البيان من ناحيه الشكل و المضمون جاء محبطا ، مشكلته الاساسية أن من اذاعه هو شخصية لا إجماع حولها ،و لا قبول لها في الأوساط المعارضة، فضلا عن أن صورته لم تعكس اي روح تصالحية في خطاب موجه إلى الشعب، ولم يكتب الخطاب بلغة رفيعة تظهر الاحترام للشعب السوداني و تضحياته الجسيمة. وجاء الخطاب متناقضا ومرتبكا ويتحدث عن السلطه السابقة التي اختارت الحل الأمني ومن تلا خطاب الانقلاب هو نائب رئيس الجمهوريه السابق ووزير دفاعها ، و كان غريبا أن تكون اللجنه الأمنية هي مرجعية الانقلاب و هي جسم غير دستوري ولم يصدر بها مرسوم دستوري يعرفها ويحدد صلاحياتها،و كان واجبا الاستناد على الدستور ومهام القوات المسلحة و القوات النظامية الاخرى و دورها بموجب الدستور في حماية البلاد و مواطنيها. أما من ناحيه المضمون فلم يشر البيان الى مطالب الشعب السوداني أو يظهر اي اهتمام أو يشير أو يتعهد بالاستجابة لمطالب قوى الحريه والتغيير،و جاء تقليديا في مخاطبة الحركات المسلحة في العودة إلى حضن الوطن، البيان تحدث عن إجراءات منها إغلاق المطار لمدة 24 ساعه ولكن الطائرات أقلعت من مطار الخرطوم بعد اذاعه البيان بقليل، وجاءت الأنباء باعتقال قيادات سابقه في النظام كتسريبات اعلاميه بحته ولم تعلنها سلطه الانقلاب بإجراءات قانونية ، ولا حديث عن الفساد ومحاربته واسترداد حقوق الشعب المسلوبة ولم يشر البيان الى الحركه الاسلامية التي ظلت جسماً غريباً، وغير قانوني منذ مجيئ الانقاذ وظلت تعقد المؤتمرات وتسيير المسيرات والمواكب وتتدخل في شؤون الدول الاخري وتساند حركات إرهابية خارجه عن القانون في دولها ، وتربط مصير السودان بقطر وتركيا وإيران. لا حديث عن الديمو قراطيه والحريات العامة، و لم ينص على اي التزامات أو تعهدات تجاه الأوضاع الاقتصادية المنهارة ، اما اكبر خطايا هذا البيان فهو ترك البلاد من غير دستور يحكمها بعد إعلانه الغاء دستور 2005 الانتقالي وهو دستور حاز علي إجماع أغلب السودانيين وتضمن 48 ماده نصت على حقوق الإنسان ، وأيضا تضمن الالتزام بالعهد الدولي لحقوق الإنسان وهذا يمثل انتكاسة وتراجع عن الأوضاع الدستوريه والقانونية في السابق والتي سبقت الانقلاب. لم يؤكد البيان أو يكشف عن مكان الرئيس السابق البشير وأعوانه و الرهط من اهله ولا نية الانقلابيين في كيفية التعامل معه، ولا حديث عن قاده الميليشيات وكتائب الظل التي كانت تخطط لضرب الاعتصام أمس الأول، ولا جديد عن الأموال التي نهبها النافذين، و أموالنا التي في الخارج. البيان جاء بعيداً عن تطلعات الشعب السوداني و قواه الحية، ربما اننا لن نرى البشير يرقص على آلام شعبنا و أحزانه، ومساءلاً عن جرائمه يرسف في الأغلال بقوة القانون.. إن لم تراجع سلطة الانقلاب موقفها و تراجع الأخطاء الجسيمة التي وقعت فيها في اليوم الأول لتسلم مقاليد السلطة في البلاد فإنها تعود بالبلاد إلى المربع الأول، مع ما يعنيه ذلك من مخاطر تهدد بالمواجهة بين سلطة الانقلاب و الشعب.. فليستمر الاعتصام و يتصاعد إلى أن تتحقق مطالب الشعب وتطلعاته في حياة حرة وكريمة.. نواصل تحليل البيان رقم (1) الجريدة