بما ان الحكومة الاخيرة في الخرطوم قد تم تشكيلها بالامس الخميس 5/سبتمبر 2019 بصورة نهائية بعد عملية مخاض طويلة، فقد رايت بهذه المناسبة القومية الكبيرة ان اقوم بكتابة مقال ارصد فيه تاريخ تشكيل الحكومات التي حكمت السودان في الفترة من عام 1954 وحتي التي تشكلت بالامس القريب. 2- جاء في احدي المراجع التي رصدت تشكيل حكومات السودان: (بلغ عدد الحكومات التي تم تشكيلها منذ الاستقلال حتي عام 2013 (53) حكومة أو تعديل في حكومة، واللافت فيها أن هنالك وزارات نشأت كمصالح أو وحدات أو هيئات ولا تزال قائمة حتي الآن وآخري ظهرت كوزارات مرة واحدة ثم اختفت نهائياً ووزارات ظهرت واستمرت لعدة حكومات و اختفت أوتحولت الي وحدات داخل وزارات قائمة حالياً. فيما أستحدثت وزارات جديدة وإستمرت حتي الآن.). 3- بلغ عدد الحكومات التي تم تشكيلها منذ الاستقلال وحتي الاخيرة بالامس الخميس (59) حكومة. 4- تاريخ الحكومات: حكومات من عام 1954- وحتي 1985- شهد العهد الوطني الأول في الفترة من يناير1954 وحتي17 نوفمبر 1985تكوين (5) حكومات كانت عدد الحقائب الوزارية فيها (93) حقيبة وزارية ، وكانت أقل الحقائب في هذه الحكومات أحدى عشر حقيبة وزارية. أولاً: حكومة ماقبل استقلال السودان: قبيل نيل السودان استقلاله بقليل، تكوّنت أول حكومة وطنية في يوم 9 ينايرعام 1954، وكان منصب رئيس الوزراء من نصيب الزعيم التاريخي إسماعيل الأزهري، الذي كان يومذاك ينتمي إلى حزب «الأشقاء» الذي نادي بالوحدة مع مصر، وبالرغم وجود الحكم الثنائي "البريطاني- المصري" في السودان تشكلت الحكومة الانتقالية بسبب اصرار الاحزاب الوطنية علي حق السودانيين في تقرير المصير، وتشكيل حكومة وطنية تفاوض بريطانيا ومصر في الاستقلال التام عن هاتين الدولتين. ثانياً: (أ)- حكومات تشكلت خلال اعوام 1958- 1964: (في فترة الحكم العسكري الأول برئاسة الفريق/ أبراهيم عبود التي امتدت من يوم 17/نوفمبر1958 وحتي 21/اكتوبر1964 فقد تكونت حكومتان بتعديل وزاري واحد، كانت جملة حقائبها الوزارية في هذا الزمن العسكري (28) حقيبة وزارية.). (ب)- تسجل سيرة الحكومات السودانية مؤشراً إيجابياً لحكومة الفريق / إبراهيم عبود التي كانت أكثر الحكومات الوطنية إستقراراً ولم تشهد إلا تعديلاً وزارياً واحداً طوال ست سنوات. ثالثاً: حكومات تشكلت خلال عامي 1964-1965: (أ)- (أعقبت هذه الفتره حكومات اكتوبرالتي أمتدت من يوم 21/اكتوبر1964 وحتي نهاية عام 1965، وشهدت البلاد خلال هذه الفترة قيام ثلاث حكومات بتعديلين، وخلال عام واحد كانت جملة حقائبها (40) حقيبة وزارية. (ب)- وفي فترة الديمقراطية الثانية التي اعقبت حكومة اكتوبر وانتهت بانقلاب مايو 1969 فقد تم تكوين اربع حكومات أئتلاقية تبادل فيها رئاسة الحكومة كل من محمد احمد محجوب والصادق الهدي . وبلغت حقائب حكومات هذه الفترة التي لم تتجاوز الخمس سنوات (68) حقيبة وزارية .). رابعاً: (أ)- حكومات زمن