بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن عمر محمد أحمد : استلام السلطة بتلك الطريقة كان (خطأً تاريخياً) والاعتذار لا ينفع.. الترابي علاقته باللعب (ثوانٍ معدودة) والبيعة بتلك الصيغة (دجل لا يؤمن به)
نشر في الراكوبة يوم 29 - 01 - 2017

تعلمت السجائر بسبب مايو و (هذا الكلام غير صحيح مطلقاً)
جئت للحركة من البادية أعيش الترحال، أرعى الغنم والعجول
تسامح البادية جعلهم يرسمون الصليب على المولود الجديد
الإسلام في البادية شعائر بسيطة وكانت المرأة ممنوعة من الصلاة
التعداد السكاني بدارفور كان معركة و أزمتها هي عجز جهاز دولة
نصحوني بالمذاكرة له، فهو رجل يأكل الكتب ويذاكر السِيَر وجدته بعد ظهيرة مرهقة يقلِّب أوراقه وأدويته، يرتدي العراقي والسروال الطويل، يستمع للأخبار من الراديو، ويتحدث عن الخميني ونزار قباني وحمرة الشيخ والترابي وكيف حصلت المفاصلة، سرد قصصاً نادرة وحكى تفاصيل خطيرة، مشهور بتحدث العربية الفصحى، أصبح مزاراً للإسلاميين القدامى والجدد، سمعت حكايات وحكايات ثمينة وبالمجان، الكل يبكي التجربة ويضع التعجب، ثم يذهب لبيته وأهله ليعود قريباً، وهكذا دواليك، منزل ابن عمر محمد أحمد، في حالة دائمة من النقاش والتفاكر حول الحكم ومستقبل السودان وحجم الأخطاء المرتكبة، وهل من طريق للنجاة، وطبعاً يسكن بري، وبابو فاتح يقدم هدايا البادية الثمينة، السمن والعسل والعطور البلدية، ويمكن أن تتعرف اليوم وتبيت الليلة في صالونه دون أن يسألك سؤالاً واحداً، طراز فريد يبكي السودان كل دقيقة علماً وشعراً وتاريخاً وأفكاراً.. وإلى التفاصيل:
× في الأسبوع الفائت نشرنا هنا ب(التيار) تصريحاً لمدير مكتب الخواض ينفي فيه الإشارات السالبة حول صورة قديمة تجمع بين هاشم بدر الدين وبين الأستاذ علي عثمان؟.
ماذا قال الخواض عن هاشم بدر الدين؟.
- الخواض قال إنه كان ناشطاً إسلامياً، وتعود لزمن في عام 1987م، في أمريكا، حيث كان علي عثمان يحاضر في إحدى الجامعات.
× خذ مني هذا.. هاشم بدر الدين لم يكن ناشطاً ولم يكن إسلامياً.
× هاشم بدر الدين في نفس الخبر قال إن الصورة جماعية ونشرت للتشويه؟.
- جماعية وين وفيها منو، بل لماذا يدافع عن تلك الصورة، لو كانت جماعية وعادية.
× في تقديرك من هو هاشم بدر الدين إن لم يكن لا ناشط ولا إسلامي؟.
- يقال إنه تكلم كثيراً مع منصور خالد ورياك مشار، وبالمناسبة سمعنا أن والدة هاشم جنوبية، وهذا أيضاً شيء عادي، لكنه يضع المؤشر حول حجة (إسلامي وناشط).
× ولكن (فعلاً) التسويق للصورة في الاتجاه السالب شيء واضح؟.
- (شوهد) أيضاً، علي عثمان في مطار (أتاوا)، وقيل إنه كان يرتب لنقل الترابي بعد الإصابة ليبقى في جنيفا ويقضي بقية عمره هناك.
× يظن البعض أن كل ذلك سببه تداعيات طريقة استلام السلطة؟.
- (كان خطأً تاريخياً والاعتذار ما بينفع).
× نعيش أيام مهمة؟.
- أرجو أن لا يفسدوا علينا الحياة.
× هل ثمة أمل في وفاق وطني عريض؟.
- تقريباً الأمور أنهارت والأمل في الحكماء.
× أنت متشائم؟.
- عشان (الموضوع بائظ).
× لديك فرصة لتوجيه أسئلة خاصة لإسلاميين تعرفهم جيداً؟.
- معظمهم تائه ويعرفون حجم الخسائر لكنهم يتجاسرون.
