بات في حكم المؤكد أن يصدر رئيس الجمهورية المشير عمر البشير قراراً بإلغاء وظيفة مساعدي رئيس الجمهورية، يوم (الأربعاء) الماضي، أجاز البرلمان مرسوماً مؤقتاً قانون رئاسة الجمهورية لسنة (2016)م، وجاء المرسوم في "ثلاثة" فصول و(15) مادة، وتم وفقاً للقانون الجديد لرئاسة الجمهورية، إلغاء المادة (4) واستعيض عنها بمادة جديدة حددت الجهات المساعدة لرئاسة الجمهورية وشَملت وزير شؤون رئاسة الجمهورية، ووزراء الدولة بوزارة رئاسة الجمهورية، ووكيل وزارة الجمهورية، والعاملين بوزارة شئون الرئاسة، والمكتب التنفيذي الرئاسي، لم ينتبه الكثيرون، للقانون ومعانيه، ومع إن القانون قد هدف لتنظيم العمل الرئاسي، واستيعاب وتيرته المُتسارعة في تنفيذ المهام، بما يتطلب استقلالية مالية وإدارية لتساعد في إنجاز تلك المهام، واستيعاب كوادر نوعية تدعم العمل برئاسة الجمهورية، وتسند لها بعض المهام، بالمقابل يرى مراقبون إن القانون الجديد يعني انتهاء أجل وظيفة مساعدي رئيس الجمهورية، خاصة بعد أسند الرئيس مهامه التنفيذية لرئيس الوزراء، وفقاً للتعديلات الدستورية الأخيرة، وبالتالي فإن وجود مساعدي الرئيس بات أمراً ضعيفاً. تقرير: محمد سلمان أغراض القانون قال رئيس لجنة التشريع والعدل بالبرلمان أحمد محمد التجاني :"إن اللجنة في إطار دراسة مشروع القانون عقدت إجتماعات مع عدد الجهات، آخذة في الاعتبار طبيعة رئاسة الجمهورية كسلطة سيادية عليا، وخصوصيتها التي أقتضتها مهامها السيادية في المجال السياسي والأمني والتواصل الخارجي مع الدول، من خلال الدبلوماسية الرئاسية، والمبعوثين الرئاسيين"، ونوه التجاني إلى أن هذه المهام الكبيرة غالباً ما تكون ذات طبيعة عاجلة، وتتطلب استقلالية مالية وإدارية لإنجاز هذه المهام، وأشار رئيس لجنة التشريع بالبرلمان خلال تلاوته تقرير لجنته أمام البرلمان بخصوص المرسوم المؤقت إلى أن القانون الجديد جاء ليستوعب هذه المهام، ويساهم في دعم رئاسة الجمهورية بكوادر نوعية ذات تأهيل متميز لتضطلع بتلك المهام، فضلاً عن إن هذه المهام تحتاج للمال اللازم للإنفاذ. في صلب التعديل يقول القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي، عضو هيئة قيادة المجلس الوطني، رئيس لجنة النقل بالبرلمان السماني الوسيلة، :"إن التعديل يجيء ضمن خطة الإصلاح المؤسسي للدولة، والقصر قمة الهرم إذ أنه يمثل سيادة الدولة، لذا لابد من تنظيم أعماله التنفيذية بما يتناسب مع النظام الرئاسي"، ويضيف الوسيلة :"مرت سنوات عديدة ظل فيها القصر مقيداً بإجراءات لا تمكنه من القيام بأعماله وممارسة دوره بالمرونة اللازمة، وتأتي هذه ضرورة إحداث هذه التعديلات، شريطة أن لا تتعارض مع الإجراءات العامة للدولة، المالية والإدارية "، ويتابع السماني :" في كثير من الأحيان يتطلب تسيير أعمال القصر الإدارية والمالية معايير معينة من ناحية سرعة وسرية ومستوى أدائها كفاءات ذات قدرات عالية و مميزة، وفي ذات الاتجاه ذهب قيادي بحزب المؤتمر الوطني، عضو لجنة التشريع بالبرلمان -فضل حجب اسمه- قائلاً :"إن المرسوم المؤقت الغرض منه استقلالية مالية وإدارية لرئاسة الجمهورية، كما في السلطة القضائية والقوات المسلحة، لطبيعة العمل في رئاسة الجمهورية الذي يتطلب السرعة في التحرك، وقد لاتتماشى مع الإجراءات المعهودة"، ونبه عضو لجنة التشريع بالبرلمان إلى أن ميزانية رئاسة الجمهورية ستودع لدى البنك، وستصرف وفقاً للوائح الإجراءات المالية والمحاسبية، لتسهيل التعامل، ونوه القيادي بالوطني إلى أن أموال رئاسة الجمهورية بالطبع خاضعة لسلطات المراجع العام، وفقاً لقانون المراجعة العامة، ولفت عضو لجنة التشريع إلى أن نواب الرئيس، وكل "طاقمهم"، وكل الجهات التابعة لرئاسة الجمهورية ستكون نافذتهم المدير التنفيذي الرئاسي، وأردف :"فكل مخاطبة تتبع لرئاسة الجمهورية يجب أن تتم في هذه الدائرة، وتنتهي وزير رئاسة الجمهورية الذي يعرض موازنته على رئيس الجمهورية ليوافق عليها، ثم يعرضها بعد ذلك على الجهات المختصة، ويشرف على تنفيذها. متطلبات المرحلة يشير القيادي بالحزب الاتحادي فيما يلي الوظائف العليا إلى أن المرحلة المقبلة تتطلب وجود مستشارين في مجالات محددة ، يمتاز شاغلوها بقدرات