الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عو..وك لحمدوك ووزير ماليته (4/أ)
د. حافظ عباس قاسم
نشر في الراكوبة يوم 16 - 10 - 2019

من المعلوم بالضرورة ان الانسان الاول وقبل ان يعرف الزراعة ويمارسها وحتي يحيا ويعيش فقد اعتمد علي الغابة وما تتيحه من ثمار ومنتجات ، ومن بعد شرع في استئناس الحيوان والانتفاع به مما يعني بالضرورة ان انسان السودان قد سارعلي هذا الدرب وخبره وراكم خبرات ملايين السنين قبل ان يمارس الزراعة لا كحرفة ونشاط قائم بذاته ولكن كحرفة ونشاط مكمل للنشاط الحيواني والمرتبط بالغابة .هذا ومن الثابت تاريخيا ان العديد من الممالك والسلطنات التي عاشت وتعاقبت علي ارض السودان عبر القرون في شرق وجنوب وغرب السودان قد تمتعت بسوق وطني واقتصاد معتمد علي الذات ومتمحور حول النفس ومكتفي ذاتيا مما يعني انها كانت متأخرة وليست متخلفة بالمفاهيم العلمية الحالية وحيث الفرق كبير بين التخلف والتأخر . ولانها قد اشتهرت بازدهارها وثرائها بمقاييس ذلك الزمان ، فان الفضل في ذلك كان يرجع للنشاط الحيواني والغابي المرتبط ايضا بالحيوان ولتعاون افراد تلك المجتمعات عن طريق النفيرعلي سبيل المثال .وسؤال المليون دولار والذي يفسر الانقلاب الاجتماعي-الاقتصادي والمرتبط بالاستعمار ( والذي لا يمكن الاجابة علية الا بالرجوع الي جغرافيا وتاريخ السودان واستخدام مفاهيم الاقتصاد السياسي في التحليل الاجتماعي ، خاصة وان الاستعانة بالاقتصاد البحت ومقولاته وادبيات الاقتصاد الحر لن تجدي في هذه الحالة)، هو عن ماهو الاستعمار ولماذا تم استعمار السودان من اصله وماذا فعل الاستعمار القديم للسيطرة علي العباد و البلاد للاستفادة من مواردها وثرواتها واستغلال شعوبها ، و كيف كان الوضع الاقتصادي والاجتماعي قبل الاستعمار ، وما هي اهم الانشطة والقطاعات ،وماذا كانت نتيجة الاستعمار ، وماذا حدث بعد ذلك بما في ذلك نتائج استمرار كل من الدولة التي اقامها المستعمر وبنية البلاد الادارية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والي ما بعد الاستقلال ،و عدم استكمال التحرر السياس بالتحررالاقتصادي من الاستعمار قديمه وحديثه . والاجابة هنا مهمة وضرورية لوضع خارطة الطريق لبناء اي مشروع وطني ولاعادة هيكلة الدولة السودانية . ومن الناحية الثانية فالاجابة مطلوبة ايضا لاسكات ، ليس فقط من يتحسرون علي ايام الاجليز بل ويتمني البعض رجوعهم ولكن لاخراس اصحاب نظرية عدم تهيؤ دول العالم الثالث خاصة الافريقية للاستقلال والقدرةعلي حكم نفسها بنفسها.
