على مقربة من التشكيل الحكومي، حدثت مفاصلات سيكون لها ما بعدها داخل تحالف الوفاق الوطني الذي يجمع أحزاب المعارضة برئاسة الأمين العام للمؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي. حصيلة الانفجار، أودت ب (9) أحزاب داخل التحالف الذي تأسس في أبريل العام الماضي من (21) حزباً وحركة مسلحة، توافقت في نوفمبر العام الماضي على تشكيل لجنة لتوضيح رؤيتها حول التعديلات الدستورية الخاصة بالحوار وتم إيداعها منضدة البرلمان. وبموجب المفاصلة الجديدة، انشق قادة بارزون في التحالف، باعتبارهم من حملة بطاقة عضوية لجنة مراقبة إنفاذ مخرجات الحوار، وهم: فضل السيد شعيب، وبشارة جمعة أرور، وعمران يحيى، وعثمان أبو المجد. وأبان رئيس حزب تحالف الشعب القومي، د. عثمان أبو المجد أن خلافات مجموعة التسعة ناجمة من كون المؤتمر الشعبي يريد أن يصنع منهم أدوات لتحقيق أجندته الخاصة بعد أن قام بنسب كل النجاحات التي حققها التحالف لنفسه، خاصة قضايا الحريات التي أجازها التحالف، وقام المؤتمر الشعبي بتصدّرها في الرأي العام كأنه من حققها. نفي مغلظ سارع الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي، كمال عمر لينفي ممارسة حزبهم للإقصاء. وقال لم نمارس أي إقصاء ضد أحزاب التحالف أو السعي لتحقيق أجندة حزبية عبرها، مبيناً أن الخلافات سببها تخلي المجموعة المنشقة عن ميثاق المعارضة والتماهي مع الحكومة. وقال عمر إن هذه الأحزاب التسعة تخلت عن قضية الحريات جهاراً نهاراً بحسبانها قضية أساسية للمعارضة، كأنما أصبحت غير ملزمة بالنسبة إليها، متماهية مع الحكومة، وذلك عندما قالت بصريح العبارة إن الأمن أولوية مقدمة على الحريات. من جانبه نفى رئيس حزب العدالة القومي نائب رئيس تحالف الوفاق الوطني، أمين بناني، أن يكون حزب المؤتمر الشعبي قام بتجيير التحالف لخدمة أجندته الحزبية، أو أن يكون ينسب إنجازات التحالف لصالحه. وقال بناني ل (الصيحة) إن الاتهامات المثارة ضد الشعبي غير سليمة، وليست في محلها، مشيراً إلى أن هذه الأحزاب التي انشقت هي التي كانت تدفع المؤتمر الشعبي ممثلاً في أمينه العام إبراهيم السنوسي داخل اجتماعات اللجنة التنسيقية العليا مع الرئيس للتحدث بصفته الحزبية وليس كرئيس للتحالف جراء مناكفتها له واعتراضها على ما يطرحه. وأوضح بناني أن مجموعة الأحزاب المنشقة تم استقطابها من قبل المؤتمر الوطني وأصبحت أكثر موافقة لأطروحاته من أطروحات التحالف، مشيراً إلى أنهم لطالما احتجوا على ذلك. ونوّه لحديثهم أكثر من مرة من منصة التحالف في اجتماعاتهم مع نائب رئيس المؤتمر الوطني إبراهيم محمود في هذا الشأن، وطالب بضرورة توقف المؤتمر الوطني عن محاولات اختراق التحالف، وقال: بهذا الانشقاق تأكد لنا رغبة هذه الأحزاب في الانضمام لجانب الحكومة. وفي السياق، كشف بناني أن التحالف سيعمد بعد خروج هذه المجموعة للمطالبة بإعادة هيكلة لجنة إنفاذ مخرجات الحوار وحذف المجموعة المنشقة. اعتراضات ويمضي الأمين السياسي لتنظيم الإخوان المسلمين، أمية يوسف في ذات القضبان التي سار عليها أمين بناني. وقال إن التهم التي ساقها أبو المجد ومجموعته للمؤتمر الشعبي غير سليمة بحسبان أن الجميع شركاء في التحالف ولا يمكن لأي عضو أن يقود الآخرين لتحقيق أجندته الحزبية، منبهاً في حديثه مع (الصيحة) إلى أن القرار داخل التحالف يتم اتخاذه بطريقة شورية، الأمر الذي يجعل من السهل تدارك الأخطاء وإصلاحها في حينها. وذكّر أمية بما جرى للأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر حينما قدم ورقة التحالف الخاصة بالحريات للبرلمان باسم المؤتمر الشعبي، وحين احتجت أحزاب في الحلف، اعتذر عمر وبرّر تصرفه بمخاوف لديه من رفض البرلمان هذه الورقة إن هو قدمها باسم التحالف لذلك قدَّمها باسم حزبه. بيد أن أمية عاد وقال إن اي عمل جماعي لا يخلو من أخطاء، مشيرًا إلى أخطاء كثيرة حدثت، بل ويتوقع أن يحدث مثلها من أحزاب أخرى بخلاف المؤتمر الشعبي، ولكن المحك في ضرورة معالجتها ضمن إطارها داخل التحالف، والحرص على عدم خروجها إلى العلن لتكون سبباً في انشقاق الآخرين. وفي رده على اتهام د. أبو المجد للشعبي بأنه استخدم التحالف مطية لتحقيق أهدافه قال أمية: نحن كأحزاب متفقون على أن الحريات وتوقيت دخولها للبرلمان تمثل لنا أساساً في العمل السياسي، وإن كان هناك حزب أو مجموعة ترى غير ذلك فهذا شأنها، وتابع: أما نحن فنطالب بها قبل تشكيل الحكومة حتى يكون هناك تغيير حقيقي. مشدداً على أنهم كتنظيم مكون للتحالف لن ينسحبوا منه مهما حدث من إشكالات، منوهاً إلى أن رؤيتهم تقول بذهاب كل من يشعر بعجزه عن التوافق مع الآخرين لدرجة خلق واختلاق مشكلات، وقال: نحن لا نستطيع الحكم بصحة أو خطأ حديث أبو المجد، لكن نقول الخطأ هو الانسحاب من التحالف بحسبان أن أي خلافات تقتضي معالجتها داخل التحالف، وزاد: "المؤتمر الشعبي مثله مثل مكونات التحالف له صوت واحد، ولا يستطيع تجيير إنجازات التحالف لصالحه كما يقول أبو المجد". واختتم أمية حديثه بأنهم لا يتهمون حزباً داخل التحالف بالتماهي مع الحكومة، كما لا يتبنون رأي كمال عمر، وأضاف: الخروج من الحلف لا يعالج الإشكالات، وكان في المقدور الحل داخل البيت. الصيحة