذه القضية، وراسلت بشكل مفتوح المسؤولين حتى يطلع الرأي العام المغربي على حقيقة هذا الملف وتداعياته الحقوقية والإنسانية. تبادل الاتهامات وفيما لم يتسن ل"العربية.نت" الحصول على رأي وزيرة الصحة ياسمينة بادو، أو أية جهة مسؤولة بالوزارة بسبب الهواتف المشغولة، أفادت رواية مندوب الصحة بالمنطقة التي وقعت فيها الحادثة أن المرأة المعنية التي تظهر في الصورة هي أم عازبة ومختلة عقلياً، ومن المتشردات اللواتي لا مأوى لهن. وبحسب بلاغ صدر أخيراً من مندوبية الصحة، فإن هذه المرأة جاءت إلى المستشفى في حالة نفسية صعبة، وبالرغم من ذلك تم توليدها بشكل سليم من الناحية الطبية، لكن السيدة "باغتت الجميع بحمل المولودة والنزول أرضاً بجانب ممر قاعة الولادة، مطالبة بتدخين سجائرها". ويرد الناشط الحقوقي إبراهيم العدراوي على هذه الرواية بأنها تتضمن أدلة غير منطقية، لأن هذه المرأة، حتى لو كانت متشردة أو مطلقة أو مختلة عقلياً، فهذا لا يسوغ أبداً معاملتها بطريقة تحط من كرامتها وآدميتها كامرأة على وشك وضع حياة جديدة. وأضاف أن "الحسنية اضطرت إلى أن تلد في أحد الممرات في مدخل المستشفى، والدليل هو السائل السلوي الذي يوجد بالقرب من السيدة ووليدها بحسب ما يظهر في الصورة، واستناداً إلى إفادات المختصين في مجال التوليد، بخلاف ما حاولت وزارة الصحة ترويجه". ويبدو أن مسؤول الصحة أثبت وجود الصورة، لكنه يقول إنها صورة جاءت في سياق مخالف لما يُروج له عن قصد، حيث استغلت مصحات القطاع الخاص هذه الصورة لضرب مصداقية المستشفيات العمومية والخدمات الجليلة التي تقدمها للمواطنين.