هذا وقبل الاسترسال في المزايا والاهمية الاستراتيجية للقطاع الغابي والحيواني دعونا نقوم بنظرة نقدية لاثار الزراعة في السودان وخاصة التصديرية كنشاط رئيسي وقطاع قائد للتنمية وما تسبب ذلك من اضرار للبلاد والعباد . وتلخيص المآخذ عليها في كل من الجوانب البيئية والتكنولجية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والامنية . فمن الناحية البيئية فان الزراعة التجارية والتوسع فيها تعني ازالة الغطاء النباتي واستصلاح الاراضي ولاغراض البنيات الاساسية المختلفة ، الشئ الذي يعني التأثير علي المناخ وتفتيت التربة وانقراض الحياة البرية والبيولوجية، والاضرار بصحة الانسان بسبب تخزين واستخدام المبيدات الاسمدة الكيمائية والبذور المحورة وغير ذلك مما يتناقض ويتصادم مع مفهوم استدامة التنمية . كما وان في زراعة التصدير نوع من التفريط والتصديرالاختياري للمياه وعناصر التربة الطبيعية و التي لا تعوض الا بالكيماويات ، ولكن مقابل حفنة من الريالات كما يحدث حاليا بزراعة البرسيم والبرودس والاعلاف الاخري . ومن الناحية التكنولوجية فان الزراعة من اجل التصدير وحتي تنافس في السوق العالمي تتطلب طرق الانتاج الحديثة والتكنولجيا المتطورة والتي هي بالتأكيد مستوردة وان التوسع في استخدامها والاعتماد عليها سيكون علي حساب تطور التكنولجيا الوطنية وطرق الانتاج المحلية والقضاء علي البحث العلمي الوطني بالموت ،وحرمان البلاد من ما يولد ذلك من اثار ايجابية كثيرة . ومن الناحية الاقتصادية فانها تعني استنزاف موارد البلاد وانخراطها في مراثون غير متكافئ و محسوبة سلفا نتيجته لصالح الجزء الشمالي من العالم وعلي حساب الجزء الجنوبي منه ، بسبب ما يعرف (بشروط التجارة ومقص الاسعار كنتيجة لتبادل التكنولوجيات الحديثة الغالية والمتصاعدة الاسعار ، والمنتجات الاولية والمواد الخام الرخيصة والمتناقصة الاسعار ) وكنتيجة (لنظام التقسيم الاجتماعي للعمل العالمي بين المتخصصين في انتاج التكنولجيات الحديثة واحتكارها والمتخصصين في المنتجات الاولية والمواد الخام ). هذا بجانب ما ينتج عن ذلك من موازين تجارية ومدفوعات وموازنات داخلية مختلة والوقوع في فخ الدين الخارجي والمديونيات المحلية وما يتبع ذلك من تضخم وتدني قيمة العملة وغير ذلك من الاختلالات والتشوهات . اما بخصوص البيئة والامن فاسكتفي فقط بهذا الاقتباس : (( شاء حظ البلاد العاثر ان يتزامن اول قرض للبنك الدولي لانشاء مؤسسة الزراعة الالية (1968)، مع بداية موجة الجفاف الطويل والعميق الاثر في منطقة الساحل الافريقي(1967). شكل الحدثان ضلعي مقص حاد ترك جراحا عميقة في الريف السوداني.فقد ازيلت الغابات وتدهور القطاع النباتي نتيجة التوسع الجائر في الزراعة المطرية الالية المطرية(18 مليون فدان زراعة الية تملكها حوالي 8 الاف اسرة في مقابل 9 ملايين فدان زراعة تقليدية يملكها 4 ملايين مزارع صغير ) . ونتيجة لانخفاض معدل هطول الامطار الي حوالي 1/2 متوصتها السنوي .وبحلول العام 2003 ستنقرض كل النباتات في كل شمال السودان (6مرات مساحة فرنسا) .
فقد السودان 17مليون هيكتار (40مليون فدان ) نتيجة لتعرية التربة جراء الزراعة المطرية الالية النهبية، واضحي اكثر من 6 ملايين شخص يعيشون تحت خط الفقر حتي بالنسبة للمقاييس السودانية ، بينما نزح حوالي 4 ملايين من مناطقهم الي اواسط البلاد حيث الامن الغذائي افضل نسبيا، بالاضافة الي 3 ملايين شخص فقدوا ارواحهم بسبب الحرب والمجاعة .