× لديهم عداء شديد مع الشيوعيين وهم طبعاً سودانيين؟.
- العداوة بسبب الدين وليس بكونهم سودانيين.
× حسب متابعاتنا الصحفية، هم حزب سياسي ولهم رؤية مختلفة لإدارة الوطن؟.
- لم تحضروا زمن الإلحاد كانوا بيقولوا لينا (الله بتاعك دا).
× أنت إسلامي وتشرب السجائر بشراهة؟.
- بسبب مايو.
× سجائر الإسلاميين (عنوان تحقيق)؟.
شربت السجائر ردة فعل على الإنجراف وراء ثورة مايو، اعتزلت الناس وأنا غاضب.
× نحن في هذه الظهيرة من عام 2017م ؟.
- تعلمت الصبر (كيف أكون صابراً)، ولسه السودانيين ما قادرين يتصوروا حجم الخراب في المسيرة، وبالبؤس لن نصنع حضارة، ولابد أن نفهم البون الواسع بين الكسرة والدعارة.
× لم أفهم؟.
- عاوزين سوداني عادي، ونحن بلد زراعي، وممكن نحدد عظمة شخص لو ربى غنيماته بالحلال وحاول كادحاً بتحسين حياته خطوة خطوة لنخلق اقتصاد سوداني من عرق أيدينا ونسجل نجاحاً، حينما نكون مثل آبائنا وأمهاتنا صاعدين بقضايانا كما ينبغي.
× سمعنا أن الطالبة التي حاولت تجنيدك للشيوعيين صارت زوجتك؟.
- الكلام دا مطلقاً غير صحيح.
× كنت في زمن النميري مطلوب على الدوام؟.
- (الخوف الدخلوا أبعاج في الناس لسه ما طلع).
× سمعنا تصريحاً يؤكد ببداية الإنقاذ الثالثة؟.
- الإجابة أتركها نقاط (فاضية).
× نعيك للترابي كان فريداً، قلت لي (بعده الدنيا ضلمت)؟.
- أخر مرة زارني فيها ليحمد لزوجتي السلامة، ودا كان في فبراير.
× ماذا تعلمت منه (بتركيز خاص)؟.
- تعلمت منه الدين بلا خرافات ولا خزعبلات.
× متى يزعل؟.
- زعله مرتبط (ما يغضب الله) وكل شيء يستخلص منه (الزاوية مع الله)، ويترك الشخصي، وهذه ليست طباع شخص مجتهد، بل دين.
× كيف واجهت رحيله؟.
- كان رحيله خارج من كل احتمالاتي واحتمالي.
× نفهم احتمالي، ولكن كيف يكون رحيله خارج احتمالاتك؟.
- التوقعات والحسابات والعشم أن يفعل للسودان، وكان أملي في الله أن أموت قبله، وأن يقف على قبري ويدعو الله لي.
× هل ترك في عنقك بيعة؟.
- هو لا يتعامل مع تلك الصيغ، وهذا دجل لا يؤمن به مطلقاً، ولابد أن تقرأ الآية كاملة لتفهم (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) وما تجده في مكان أخر لن تجده عند رجل مجدد وشجاع وواعي بالتاريخ كل التاريخ.
× لم تحتمل رحيله؟.
- الإنسان يحتمل أشياء معينة ثم تأتي أشياء فوق طاقته.
× دا الانهيار؟.
- نعم، إنه الانهيار.
× كنت بعيداً في المملكة، بينما الشيخ يوارى الثرى؟.
- عزوني الناس وتحدثت فيهم عن الشيخ حسن الترابي.
× كيف تحدثت؟.
- قلت إن فقهاء السودان في كفة وهو في كفة مرجحاً بهم، لأنه كان صاحب رسالة من عمر الثانوية وصاحب برنامج، لم يجد وقتاً للعب، درس المذهب المالكي وهو عائد من المدرسة.
× لو وجد وقتاً للعب (ربما كان ذلك من حقه)؟.
- ذكر أنه حاول أن يذهب للميدان فشاهدهم يجرون ويجرون، مكث ثوانٍ وعاد بسرعة لمكتبة والده (دي علاقته باللعب).
× ولكن الفقهاء من غيره هم أيضاً فقهاء؟.
- (ديل بتاعين حفظ وتقيؤ الماضي). تجاوزهم بفهم واسع وهو طفل ولا أحد يعرف السودان مثله (أشخاصاً وقبائلاً وواقعاً وتاريخاً).
