** بالنسبة ل آدم الفكي محمد الطيب، والي جنوب دارفور، أن المفاهيم المجتمعية في ولايته تغيرت كثيراً نحو الاستقرار وتثبيت دعائمه، ففي السابق كان الناس يكثرون من الحديث في قضايا تثير قلقهم تمثل لهم مشكلات واجب تجاوزها وتحتاج إلى تحقيق، كان الأمن والحرب والنزاعات القبلية تتصدر قائمة المطالب، لكن وفقاً للفكي أن مجتمعات ولايته ومجالس أنس الناس في المدينة ولقاءات المؤتمر الوطني، تحولت إلى مطالبات جديدة ومختلفة تمثلت في الخدمات من مياه وتعليم وصحة، وتسهيل سبل كسب العيش، وهذه تعتبر دلالات مهمة ومؤشراً لاستتباب الأمن وتفشي الاستقرار، ويعتقد الفكي في حواره مع (اليوم التالي) أن مقابلة هذا التحول تقتضي دوراً كبيراً من الحكومة في تلبية حاجيات المواطن، فضلاً عن ذلك يستبعد الفكي حدوث ممانعة داخل حزبه بشأن الاستجابة لتنفيذ مخرجات الحوار، خاصة قضية التنازل عن السلطة والإفساح للآخرين. *ما القيمة المضافة لمؤتمرات المؤتمر الوطني وما انعكاساتها على استقرار الأوضاع في جنوب دارفور؟ – انعقدت (5.400) مؤتمر أساس و(174) منطقة و(21) محلية وستة قطاعات، كلها انعقدت في جو هادئ وممتاز، دائماً حسب ما يقال أن المؤتمرات تصحبها إشكالات، ولكن هذه المرحلة انعقدت بسلاسة دون مشكلات، لم نسمع فيها أي نبرة جهوية وقبلية، في السابق كانت المؤتمرات تعج بقضايا الصراع القبلي وكان له أثر سالب، ولم تتحدث المؤتمرات عن قضية الحرب في السابق، كان الحديث عن الأمن والمطالبة بالجيش والتأمين، وهذا دليل واضح على أن قضية الأمن والاستقرار تمضي بصورة كبيرة، ولم تثر قضية المصالحات القبلية، القضايا المهمة أيضاً على مستوى معسكرات النزوح انعقدت ببعض الوحدات، وهذه دلالات على أن الناس في المعسكرات بدأوا تتجاوب مع أطروحات المؤتمر الوطني، فكل التوصيات التي وردت تتحدث عن قضايا الخدمات من (مياه وتعليم وصحة)، وهذه لها آثار إيجابية جداً، ودليل عافية وتقدم. *هل يمكن القول إن المؤتمر الوطني في جنوب دارفور الآن تعافى من القبلية في داخله؟ – تعافى بنسبة عالية، على سبيل المثال "شخص مريض ويستعمل دربات وبعد يومين جيت لقيتو قام على حيله، معناه تعافى"، صحيح نحن الآن لم نصل إلى القمة لكن يوجد تعافٍ قد يكون هناك بعض الناس لا تزال لديهم بعض الجيبوب، وهذه واردة في أي مجتمع. *من ضمن المستجدات انعقاد مؤتمر الحزب في محلية شرق الجبل؟ – لأول مرة منذ بعد (24) سنة يعقد مؤتمر في شرق الجبل، والحضور كان كبيراً وهذا يعني أن قضية التمرد انتهت، وهذه قضية مهمة لا ينبغي أن تمر هكذا، وجاءت توصياتهم داعمة للأمن والاستقرار. *بعض قيادات جنوب دارفور في الخرطوم يحاولون التدخل بشكل خفي في إدارة بعض الأزمات.. ما مدى تأثيرهم؟ – حتى الآن "ما شايف أي تدخل"، ولم نجد أثر شخص يريد الإثارة، والجماهير أصبحت واعية وعارفة كل شيء. *شعار مؤتمرات الحزب "نحو أمة منتجة" وحسب المعطيات جنوب دارفور في حاجة إلى ترجمة هذا الشعار.. إلى أي مدى وضعتم من الترتيبات لإنزال هذا الشعار وجعله واقعاً؟ – هذه قضية مهمة جداً على أساس أن السودان اليوم يختلف عن الماضي، وجنوب دارفور اليوم تختلف عن الأمس، وكذا اختلاف في القضايا المطروحة، وهذا تطور طبيعي جداً لقضية السلام بالتالي تبني شعار (أمة منتجة) يمثل القضية الاقتصادية الأولى، إذا لم نتبنَ قضية الإنتاج والإنتاجية بحيث إن أي إنسان إذا لم يجد حاجة تساعده في الحياة فإن قضية الحرب لن تتوقف، لأن الناس يمكنهم أن يتقاتلوا إذا لم يجدوا مياهاً ومرعى وغيرها، أفتكر الشعار مفيد وينفعنا كولاية خارجة من الحرب، ومن أهم القضايا التي رفعناها في توصيات ورشة نظمناها هي توسعة سبل كسب العيش على أساس أن أي إنسان إذا لم يجد له مصدر دخل إضافي غير الذي يعمل فيه، ومستعد يحافظ عليه ويطوره، فإن الحرب لن تنتهي، والآن نعمل في رفع الإنتاجية لأن مقوماتها موجودة والولاية فيها (24) مليون فدان قابلة للزراعة، و(15) ألف رأس من الثروة الحيوانية، إذا اشتغلنا بقضية الإنتاج ووفرنا سبل العيش، فأي زول بعدها تسأله من البندقية لن يبالي، نريد إيصال الناس إلى مرحلة يتخلوا فيها عن البندقية، لأنها بالنسبة له غير ذات جدوى ولا تقضي الغرض، وبالتالي هذا الشعار مهم، لأنه يخرجنا من قضية حمل السلاح لتحقيق مكاسب، إلى قضية الإنتاج وتوفير مطلوبات الحياة. *يلاحظ أن جنوب كردفان وصلت إلى توافق سياسي بين مكوناتها في ظل ظروفها المعروفة خاصة الحركات المتمردة.. ما السر في هذا التوافق؟ – أي حاجة تؤدي إلى وقف الحرب سنعملها، إذا في شخص يحمل السلاح وجاء طالباً منصب وزارة أو حتى منصب الوالي، فيجب منحه له من أجل وقف الحرب، الناس وصلت مرحلة استقرار رفضوا فيها الحرب، الآن الأحزاب الموجودة نحن وصلنا معها إلى وفاق كبير جداً ومرتب، وحالياً نحن في انتظار القادمين رغم أن العدد كبير، ولكن لا حل إلا التعامل معهم بنفس الطريقة التي طرحت بها قضية الحوار، ونحن جاهزون وعندنا (8) وزارات نمنح المشاركين أربع وزارات، وكذا نمنحهم (7) أعضاء في المجلس التشريعي وكذلك رئاسة لجنتين. *مسألة إفساح المجال في السلطة للآخرين هذه ربما تكون غير مقبولة بالنسبة لقيادات حزبكم وقد تحدث تفلتات؟ – أنا لا أقول تحدث أو لا تحدث تفلتات، لكن أعتقد أن نسبة عدم الحدوث هي الأعلى، وفي النهاية المسألة مرتبطة بالإنسان وطبيعته، لكن العزاء أن الفترة ليست طويلة، إذا صمنا سنتين من الحكم ما الذي يحدث؟ وهذا مربط الفرس بالنسبة للحزب، لأن بعد 2020 لا توجد تنازلات ولا تفريغ دوائر، ويوجد تنافس حر ونزيه، بعدها إذا الحزب متماسك ممكن تأخذ الحكومة كلها، لكن الآن طالما نبحث عن وفاق لابد من تقديم تنازلات. *يعني ذلك أنتم متحسبون لاحتمالية حدوث تفلتات؟ – نعم وارد، لكن بالحوار والمنطق يمكن معالجتها، نحن الذين طرحنا مشروعاً وبالتالي نتحمل النتيجة. *إلى أي مدى لمستم تقبل ذلك الأمر لدى عضويتكم؟ – حتى الآن لم تأتِ أي توصية ترفض التنازل، وهذه التوصيات نعتمدها في سياسة الحزب، إنما تحدث الناس عن انتخابات المجالس، وأفتكر هذا هو المهم، عندنا (21) محلية متوقعة، منها (450) نائباً، وهذا يمتص عدداً كبيراً من القيادات، ويعمل شغل مباشر مع القاعدة، لأن عملهم سيكون مع المعتمدين. *توقعات بأن يجد المؤتمر الشعبي حظاً من القبول في جنوب دارفور باعتبار أن له قاعدة معلومة خلال انتخابات 2010.. كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟ – من حيث التصنيف المؤتمر الشعبي له وجود الآن، وسيصبح جزءاً من السلطة، وأتوقع أن يحظى بنصيب أكبر من الولايات الأخرى، (الشعبي) في إطار منظومة الأحزاب له دور، المهم أن توليفة الأحزاب عندنا تختلف بعض الأحزاب في المركز. *مقاطعة.. لكن هنا مشاركون وهذه دلائل على التوافق؟ – أتوقع أن يركز الشعبي في إطار قسمة السلطة على هذه الولاية، لأن لديه بُعد فيها. *يبدو أن المؤتمر الشعبي "ممكن يقوِّم نفسكم"؟ – يقوِّم نفسنا في شنو؟ "أتكلم ليك بلغة الكتشينة، في لعبة 14 الذي بيده الاتو لا يأخذ أي اثني، ونحن قاعدين في الحكومة وبيدنا الورق". *هذا كله له علاقة بالخدمات وهناك انتخابات مقبلة؟ – الولاية فيها مشكلات، وعشان تنسي الناس المشكلات الأولى تبقى الخطوة التالية الخدمات، وفيها أهم قضية وهي الطرق، فنيالا ليست بعيدة من المركز لكن لوعورة الطرق يحدث الخلل الأمني، فبالتالي القضية الأساسية عندنا الطرق، لأنها تقتصر المسافات في كل القضايا الأمنية والاقتصادية، مثلاً محلية برام في السابق كان السفر إليها لا يقل عن خمس ساعات، لكن الآن وقعنا مع شركة لإنفاذ طريق برامنيالا واكتشفنا حاجة عجيبة، أن برام تبعد من نيالا (136) كيلو، أقل من الخرطوم مدني، يوم 30 مارس نفتتح طريق عد الفرسان نيالا التي تبعد (90) كيلومتراً، وطريق نيالا الضعين النهود يقتصر المسافة إلى (900) كيلو، وطريق نيالاالفاشر شغالين فيه ومهم جداً، ونيالا – كاس – زالنجي، آخر طريق (85) كيلو، كاس كايليك شطايا وجهنا فيه بالدراسة، وحكي لي شخص قصة أنه جاء من عد الفرسان الصباح واتصل على زوجته بمطلوبات الوجبة واشتراها وعاد في نفس اليوم (اتغدى) بها، هذه قضية ما كان متصورها، في السابق كان يأخذ أياماً. القضية الثانية التعليم لأن الحرب أثرت عليه، فمنطقة روكرو التي تم تحريرها من قبضة التمرد أخيراً جاء للامتحان منها (1.760) طالباً، وهذا يعادل طلاب المناطق الأخرى المستقرة جميعها، وهذه دلائل على أن الحرب إذا انتهت نسبة التعليم سترتفع، السنة الماضية كان عدد الممتحنين (36) ألفاً، وهذا العام (40) ألفاً، بزيادة (4) آلاف، لكن أهم ظاهرة، أن العام الماضي عدد الممتحنين في المدارس الخاصة أكثر من العامة، وهذا العام حدث العكس ما يؤكد الاستقرار. اليوم التالي