منحت الحكومات المتعاقبة ملايين الهيكتارات (الافدنة) للصفوة السودانية وشركائها الاقليميين والعالميين علي حساب سكان الريف وذلك في شرق السودان وجنوب النيل الازرق وجبال النوبا واعالي النيل …الخ في حزام السافنا الواقع بين خطي عرض 7-15 شمالا.. )) ،من د محمد سليمان في مخطوطته / السودان ، حروبالموارد والهوية ، مع الطلب بتعميم ما حدث منذ بداية القرن العشرين حتي تاريخ صدور الكتاب في2010 علي الفترة التي تلت وحتي اليوم والتأمل في النتائج .هذا وازيدكم من الشعر بيتا بقول السناتور جو بايدن المرشح للرئاسة الامريكية في مناظرة بثتها قناة سي إن إن الامريكية ، أن التغيير المناخي هو السبب الاول للحروب والنزاعات في العالم ، وربطه نشوب النزاع في دارفور بالتغيير المناخي في المنطقة .أما عن ما سيحدث فيكتب د.السراج في مناظير (يجب ان يدرك الجميع أننا نواجه خطرا حقيقيا، فالرمال صارت تغطى كل شبر في السودان، والصحراء في طريقها الى القضاء التام على حياتنا في وقت قريب، أقرب مما يتصور أي إنسان، لدرجة أن اشهر القنوات التلفزيونية في العالم واوسعها انتشارا وهى قناة السى ان ان (CNN) الامريكية التي لا تعير أخبار السودان أي اهمية قطعت برامجها العادية في الثامن من ديسمبر عام 2016 لتبث خبرا عاجلا نقلا عن تقرير علمي دولي، بأن التغير المناخي قد يقضى على كل اشكال الحياة في السودان في الخمسين سنة القادمة إن لم تتخذ التدابير اللازمة والعاجلة لدرء هذا الخطر ) . وكل هذا يعني ان التوسع الزراعي وازالة الغطاء النباتي والقطع الجائر للاشجار مع الاستخدام المكثف لعناصر الارتقاء بالانتاجية من طرق حديثة واسمدة ومبيدات ومحروقات وبذور محورة وراثيا ، ستؤدي حتما الي عدم توازن بيئي لا يعوضه اي عائد مالي مهما كان حجمه بالعملة الاجنبية كان ام بالمحلية . وفيما يختص بالنواحي الاجتماعية فان اولوية التصدير وريادة القطاع الزراعي وتأثير ذلك علي مجمل نشاطات المجتمع الاخري قد خلقاقتصادا متوجها نحو الخارج لا الداخل (مما يقذم دورالسوق الوطنية/ ويستبعد ويقلل من قيمة المستهلك السوداني ) ويعيق تطوره ويديم (الثنائيات ) المختلفة من اقتصادية واجتماعية وثقافية وتعليمية وريفية وحضرية ويخلق استقطابا طبقيا متزايد الاتساع والتمركز ، الشئ الذي يعمق من ظواهر التبعية والتخلف والتنمية غير المتوازنة والفقر وعدم العدالة الاجتماعية والتهميش الخارجي والداخلي بنوعيه الافقي والرأسي ويقوي ميكانزمات استدامته ، ويرسخ كل ما من شأنه عرقلة تحقيق السلام والتنمية المستدامة بسبب ضعف حجم ( الفائض الاقتصادي ) وسؤ توزيعه واهداره . ومن ثم تركيز وتمركز الثروة لدي فئات اجتماعية معينة والسلطة نفسها في مناطق محددة . وهنا ومن نافلة القول نرجو مراجعة موازين التجارة الخارجية والمدفوعات للسودان ، خاصة فترة ما بعد الاستقلال وحتياليوم لمعرفة المصادر الاساسية لحصيلة البلاد من العملات الصعبة وكيفية توظيفها وتخصيصها ومن انتفع بها .
* يمكن ان نؤرخ لانقلاب قطاع الزراعة التجارية وخاصة زراعة التصدير علي قطاع النشاط الحيواني والغابي والزراعة المعيشية (وانتصارالتنمية المتوجه نحو الخارج والمرتبطة بالسوق العالمي والمعتمد عليه في عملية اعادة الانتاج الاجتماعي ، علي التنمية المتوجه نحوالداخل والمرتبطة بالسوق الوطني والمكتفية ذاتيا ومعتمدة علي النفس ،وعلي عمليات اعادة الانتاج الاجتماعي الوطنية )، ببناء خزان سنار وانشاء مشاريع القطن في الجزيرة والقاش وطوكر وجنوب كردفان. هذا وقد ساعد في نجاح الانقلاب وتسريع عملياته ، عوامل وعناصر مختلفة ، تمثلت الاولي في سلطات دولة المستعمر نفسها والمتمثلة في الاجهزة والمؤسسات الحديثة والقوانين والصلاحيات المركزية القابضة . اما الثانية فقد تمثلت في قوة تأثير ميكانزمات النمط الاجتماعي الراسمالي المتقدم ومناهجه واساليبه (النقود وبيع قوة العمل والاجور ، بنوك وسلع جديدة ومستوردة وتجارة وخدمات وغير ذلك )،علي مجتمعات ومناهج ما قبل الرأسمالية . والثالثة تمظهرت في نشؤ وتكون فئات اجتماعية ارتبطت مصالحها بهذا التغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتي تشكلت من بعض الاجانب والفئات المحلية.كما وان من جراء زراعة القطن للتصدير وما صاحب ذلك من بنيات اساسية وخدمات وخزان وقنوات وورش ومحالج وطرق وسكك حديدية مركزها عطبرة ونقل نهري اهم مراكزه بحري و كوستي ،وانشاء ميناء بورتسودان وربطها بسبل المواصلات والاتصالات المختلفة وتطور وتوسع العاصمة ومدني وكوستي ، ان انحصر التطور الاقتصادي-الاجتماعي النسبي في مثلث الخرطوم كوستي سنار ، وذلك بفعل (اليد الخفية) اي اليات العرض والطلب /السعروالربح . هذا ووفقا لمفهوم المركز(اوروبا وامريكا الشمالية )والاطراف (بقية العالم خاصة افريقيا واسيا وامريكا الجنوبية ) بسبب الاستعمار وتوسع النظام الراسمالي ، فقد نشأ في السودان كنتيجة للغذو الراسمالي مركز مع اطراف له واخري مشابهة حتي في الاطراف نفسها ، وان اختلفت في الدرجة والقوة .