حكم النميري 1969- 1985: (في مايو 1969، وقع في السودان الانقلاب العسكري الثاني، بقيادة البكباشي/ جعفر النميري، الذي أسند رئاسة الوزراء إلى بابكر عوض الله 1969-1970، وكان عوض الله محسوباً على حركة القوميين العرب، ثم علق المنصب لعدة سنوات، إلى أن تولاه الرشيد الطاهر بكر، خلال الفترة 1976-1979، الذي شغل منصب نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، ثم ألغى النميري المنصب.). (ب)- تكونت خلال سنوات حكم النميري التي استمرت طوال (18) عامآ عشر حكومات برئاسته شخصيآ، وجري تعديل حكومي واحد ، بلغت جملة حقائبها الوزارية (560) حقيبة وزارية، كانت أوسع حكوماتها حكومة مايو الخامسة عشر التي كانت عدد وزرائها (45) وزيراً. (ج)- شهدت فترة حكم المايوي بدعة جديدة في التعديلات الوزارية، وذلك عندما أجرى جعفر نميري تعديلاً وزارياً وهو بمطار الخرطوم في طريقة الى فريتاون للقاء قمة مع الرئيس الأثيوبي الأسبق / منجستو هايلا مريام ، عين بموجبه محمد خوجلي صالحين وزيراً للثقافة والاعلام خلفاً للدكتورمحمد عثمان أبو ساق الذي كان مفترضاً أن يرافق الرئيس نميري في هذه الرحلة بيد أنه تأخر في اللحاق به في المطار. (د)- ويقر المحللون لتكوين الحكومات الوطنية ان فترة مايو كانت من أكثر فترات الحكم الوطني استفادة من الكوادر المتخصصة من اصحاب الخبرات واساتذة الجامعات واهل القانون والقيادات الشعبية . ويشير الأستاذ / عبد الباسط سبدرات في كتابه (حكومات السودان _ خمسون عاماً من التململ والقلق الوزاري) ان اول تعديل وزاري في حكومة الإنقاذ الوطني جرى في العاشر من ابريل 1990بعد اول تشكيل لها في التاسع من يوليو 1989 وأن فترة حكم الانقاذ قد زاوجت بين التخصصات المهنية والخبرات والتكنوقراط وشريحة مقتدرة من القانونيين وأساتذة الجامعات والاطباء والعناصر السياسية وبمشاركة مميزة للمرأة في المناصب الوزارية على المستوى الاتحادي والولائي مع تفاوت ملحوظ في مشاركة الكفاءات والفئات الأخرى في عهود الحكم الاخرى عسكرية كانت أو حزبية او أنتقالية. خامساً: حكومة الدكتور الجزولي دفع الله- – (تلت هذه الفترة حكومة الانتفاضة برئاسة المشي عبد الرحمن محمد حسن سوارالدهب رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي ودكتورالجزولي دفع الله رئيساً للوزراء ولم تشهد هذه الحكومة تعديلات، بلغت عدد حقائب هذه الحكومة (17) حقيبة وزارية). سادساً: (في فترة الديمقراطية الثالثة التي أمتدت من 6/ أبريل 1986م وحتي 30 يونيو 1989 تم تشكيل (5) حكومات كلها برئاسة الصادق المهدي، بلغت جملة حقائب حكومات هذه الفترة ذات السمة الائتلافية (106) وزيراً، كان أوسع تمثيل لها (30) حقيبة وزارية وأقله (14) حقيبة وزارية. سابعاً: حكومات عهد الانقاذ 1989 – 2019 (أ)- – (في ظل حكم الإنقاذ الذي بدأ منذ 30 يونيو1989 وحتي عام 2013 شهدت البلاد خلال هذه الفترة تكوين أكثرمن (16) وزارة وتعديلاً