عالية، وتخصصات مختلفة، كل في مجال كل تخصصة، وينوه الوسيلة لضرورة أن يتمتع المستشار بجانب تخصصه بتجربة مقدرة، ونبه إلى ان ذلك يمنع تضارب بعض الجهات مع صلاحيات الجهاز التنفيذي، ويرى الوسيلة أنه بعد تعيين رئيس وزراء لا يحتاج القصر إلى وظائف على المستوى الأعلي تساعد الرئيس في أعمال تنفيذية، لأن كل السلطة التنفيذية انتقلت، أو فوضها الرئيس إلى الجهاز التنفيذي، لكنه عاد وقال :"هذا ما أراه، لكن التعديل لم يشر إلى ذلك"، وأردف :" فقط أنا لاحظت أنه موكولة لهم وظائف تنفيذية بالإنابة عن الرئيس الذي هو كان رئيس السلطة التنفيذية، وقد تغير الأمر بالتعديلات الدستورية الأخيرة". لم يجيء ذكرهم لم يرد في القانون الجديد لرئاسة الجمهورية، أي ذكر لمساعدي الرئيس من قريب أو بعيد، ومنح المرسوم المؤقت الذي أجازه البرلمان وزير رئاسة الجمهورية حق التنسيق مع الجهات المختصة، وأشار المرسوم للرئيس ونائبيه، والجهات المساعدة، لكنه لم يذكر بالاسم "مساعدي رئيس الجمهورية"، ونجد أنه بحسب التعديلات الدستورية الأخيرة التي أجازها البرلمان بخصوص رئيس الوزراء، فإن ذات التعديلات، نصت على إن نائبي رئيس الجمهورية ليسا أعضاء بمجلس الوزراء، بينما لم يرد كذلك لمساعدي الرئيس. مغادرون وباقون بات في حكم المؤكد، وفقاً لترجيحات الكثير من المراقبين، إلغاء وظيفة رئيس مساعدي الجمهورية بعد التعديلات الدستورية الأخيرة التي أجازت منصب رئيس الوزراء، وأوكل إليه الرئيس مهامه التنفيذية في الكثير من الاختصاصات المتعلقة بالشق التنفيذي، وقالت مصادر مطلعة ل(التيار) إن بعضاً من مساعدي الرئيس سيجدوا أنفسهم خارج التشكيل الحكومي المرتقب، ونجد أن للرئيس (5) مساعدين هم (محمد الحسن الميرغني مساعد أول رئيس الجمهورية، المهندس إبراهيم محمود نائب رئيس المؤتمر الوطني، د. جلال يوسف الدقير الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي "المستقيل"، وموسى محمد أحمد رئيس حزب مؤتمر البجا وجبهة شرق السودان، واللواء عبد الرحمن الصادق المهدي)، ربما يكون الدقير هو أول هؤلاء الخمسة مغادرة، وقد قرر الدقير التنحي عن منصبه كأمين عام للحزب الاتحادي الديمقراطي في (يونيو) من العام الماضي خلال لقاء جماهيري شهير لحزبه، وأفاد جماهير حزبه بأنه أبلغ رئيس الجمهورية المشير البشير بقراره، عن التنحي في الجانب السياسي الحزبي ووظيفته التنفيذية لظروفه الصحية، وغادر الدقير إلى (لندن) مستشفياً ولم يعد منذ ذلك التاريخ، وبالطبع فإن غادر الدقير منصبه التنفيذي كمساعد للرئيس، فإنه سيظل عضواً بالبرلمان وفقاً لنتائج الانتخابات الأخيرة لأنه كان على قائمة حزبه، مالم يتنازل عن عضويته هذه بالحزب، مفسحاً المجال لآخر، أو يعود وهذا أمر ضعيف بتقديرات كثير من المراقبين، ويعد الدقير من أبرز مناصري الرئيس البشير، ودخل في شراكة مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم وفقاً لأول مبادرة للحوار قدمها زعيم الحزب الشريف زين العابدين الهندي، بينما لايقل موقف الحسن الميرغني تعقيداً عن موقف الدقير، فالحسن لم يتم إختياره في اللجنة التي أصدرها والده للتفاوض مع الوطني وأوكل مهامها للقيادي بالحزب حاتم السر، وتقول مصادر ل(التيار): "حال تفاوض اللجنة مع الوطني، وأكمالها لمهامها برفع تقريرها لرئيس الحزب محمد عثمان الميرغني، وقرر الحزب المشاركة، فإن خيارات الحسن ستنحصر في ثلاثة : إما ترفيعه في منصب نائب لرئيس الحزب، أو قد لايتم إختياره وفي هذه الحالة سيغادر الحكومة"، وتبقى الخيارات أمام الحسن معقدة حال إلغاء منصب مساعد الرئيس، ويتمتع الحسن بشعبية واسعة وسط جماهير حزبه خاصة الختمية، كما إنه تمكن من خلق الكثير من المؤيدين بالمجالس التشريعية الولائية والبرلمان من القيادات الذين دفع بهم، كذلك شبيه بهم موقف رئيس جبهة الشرق موسى محمد أحمد، الذي تطالب كتلته بشرق السودان بمنصب نائب رئيس الجمهورية في إطار التمييز الإيجابي لشرق السودان، أما محمود نائب رئيس الوطني فهو بالطبع سيذهب أينما يدفع به حزبه، وكذلك نجل الإمام الصادق المهدي، اللواء عبد الرحمن، الذي يصف والده مشاركته بأنها قرار شخصي، لمنطلقات وطنية رآها نجل الإمام المنتمي للقوات المسلحة السودانية.