في خطوة مفاجئة أعلن أمين الشؤون الإنسانية بحركة العدل والمساواة سليمان جاموس، وأمين التنظيم والإدارة بالحركة، وواحد من مؤسسيها أبوبكر حامد نور انسلاخهم عن الحركة وآبوا إلى الخرطوم يوم أمس (الثلاثاء) على رأس وفد من قيادات حركة العدل والمساواة المؤثرة. وشمل الوفد العائد قيادات سياسية وميدانية عسكرية عليا بالحركة أبرزها محمود الطيب، وعبد الحميد بشارة فاشر، وحامد حجر، وعدد من قيادة ورؤساء مكاتب الحركة الخارجية بالقارة العجوز. وتجيء عودة هؤلاء القادة نتيجة سلسلة من الاتصالات والتفاهمات السرية التي أشرف عليها الرئيس التشادي إدريس ديبي، وانتهت باتفاق وقعه نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن مع المجموعة، وتم ترتيب عودتهم إلى العاصمة السودانية إبان زيارة النائب الأخيرة إلى العاصمة التشادية أنجمينا . بعد الإعفاء أشار القادة المنشقون في رسائلهم التي غطت مواقع التواصل الاجتماعي قبيل وصولهم لمطار الخرطوم ظهيرة الثلاثاء أنهم سيعملون من أجل السلام، وتحقيقه من الداخل عبر الحوار الوطني، والعملية السياسية الجارية في الداخل. واللافت أن القياديين جاموس ونور تم عزلهما من مناصبهما التنظيمية في الحركة، إذ تم إعفاء أبو بكر حامد نور من أمانة التنظيم والإدارة في الحركة في ديسمبر الماضي بقرار من رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم الذي برر قراره بالتقدير لمصلحة الحركة والحفاظ على مكتسباتها. وقبل أيام أصدر جبريل إبراهيم قراراً أعفى بموجبه أمين الشؤون الإنسانية بالحركة سليمان جاموس من منصبه ، وذلك بناءً على رغبة الأخير، وتقديراً لظروفه الصحية والأسرية. في الأثناء قابلت الحركة خطوة هذه المجموعة من القيادات بالرفض في بيان اصدره أمين الإعلام الناطق الرسمي للحركة جبريل آدم بلال، واعتبر البيان ما يتم في إنجمينا ترتيبات ليست بعملية سلام تنطوي على مفاوضات جادة وفق ضوابط دولية متعارف عليها، وإنما محض إجراءات استسلام لأفراد لا يمثلون موقف الحركة ولا مؤسساتها، وأشار البيان إلى أن السلام الشامل المتفاوض عليه هو خيار الحركة الإستراتيجي الأول و المفضّل. وينتظر أن تجرى جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والحركات الدارفورية المسلحة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا برعاية من الاتحاد الأفريقي. نقلة كبيرة اعتبر الأمين السياسي لحركة العدل بقيادة دبجو الأستاذ نهار عثمان أن انسلاخ هذه المجموعة بكل ثقلها التنظيمي والحركي يشكل نقطة تحول كبير، ونقلة مفصلية داخل الحركة، باعتبار أن "أبوبكر نور" أحد المؤسسين للحركة، ومهندس نشاطها عسكرياً وسياسياً، ويضيف نهار أن هناك الكثير من علامات الاستفهام تبرز في مقابل خروج هذه القيادات بكل هذا الوزن التنظيمي والعسكري داخل الحركة، وهذا يكشف بأن الحركة الأمور داخلها ليست على ما يرام. ويلفت نهار النظر إلى أن الخلافات دبت داخل الحركة منذ خلف جبريل إبراهيم شقيقه خليل، مشيراً إلى أن جبريل يفتقد لمقومات قيادة الحركة بكل تعيقدات تشكيلها العسكري والإثني، وهذا ما دفع هذه المجموعة للمغادرة بعدما شارفت السفينة على الغرق، مقابل فشل وعجز جبريل في إدارة دفتها، وظلت تلازمه كثير من الإخفاقات التنظيمية، والهزائم العسكرية التي أفقدت الحركة نسبة كبيرة من مقدرتها القتالية ، وهناك مبادرة الحل السلمي التي ظل أبوبكر ينادي بها منذ عام وجهراً داخل الحركة بأن الوقت أصبح مناسباً أن يتجه الجميع لمسار السلام، وإنهاء معاناة النازحين واللاجئين في المعسكرات . وأشار نهار إلى أن التحول الذي تم في قناعات هذه المجموعة حالة شاملة تسود عدداً وافراً من قيادات الحركة الذين وصلوا لقناعة أن السلاح لم يعد هو الخيار الأمثل للوصول لتحقيق أهداف الأهالي في دارفور، ويؤكد نهار أن خروج هذه المجموعة سيكون له تأثير كبير جداً في الحركة، وكذلك يعتبرون إضافة نوعية لجانب السلام، باعتبارهم شخصيات لها وزنها التنظيمي داخل الحركة ، وهذه القيادات تاريخياً وتنظيمياً محسوبين على العدل والمساواة ، وهذه العملية تمت بمتابعة دقيقة من الإخوة التشاديين . من غير أثر وفي ذات السياق يقول القيادي الدارفوري بارود صندل إنه غير ملم بالدواعي التي دفعت جاموس ونور لهذه العودة التي جاءت على نحو مفاجئ ، لكنه أبان أنه من واقع متابعته لما هو سائد من خلافات وتناحر داخل الحركات يمكن أن يكون أهم أسباب خروج هذه المجموعة. مؤكداً بأنه لا يعتقد أن هذه المجموعة ستشكل إضافة نوعية للسلام وإيقاف الحرب، لأنها كغيرها من المجموعات التي انشقت وعادت ولم تضف شيئاً ، لكن القيادات القادمة ذات وزن ثقيل في حركة العدل والمساواة، وخروجها بصورة فردية أو ثنائية يكشف مدى الأزمات التنظيمية التي تعيشها هذه الحركات، والصراع الداخلي الذي يعصف بها بسبب السيطرة على اتخاذ القرار، وطريقة إدارة هذه الحركات، وجراء ذلك –والحديث لصندل- انشقت شخصيات في قامة جاموس وأبوبكر حامد ، وخروج أي قيادة مهما كان وزنها يحسب سلباً على الحركة بحسبان أن مواعينها ضيقة ولا تتسع للرأي الآخر. ويختم بارود حديثه بالقول: إن خروج هذه القيادات نجم عن خلافات تنظيمية، ولكنها لن تعود إلى الجانب الحكومي بفائدة، ولا يرتجى منها نفعاً لعملية السلام. الصيحة