× لماذا لا يرد على منتقديه وشاتميه؟.
- لأنه داعية مؤمن ومطبق القرءان (ولا يحزنك قولهم).
× (عمي ابن عمر) ربما نلتقي بك في زمن صعب، زمن الأزمة والاعترافات؟.
- لأننا جئنا ضمن حصة محاولات التحديث بالبندقية.
× (دا استدراك مهم للغاية)؟.
- في السبعينات كانت هناك دعوة تحريض بتقليد الغرب بدون تطوير ولا تغيير ولا تحديث، بل مجرد تقليد، وأظن أن التحديث الإسلامي انتبه لهذه المغالطة الكبيرة، فخرج بمقاله في التحديث الإسلامي مليئاً بالقلق والتوتر وذلك لاختلاط المفاهيم في هذا المجال.
× حقو نتعمق شوية في جزئية (اختلاط المفاهيم)؟.
- من غزوة نابليون حصلت ربكة فكرية لا تزال تحتاج تداعياتها لمراجعات حتى في فقه الإمام محمد عبدو والشيخ رضا، فقد صحبهما عمل سري لا أدري حتى الأن ما هي جدواه ومدى فعاليته رغم الكثير الذي كتبه الأفغاني.
× من أين جئت للحركة الإسلامية؟.
- جئت للحركة الإسلامية من البادية من شمال كردفان، كنت أرعى الغنم والعجول وأعيش حياة الترحال، وكان الناس هناك يحيطوني بتقدير أحسبه أكثر مما يجب تقديراً لوالدي المنتسب للسلسلة الركابية، وكانت أمي كثيراً ما تذكرني أن أكون (شاية وراية) مثل جدي نايري في الحلفاية.
× (في ظني) أنك لا تناسب أن تكون ضمن حركة صفوة؟.
- اختلطت في ذهني الأمكنة، ولكن لازمني الإحساس بأن كل مكان هو مكاني، وقد لا يكون كل زمان هو زماني.
(كل مكان مكاني) تلك هي رؤية البداوة الأفق مفتوح والحرية نسيمة السماء؟.
- أعطيك دليلاً، حيث أنني درت دورات عديدة حول المدرسة في أول أيامي أتفحص هذا البناء العجيب الذي لا يشبه خيباتنا، وقد أزدحم عليَّ المكان عدداً من الطلاب هو عدد كبير بمقاييس أي تجمع في دنيا البادية، وقد حبب لي الله الصمت والتأمل فيما حولي لعلي أدرك شيئاً بيِّناً.
× كيف وجدت المدرسة؟.
- انتقلت إلى بارا مع ابن عمي رحمة الله أحمد أبو القاسم، ناظر المدرسة والذي حرص على إكمال تعليمي لصلته بأبي روحياً واجتماعياً.
× كيف كانت بارا؟.
- كان لبارا نسيماً يحمل روائح الفاكهة والنيمة والأزهار، وكأني بها قد تسمَّرت على الأرض بأشجار اللبخ، وكانت أصوات الوابورات الرتيبة تعطي خلفية موسيقية تجبرك راغماً إلى عوالم أخرى، ومن يعيش في بارا يظل محتفظاً بعشق دائم إلى ليمونها وجوافتها.
× تلك هي البادية؟.
- البادية لا يوجد بها نكد على الإطلاق.
× حدثنا عن قيم الدين فيها؟.
- كل الحياة عبارة عن بسطاوية وفركة وعصا وإبل وزولتنا تغني.... دار الريح طاريها ... مشتول المنقة فيها... أشيل الجوز وأسقيها ... عشان الطير ما يحاحيها.
× بساطة وفاقة ومحبة؟.
- كنا نهرب من سيارات الحكومة التي ستأخذك قصراً إلى المدرسة أو الحكيم فتحقن بالدواء.
× تلك هي البادية؟.
- وأغرب ما في البادية أنك كثيراً ما تكثر من ترجيع الصوت والصدى فيطربك ترداده، خاصة بعد هطول المطر، وحياتنا في البادية صغيرة ومحدودة، فلا عنت ولا رهق، بل تعيش في حميمة مع صغار الحملان والعجول، كأنك تمتلك نصف الدنيا.
× ولكنك انتقلت من تربية العجول لنظام صارم اسمه المدرسة؟.