وزارياً بلغت جملة حقائبها أكثر من (400) حقيبة وزارية. (ب)- وبدون مقدمات ألغى البشير منصب رئيس الوزراء، ولم يشغله أحد حتى العودة إليه في يوم 2/ مارس 2017 ، وتعيين بكري حسن صالح رئيساً للوزارة، إلى جانب منصبه نائباً أول لرئيس الدولة. وبالتالي، كان أول رئيس وزارة يجري اختياره منذ تولي الرئيس البشير مقاليد الحكم. (ج)- بعد سنة واحدة من رئاسة بكري صالح للوزارة، فاجأ الرئيس البشير المراقبين، وأعلن حل الحكومة وتقليصها، وفصل منصب النائب الأول للرئيس عن منصب رئيس الوزراء. ويوم الأحد 9/ سبتمبر 2018، اختير وزير الري والكهرباء، معتز موسى، رئيساً جديداً للوزراء، ليدوَّن في سجلات الحكم في السودان باعتباره «رئيس الوزراء العاشر» منذ نيل البلاد استقلالها، وتكوين الحكومات الوطنية. (د)- في يوم الاحد 24/فبراير 2019، أدى محمد طاهر إيلا رئيس الوزراء الجديد قسم اليمين، في الوقت الذي نزل محتجون مجددا إلى الشارع للمطالبة برحيل الرئيس عمر البشير الذي كان قد أعلن حالة الطوارئ في كامل البلاد وأقال الحكومة السابقة. ثامناً: الحكومة الانتقالية برئاسة حمدوك: – (أعلن رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، أمس، تشكيل حكومته الجديدة، المكونة من (20) وزيراً، لتكون أول حكومة بعد إسقاط نظام الرئيس المعزول عمر البشير في 11 أبريل 2019 بثورة شعبية انطلقت منذ ديسمبر2018، وقال حمدوك في مؤتمر صحافي عقده لإعلان تشكيل الحكومة بالخرطوم، أمس، إن حكومته تسعى لبناء مؤسسات فعالة تنفذ خططا مدروسة، واعتذر من تأخير إعلانها عن الموعود المضروب، وأرجعه إلى السعي لإجراء مشاورات واسعة ترتبط بالكفاءة وتستصحب تمثيل النوع وتمثيل السودان. وكشف حمدوك عن برنامج حكومته، وقال إنه سيبدأ بوقف الحرب وبناء السلام المستدام، وأشاد بمواقف وتصريحات قادة الحركات المسلحة، بقوله: «الإخوة في الكفاح المسلح شركاء أصيلون في الثورة، وهذا يخلق ظرفا مواتيا جدا لتحقيق السلام»، وتابع: «بدأنا عملياً في التحضير للسلام، وتشكيل لجنة مصغرة للتشاور، لوضع إطار عام لمفوضية السلام». وقال حمدوك إن وضع الاقتصاد ومعاش الناس هو الأولوية الثانية في برنامج حكومته، وأضاف: «الوضع الاقتصادي، ومعاش الناس من المهام الأساسية، نحن نطمع في بناء اقتصاد وطني يقوم على الإنتاج»، وتعهد حمدوك بإعادة بناء الدولة، وجدد التزامه بإقامة العدالة والعدالة الانتقالية، واتباع سياسة خارجية تأخذ بمصالح السودان، والعمل مع الأصدقاء والأشقاء والشركاء، لبناء عالم تسوده المحبة وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد.). تاسعاً: خلال الفترة من عام 1954 وحتي الامس 5/ سبتمبر2019- اي خلال (74) عام -، بلغ عدد الوزراء، ووزراء الدولة، ووزراء الحكومات الولائية، ووزراء الجنوب قبل الانفصال نحو (11) الف شخص.. وعدد قليل جدآ من النساء كن نحو (40) وزيرة ووزيرة دولة!! بكري الصائغ [email protected]