الوضع معقد ومتشابك وبه الكثير من المتناقضات ، والاتفاق قفز فوق كل ذلك ، ويعد بمثابة هروب للإمام ، وشرعنة لمعظم الاشكاليات التي ثارت من أجلها الجماهير ، فأي تسويق للاتفاق علي أنه انجاز كبير يؤدي لبناء دولة المواطنة فيه الكثير من التضليل ، فهنالك خطوات كبيرة وعظيمة يجب ان تعبد طريق الدولة المدنية ، لذلك لابد ان تسلك قوي الحرية والتغيير طريق تنوير الجماهير والوضوح والشفافية حتى تستطيع فتح الابواب ألموصدة ، وان لا تتعامل مع الجماهير عن طريق استدرار العاطفة والاستهبال السياسي وبيع الآمال الكاذبة والوعود الزائفة ،وعليها ان تدرك ان الشارع ليس ملك لأحد وسيتجاوز الجميع متي ما ارد ذلك ، ومن يراهن علي احتفال بعض الجماهير بالاتفاق ، فهذه رهان خاسر فقد احتفلت الجماهير قبل ذلك في ساحة القيادة وهتفت الليلة سقطت صاح دم الشهيد ما راح ، ولكن بمجرد ما ذهبت السكرة وجاءت الفكرة ، اتضحت لهم الرؤية كاملة وأنها لم تسقط بعد . -2- اللحظات التاريخية غالية من عمر الشعوب ، ولا تتكرر بسهولة ، فهل رضينا بانتصار جزئي ونحن علي مرمي حجر من انتصار كامل ، ام ان الانتصار بالضربة القاضية لم يعد ممكنا ولابد من التقاط الانفاس لمعارك قادمة تحتاج منا ان نكون في كامل اللياقة الذهنية والبدنية لتحقيق انتصارات متتالية تكون زاد للمعركة الحاسمة ضد الثورة المضادة بكل مكوناتها المختلفة ، فالتغيير الشامل طريق طويل ومازالت العملية السياسية يكتنفها الغموض ، والايام القادمة حبله بالمزيد ، والغافل من ظنا الاشياء هي الاشياء ، فرياح العاصفة القادمة ستقلع خيام عديدة كنا نظن انها تقينا حر الشمولية والفساد والاستبداد ، فثورة الوعي والكرامة مستمرة وستصل الي نهاياتها المنطقية والحتمية بتحقيق كل اهدافها . --3- الصادق المهدي في 30 يونيو 1989 بعد ساعات من انقلاب الانقاذ ،(قال لقادة الانقلاب انتم معكم السلطة ونحن معنا الشرعية فلنتحاور ) ، فأكثر ما اضر الثورة وقلل فعاليتها سيطرة القيادات التي تقتنع بسياسة الامر الواقع في سويعات ، وبدل من ان تقاوم تحاول ان تتعايش مع الاوضاع المخلة ، فبروز قيادات سياسية بهذه الشاكلة وارتفاع صوتها وفعاليتها علي حساب القيادات الثورية هو ما اوصلنا الي هذه المرحلة الحرجة من عمر الثورة . -4- قوي الحرية والتغيير لم تستفيد من الاعتصام في القيادة برغم تنوعه من حيث الفئات العمرية وتعدد المناطق في استرداد اللجان الشعبية في القرى والمدن ، واستعادة النقابات المهنية والعمالية ، وانشغلت عن التروس الحقيقية التي تحمي الديمقراطية والعهود والمواثيق ، بتروس وهمية من طوب واسمنت في ظروف استثنائية زائلة لا محالة ، لذلك لابد ان نركز علي التروس الحقيقية والتي تمثل غصة في حلق كل مستبد يحاول ان يعيد عقارب الساعة الي الوراء . -5- بعيد عن التخوين والاتهامات والمزايدات الرخيصة ، ما حصل هو اجتهاد بشري وتقديرات سياسية قد تخطي او تصيب ، ولكن حتما لا تلبي كل التطلعات ، ولكن نأمل ان توقف نزيف الدم والموت المجاني والعبثي ، وتكون اساس جديد للانطلاقة الي الجولة الثالثة من عمر الثورة ونحن أكثر قوة ووحدة وتنظيم ، فالعدو واحد ويجب ان لا نهدر طاقاتنا في خلاف عقيم بين المؤيد والرافض للاتفاق ونفتح باب التخوين والاتهامات ، فيجب ان نعيد الاصطفاف علي اسس جديدة ورؤية ثابتة وأهداف مشتركة تجعل الشارع في حالة لهيب مستمر وحراك متواصل وحوار مثمر يفضي الي ابتداع وسائل وأدوات فعالة للخلاص من الشمولية ، فما يجمع الثوار خطوات من أمل ودم ودموع تركت اثار من نار ونور في طريق الحرية والسلام والعدالة المفضي الي دولة المواطنة والحياة الكريمة والتنمية المستدامة . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.