- كنت أقاوم تلك المرحلة بأبيات الشعر....يا راقد البرق أيقظ راقد السمر.... لعل بالجزع أعواناً على السهر.
× متوقع أنك دعمت الحركة الإسلامية بمبدأ التسامح (على الأقل)؟.
- في البادية ثمة تقليد كانوا يرسمون الصليب على وجه المولود، وأنا أعيد هذا للتسامح الثقافي النوبي، وكان نقر أجراس البرمكية وهي مزيكا حربية ندخل بها فصول (غرف) الدانقيل.
× عشت ابن بادية؟.
- وحفظت وصية أمي، أن لا أنقل كلاماً لأحد من الناس، وأن لا أطمع في شيء عند أحد ولا أضر.
× تلك أخلاق بالبادية؟.
- بل، تلك أخلاق الأشراف.
× كنت راعي إبل؟.
- ومن أغرب طبائعها أنها تعيش في درجة حرارة (70) درجة، والإبل تحتفظ ب الجي بي إس واستغرب بحقدها الدفين، وأعظم رجالنا ماتوا مع الإبل دفاعاً عنها في طريقها إلى مصر تضوراً من الجوع.
× ندخل معاك الثانوية العامة؟.
- إنها مرحلة جعلت من حياتي حياة و حوَّلتني من طامع فيها إلى متعلق بالنضال، ومرة واجهت الطلاب وخاطبتهم تلك الليلة لساعات، حديث الكرامة والحرية والعزة، فسقط ثلاثة طلاب مغمى عليهم انفعالاً بما تحدثت به.
× معلم كبير افتقدته؟.
- كثر جداً، محي الدين فارس عبد الله، الشيخ البشير، محمد بخيت محمد علي والعبقري سامي يوسف الأديب المسيحي الذي فقده السودان.
× أم درمان القديمة؟.
- كانت قصة من الذهب، صلبة ولا تحس فيها تباين، بل أدركها تمازجاً وامتزاجاً، وما زلت أشاهد من خيالي ظريف أم درمان الهادي الضلالي، وكنا نلف أم درمان يومياً من طرف لطرف، قهوة برمبل ويوسف الفكي، المساد والمدارس وبيوت الدعارة في صف واحد، وما زلت أشاهد من خيالي منظر الصبية متزاحمين على البارارات، ويظن البعض أنها ثقافة إفريقية متخلفة، لكن شرب الخمر مرتبط فيها ببعض المناسبات.
× الحجاب والتدين في عالم البادية؟.
- لم أصدق أننا كنا نعيش حياة بدوية قد انتهت فعلاً، فالفتيات كن يلبسن الرحط (فوق البطن وتحت)، ولا توجد تربية دينية بمعنى الكلمة، كما نفهمها اليوم أو قبله.
× الإسلام في البادية شيء غير؟.
الإسلام في البادية مجموعة من الشعائر البسيطة بالتزامات بسيطة، وكانت المرأة ممنوعة من الصلاة والمثل الشائع (تجنب المرأة الصلاية والجدادة العوعاية).
× ولكنك دخلت للحركة الإسلامية طولاً وعرضاً؟.
- كان الانجذاب لها شيء عادي، ولكن الترابي كان ظاهرة جديدة في المجال الديني (فخامة جرأة وكاريزما).
× النشأة الثانية لك كانت في أم درمان؟.
- لكن ناس أم درمان ديل كانوا ناس حفلة وبس، وكانت في حيوية شديدة في ذلك الوقت، وحينما جاءت أكتوبر 64 كنت صغيراً ابن 12 سنة، ولكني أحفظ كلمات وزير الداخلية (يجب أن يبقى أي واحد في بيته من الثانية وحتى الخامسة)، رجعت المدرسة والبوليس قاعد وعرفت أن الحكم العسكري انتهى.
× عاوزين ندخل معاك لدارفور؟.
- أنا أدعي أنني أعرف جغرافية دارفور (شبر شبر)، فهي الأكبر والأغنى، ثم الأكثر تداخلاً بالدول الخارجية، بل هي في مجمل ثقافتها هي الأعرق في كل شيء حتى هيئة السكان وهي الأغنى بالمناخات وتحتضن الكنز العظيم (جبل مرة).
× ولكن التاريخ السياسي يؤكد أنها شبه معزولة عن بقية السودان؟.
