متطلبات المرحلة القادمة : وحدة الصف ويقظة الشعب …بقلم : معتز إبراهيم صالح عام 2011 إبان ثورة الشعب اليمني علي حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح ، توسط مجلس التعاون الخليجي عبر ما عرف بالمبادرة الخليجية التي تهدف الي انتقال السلطة من الرئيس وتشكيل حكومة جديدة مناصفة بين المعارضة والحزب الحاكم ، وذلك حتى تتفادى دولة اليمن الوقوع في براثن الفوضي والحرب الاهلية ، وقبلت هذه الوساطة ولكن بعد اقل من اربعة سنوات كانت النتيجة حرب لا تبقي ولا تذر ومازالت الحرب مستعرة حتى هذه اللحظة ولا توجد افاق للحلول في القريب العاجل ، وعلي الرغم من أن مراسم التوقيع علي المبادرة الخليجية كانت بحضور عدد من رؤساء الدول وصرح الرئيس السابق بان ليس من المهم التوقيع ولكن المهم حسن النوايا !!! ولكن كان هو أول من استبطن نية السوء واستغل امواله وعلاقاته من اجل تقويض هذه الشراكة بعد أن ضاق بها ذرعاً ، وعمل علي دعم الحوثيين من اجل خلق فوضي تتيح له نقض الشراكة بدواعي امنية والسيطرة علي مقاليد الحكم بالكامل ، ولكن انقلب السحر علي الساحر ، وحدث ما حدث . اوجه الشبه بين المبادرة الخليجية والوساطة الافريقية الاثيوبية في السودان ، تتمثل في أن النظام القديم موجود وممسك بمفاصل الدولة ، وأيضا يوجد قوات غير رسمي موازية للجيش في الدولتين ، وهذا يعني اتباع خطى دولة اليمن حذو النعل بالنعل والحافر بالحافر ، فكيف نتفادى ذات المصير؟ وما هي التدابير التي يجب أن نضعها في الاعتبار حتى نجنب البلاد الانزلاق في براثن الفوضى ؟ كما يجب أن لا نرهن الوطن علي نية الافراد سواء حسنت النية او ساءت !! فكل تجارب الربيع العربي نجحت في اسقاط رأس الدولة ولكن الردة حدثت بعد ذلك سواء بحروب اهلية او نظام شمولي اشرس من النظام المباد !! فما هي العوامل التي تساعد في قفل الباب امام الثورة المضادة وتمنعها من إعادة انتاج الازمة بإشكال مختلفة ؟ 1-استعادة النقابات واللجان الشعبية : فترة الاعتصام بالقيادة العامة لم تستفيد قوي الحرية والتغيير من الحشود الكبيرة التي أتت من جميع مناطق السودان في استعادة النقابات المهنية والعمالية واللجان الشعبية في القري والمدن والاتحادات الطلابية والتنسيق بينهم وإظهار هذا العمل في فعل ثوري يزلزل الارض تحت اقدام الطغاة ، وانشغلت عن ذلك بتروس وهمية ، ولو قدر لها انجاز هذا العمل ، لما تجرأ المجلس العسكري بالتفكير نهيك عن تنفيذ عملية فض الاعتصام او أي فعل يحد من حرية الجماهير وينتهك حقوقها ، لذلك لابد من انجاز هذا العمل ، وإظهار قوته في تظاهرات مليونية في مختلف مدن السودان كل يوم سبت او كل شهر لتظل جذوة النضال مشتعلة ، والأعين يقظة ، وليدرك كل من تسول له نفسه بان اعادة عقارب الساعة الي الوراء مستحيلة ، واهون أن يلج الجمل في سم الخياط من إعادة انتاج نظام فاسد ومستبد بشكل جديد . 