ابدأ وقفتي مع القراء برسائل منهم حول جرح يؤلمنا جميعاً، ولست وحدي التي شعرت بالمذلة من لغة نيكي هيلي (ممثلة U.S.A. في الأممالمتحدة) حين أعلنت منذ أسابيع انها ستضرب بالكعب العالي لحذائها كل من يوجه انتقاداً لإسرائيل!! ابن فلسطين رؤوف بدران يلوم بعض قادتنا الذين لم يشعروا بأي ألم من جراء ما أصابهم من تصريحات هيلي ولا من وقع كعبها على رؤوسهم، وأذكّر بقول الشاعر «ومن يهن يسهل الهوان عليه/ما لجرح بميت ايلام». ويا أخي الفلسطيني رؤوف لم تنفع معي (حقن البنج والتخدير) كما تقول وتؤلمني باستمرار مظاهر عربدة إسرائيل.. ومنها «عربدتها السياحية» فقد قرأت في جريدة (لو باريزبان) الفرنسية اعلاناً ترويجياً (31/3/2017) للسياحة في إسرائيل (أي فلسطينالمحتلة) يقول: الرحلة من باريس إلى مدينة (جيروزاليم) وتل أبيب بمبلغ 499 يورو، والاعلان يذكر ان السائح يطير في أربع ساعات إلى حضارة عمرها 3000 سنة. وهكذا تسرق إسرائيل التاريخ العربي وتحاول تهويد المعالم التاريخية والتراثية وحتى اسم «القدس» صار «جيروزاليم» ونحن لا نزال نتشاجر في ما بيننا في مخيم «عين الحلوة» اللبناني مثلاً! أسماء إسرائيلية على مدن عربية عمرو سلطنة عمان يثير موضوعاً غاية في الأهمية وهو عن «التقصير العربي في التعريف بالمدن والقرى الفلسطينية». وهذا صحيح وكان غسان كنفاني يتألم لتبديل الأسماء العربية لمدن وقرى فلسطين في أسماء عبرية مثل «بئر السبع» وصارت «بيرشيبا» وصرنا بحاجة إلى «كراس دليل» يعيد الأسماء الأصلية العربية إلى ذاكرة الأجيال الآتية.. ويضيف عمرو انه شاهد صوراً فوتوغرافية لمدينة صفد الفلسطينية وبهره الشبه بينها وبين الشام كأنها قطعة من دمشق. ويذكرنا بقصيدة أليمة لإبن صفد الشاعر سالم جبران. اين أمثال صلاح الدين؟ بولنوار قويدر الجزائر يوجه التحية إلى بقية القراء المعلقين لكنه لا ينسى طاقم جريدة «القدس العربي» وهذا جميل ومرهف وأشاركه الرأي! لفتني أيضا ما نقله بولنوار من قول القائل حول فلسطين: «اللدغة لدغة يهودية، والسمّ سم أمريكي والمؤامرة أهلية، ومن أجل عودة فلسطين إلى شرف عهدها يجب لها رجال من طراز: صلاح الأيوبي». أسامة كلية سوريا/المانيا يقول ببراءة «ما زلت أذكر البكاء الشديد عندما كنت في الصف الخامس وقرأ لنا المعلم عن بيارة البرتقال التي دمرها الاحتلال الصهيوني وقتل الأب الذي زرعها هذه الكلمة المؤثرة لم تُنسِ الموقع باسم (؟؟) غلطة في حرف فيها حيث كتب أسامة «زلة إصبع» لا أكثر، فنحن بشر، وثمة أخطاء كبيرة مثل تلك الغلطة على شاهدة قبر أديب كبير استطاع الخطأ المطبعي اللحاق به حتى قبره وطال الخطأ اسمه على قبره!! المرأة رجل ينجب الأطفال!! في معرض التعليق على كلمتي في اليوم العالمي للمرأة يكتب الدكتور اثير الشيخلي/العراق: «الحيف أمر واقع على المرأة ليس في دولنا المهزومة نفسياً نساء ورجالاً فحسب، وانما في معظم دول العالم، والمطالبة بحقوقها كما حقوق الرجل قضية عادلة». ويتوقف امام عبارتي «المساواة الخرقاء»: وقولي ان المطلوب التكامل لا التماثل.. ومثله يتوقف رياض المانيا أمام العبارة ذاتها، وأشعر بأنني مدينة لهما ولبقية القراء بتوضيح ما أعنيه «بالمساواة الخرقاء» وهو ما قصرت فيه لأنه سبق لي ان تحدثت عن ذلك مطولاً في كتابي «امرأة عربية وحرة» كما في «لحظة حرية» أخرى ولدي هلع من التكرار، ولكن لا بد من توضيح عبارة «المساواة الخرقاء». وإليكم هذا المثال المختزل عليها: حين انفجرت حركة «تحرير المرأة» في U.S.A. طالبت الرائدات بالمساواة المطلقة الكاملة والمشاركة حتى في «المراحيض العامة»!! وتخلين ايضاً عن إجازات الحمل والولادة وعن حقائق منها ان المرأة هي التي تحمل وتنجب وليس الرجل! ثم جاء الجيل الثاني من نساء (تحرير المرأة) في U.S.A. ووجد ان الاندفاع الهستيري الأول للمساواة كان أحياناً رثاً ولا واقعياً، وحرم المرأة من إجازات الحمل والولادة مع الحصول على كامل الراتب. وانتقد ذلك الجيل الثاني لتحرير المرأة، التطرف النسائي للرائدات وذلك في «ثورة على ثورة النساء» وأذكر على سبيل المثال كتاباً يجسد ذلك للاستاذة الجامعية «سيلفيا آن هوليت» التي انتقدت التطرف والرغبة في الاستفزاز والتحدي وطالبت بالعدالة لقطاع شاسع من النساء المتزنات اللواتي يرغبن في بناء أسرة والمحافظة على عملهن ورفضت المساواة المطلقة مع الرجل التي تحرم المرأة من مكاسب نسوية في حقول الأمومة. هل ستختارين البقاء مع المخطوفين؟ المرأة العربية في حركتها التحررية ظلت بعيدة عن تقليد النموذج المتطرف للحرية الغربية ولعل تراثنا كعرب إلى جانب وعي المرأة يقفان خلف تلك النظرة الحضارية النسوية العربية إلى طريق تحرير المرأة برفقة زميلها المواطن الرجل من دون التخلي عن حقوق تمتاز بها لكونها انثى.. وأحب أن أعرف موقف امرأة من المناديات بتحرير المرأة مع المساواة المطلقة بالرجل: إذا تم اختطاف طائرة وهي فيها، واحتجاز الركاب كرهائن واطلاق سراح النساء، هل سترفض ذلك لأنها مساوية للرجل وتصر على البقاء مع رهائن الطائرة؟ أم ستفرح بكونها انثى وحامل يطلقون سراحها؟ وأختتم بقول جميل من نوارة/سوريا الحامل التي تقول عن طفلها القاطن داخلها: حين سمعت دقات قلبه للمرة الأولى بكيت. يا إلهي، قلب ينبض بداخلي. شعور مهيب. فجأة تحولتُ من أنثى إلى صانعة حياة، وما أعظمه من شعور.. وجاء ذلك في تعليقها على مقالي «لذة لم يذقها رجل». ومعذرة عن القراء الذين لم يسمح ضيق المجال للقاء مع رسائلهم هذه المرة.. وإلى موعد آخر.. القدس العربي