- أنا لا أقبل تلك الذهنية التي تقول إنها شبه معزولة، ولكني أقبل أن البعد الجغرافي والطائفي والسياسي جعل دارفور مثلاً خالية من المدارس و تكاثر فيها شباب الفاقد التربوي الذين تقاعدوا عن الزراعة والرعي وأصبحوا احتياطياً جاهزاً للمتمردين، وحتى جغرافية دارفور ساعدت على إشعال التمرد بسهولة بامتداد صحراوي، وحتى غابات الردوم أحتوت على كل أنواع المجموعات السكانية السودانية حتى أدخل القذافي عنصر الصراع المسلح مكايدة في النميري.
× التمرد طلب تنمية؟.
- ومين لقى تنمية.
× كانت دارفور محتوى لكل المجموعات السودانية؟.
أسرة صولون التي حكمت دارفور قبل 500 عام، وتعاملت مع كل السودان جزءاً. هي أسرة عربية ومنذ خمسة قرون استقبلت تدفقاً عربياً أندلوسياً، بل ساهمت في إسكان قبائل عربية في كردفان، فلم يكن فيها أي تمييز ومنذ القرن 17، حيث اضطرب السودان كله، ذهب معظم أهل النيل إلى دارفور وهيأ لهم السلاطين سبل التجارة ولا تكاد مقدومية تخلوا من وجود سلطة من شماليين حتى وقت قريب.
× واضح أن لدارفور تاريخ واضح ومعروف؟.
- دارفور هي أرض الفور، ليس لأنهم الأقدم، بل لأنهم أقدم حكم استقر فيها، وهي أول مكان في السودان شهد قانوناً مكتوباً.
× ولكن من السطح المذكور أن الحرب كانت بين عرب و زرقة؟.
- كانت حرب همبتة بسبب الجفاف وليس الأعراق، وأصل الصراع بين الرعاة والمزارعين سببه الجفاف وسوء إدارة تلك الموارد بقدرات دولة.
× الجفاف وليس الأعراق هي سبب الصراع؟.
- على المستوى القبلي الواحد تجد صراعات، وهناك مواجهات دموية يتحالف فيها الزغاوة والعرب ضد الفور، وفي عام آخر تجد تحالفاً بين الفور والعرب ضد الزغاوة، وهنا أضاف الصراع السياسي في تشاد أبعاد الصراع المسلح.
× البعد الخارجي دائماً حاضر في أزمة دارفور؟.
- دخول العامل السياسي معروف وارتبط بمخطط قرنق والقذافي، وقرنق نفسه ذكر وأنه بصحبة الصادق المهدي وجد دعماً من القذافي لم يحوِّجه لدولار واحد طيلة خمس سنوات كاملة.
× كل ذلك التراكم والمحن تزاحمت أمام بوابة 2003م، تاريخ انفراط العقد؟.
- انفجار 2003م، كان مدفوع من القذافي ضمن حرب (أوزوا) في تشاد وحلمة اقتطاع دارفور وضمها لتشاد، وكان ذلك عبارة عن عبث إمبراطوري.
× دا تاريخ واضح؟.
- دا ليس تاريخ، بل هو عجز جهاز دولة.
× نأخذ مثلاً الصراع بين المعاليا والرزيقات؟.
- معلومة واحدة منه تكفي أنه بدأ منذ المهدية وأصبح إرثاً قبلياً، والصحيح أن المعاليا جاءوا من (أم دخن) وجزء صغير كان يعيش بالقرب من الرزيقات، ولعل السبب العام الخفي هو خضوع دارفور لسلطان دولة مركزية بعد قرون من الاستقلال أنتج مجتمعاً منظماً سلطوياً، ويمكن أن تأخذ أي قسمة منه، وتعمل تمرداً متماسكاً.
× التعداد السكاني لدارفور؟.
- خلفه دائماً الغرب ليقول عدد العرب كذا، وعدد المسلمين كذا، وعدد المسيحيين كذا، وهو عبارة عن حملة إعلامية.
× (حكاية التزامن) إن دارفور تنفجر في زمن حكم الإسلاميين؟.
- الصراع لم يبدأ في زمن الإنقاذ، والجهاد واجب قديم على المسلم ليس في إفريقيا، بل على امتداد العالم، والحقيقة أن الإسلاميين كانوا وراء أول سلاح يدخل إلى الكنغو وإرتريا ومنغمسون في صراع تشاد ولديهم الدور القائد في إفغانستان وحتى في باكستان أشتغلنا كتير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.