2- ابعاد ما يعرف بالرموز الاعلامية ونجوم المجتمع : في دولة مصر ظلت الوجوه الاعلامية والمجتمعية التي كانت بوق لنظام حسني مبارك واستفادت من عطائه وحصلت علي ميزات غير مستحقة ، ظلت مسيطرة علي المشهد بعد ثورة 25 يناير ، بعد ان تماهت مع الثورة واختلقت قصص نضال وهمية ضد النظام القديم ، وبعد اجهاض الديمقراطية ظلت تدافع عن نظام السيسي وتكرس للشمولية وتشجع علي تعديل الدستور ، هذه الفئة التي تقف مع الطرف الاقوى وعلي استعداد لتغيير مواقفها علي حسب اتجاه الرياح يجب ان نكون حذرين منها ، فقد تتماهي مع الثوار ولكن في اول منعطف تغرس خنجرها المسموم في خاصرة الثورة ، ولا اتحدث عن الامثلة الصارخة مثل الطيب مصطفي والهندي عز الدين وغيرهم ممن اكتشف امرهم فهؤلاء بطل مفعول تأثيرهم السلبي علي الثوار ، ولكن اقصد الذين استطاعوا أن يخدعوا الثوار ويعبروا الي ضفتهم ، وهم حتى الامس القريب كانوا يفتخرون بمشاركة الرئيس المخلوع لهم افراحهم وأتراحهم وكانوا معه في حله وترحاله ، فهؤلاء يجب أن يتم فضحهم وأن لا يكونوا في واجهة مجتمع الثوار ، فهؤلاء لو خرجوا معكم ما زادوكم إلا خبالا . 3- الشفافية وتسليح الجماهير بالوعي : الانتقال الي سلطة مدنية كاملة وإعادة هيكلة الدولة علي اسس جديدة وتصفية هيمنة الكيزان كلها مهام تحتاج الي سند شعبي قوي متسلح بالوعي وعلي دراية بمتطلبات المرحلة وشكل العقبات التي تواجهها ، والمفتاح الي كل ذلك وكلمة السر تكمن في الشفافية وإشراك الجماهير في القرار بعد تمليكها المعلومات كاملة وبوضوح تام ، والابتعاد عن الاستهبال السياسي واستدرار العاطفة التي يمكن أن تحشد الجماهير ولكن لفترة مؤقتة وبعدها ينقلب السحر علي الساحر ، فإيهام الجماهير بالنصر الزائف ستكون عاقبته وخيمة في المدى القريب وليس البعيد ، ويجب أن نتعظ من تجربة الانقاذ التي استغلت العاطفة الدينية وزجت بالشباب في محرقة الجنوب وبعد أن اكتشف الشباب الحقيقة كانوا هم رأس الرمح والسبب في سقوطها ، فاستغلال العاطفة الوطنية الجياشة والعشم في سودان مختلف ببيع الامال الكاذبة والوعود الزائفة التي لا تتحقق ، سيرتد بسرعة الي من اطلقها وعندئذ لا تنفع كل المبررات المنطقية او الكاذبة في تهدئه من فقدوا الثقة في التغيير ، لذلك الخطاب الموزون الذي لا يقفز فوق المراحل ولا يحلق بالثوار فوق السحب الغير ممطرة مطلوب في هذه المرحلة ، الخطاب العقلاني الذي يقود الثوار خطوة بخطوة نحو التغيير الشامل . 4- وحدة صف الجماهير : وحدة الجماهير الضامن الوحيد لتحقيق اهداف الثورة كاملة وعدم الالتفاف علي هذه الاهداف من أي جهة سواء بالتجاهل او التسويف والمماطلة ، لذلك يجب تعزيز هذه الوحدة والابتعاد من العوامل التي تؤدي الي تفتيتها ، وأن لا نقع في فخ التخوين والاتهامات والمزايدات الرخيصة ، فقوتنا في وحدتنا ، فالوحدة الحقيقية تكون في الصف القاعدي لا في التحالفات الفوقية المأزومة بتاريخ طويل من عدم الثقة والإقصاء المتبادل . -5- الي الذين يرون أن الاتفاق خطوة ممتازة في طريق استعادة الدولة المدنية الكاملة بشكل تدريجي وعلي مراحل ، وكذلك الي الذين يرون ان الاتفاق قطع الطريق امام اكتمال الثورة وبشكله الحالي لا يحقق اهدافها ، فالتيارين في حاجة الي سند شعبي موحد وقوي قادر علي انجاز التغيير الشامل سوء بصورة تدريجية او بالانفجار الثوري والضربة القاضية ، فبدل من حرب البيانات والتخوين ان يعمل التيارين علي تعزيز وحدة الجماهير وقفل الطريق امام الرجوع الي عهد الفساد والاستبداد ، فالجماهير صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير ولها الكلمة العليا وقادر علي رصف طريقها مهما كان وعر ، ومن يراهن علي الجماهير سينتصر لا محالة .