* الثروة الغابية والحيوانية بما في ذلك الحيوانات البرية والاحياء البحرية والاسماك والطيور هي كنز السودان المغمور والمفقود الذي دفن وقبر بفعل فاعل ،الشئ الذي يستوجب الاستقصاء والبحث لاعادة بعثه ، مثله مثل اثار النوبة التاريخية التي غمرتها بحيرة ناصر . غير ذلك فان التركيز عل الانشطة المرتبطة بها والمعتمدة عليها وتطويرها يعني الرجوع والعودة لمجال نشط فيه الاجداد والاسلاف وخبروه وبرعوا فيه ، هذا بحانب ان انشطته هي صديق للبيئة ومجددة للتربة ومصينة لها / لا مستنزفة لعناصرها كما الزراعة التصديرية، ولانها كثيفة العمل ومتعددة ومتنوعة فهي توفرفرص كثيرة للعمالة والانتاج وخالقة لمجالات الاستثمار الكبير والصغير والذاتي في نفس الوقت . هذا بالاضافة الي ان القطاع هذا يتيح الفرص لاستقطاب مبادرات كل ما يمكن ان يشارك في العملية الاقتصادية من نشطاء ومنتجين وتكامل وتنوع استثمارت كل من القطاع العام والخاص والتعاوني وايضا الاجنبي (المباشر او المشترك مع القطاع الخاص او الدولة ) . و التركيز علي القطاع هذا ليس من باب التحيز او التفضيل الاعتباطي ، ولكن لعوامل الموضوعية وحقائق الاشياء . كما تمليه ضرورة الريادة والقيادة والقيام بدور القاطرة والدينمو المحرك لتحقيق تنمية وطنية مستقلة ومتوجه نحو الداخل ، تستهدف مصالح المنتجين من السكان في البوادي والمناطق المهمشة والتخوم والذين يشكلون اغلبية السكان ، مما يؤمن الامن الاقتصادي والاجتماعي ويديم السلام ،كاشياء ضرورية ومطلوبة لتفعيل وتوسيع السوق الوطنية الكامنة ( ممكنة ولكن غير مفعلة ) ، هذا بجانب تنويع مصادر الفائض الاقتصادي وامكانية زيادة احجامه وتركيم راس المال الوطني حتي في اشكاله المادية والنقدية بالعملات المحلية و الاجنبية لتمويل التنمية المستدامة . ولان هذا القطاع يمتاز بدرجة عالية من الارتباط والاعتمادية في توفير معظم مدخلات ووسائل الانتاج التي تحتاجها مختلف القطاعات الانشطة المكونة له وفي الوقت نفسه استخدام منتوجاتها المباشرة وغير المباشرة كمدخلات لانشطة وقطاعات اخري ، فان ذلك يعني وببساطة شديدة امكانية اقامة العديد من المشاريع (الامامية )مثل الادوية البيطرية والاعلاف المحسنة والاخشاب واجهزة ومعدات وادوات كثيرة مطلوبة في القطاع واخري (خلفية) تستفيد من مخرجات الثروة الحيوانية والغابية وتزيد من قيمها الاضافية (جلود ومصنوعات جلدية والبان ومنتجاتها واسمدة عضوية واعلاف تقليدية والاخشاب ومنتجاتها ، ومواد ومنتجات غابية غذائية وغير غذائية)، ناهيك عن انشطة الصيد وغيرها والمحميات الطبيعية والتنوع الحيوي ومنتجات التحنيط . وهنا لا يجب ان ننسي استخدام الحيوان نفسه كوسيلة مواصلات ونقل محلية او بين البوادي والاطراف ، والاستفادة منه في اقامة حدائق الحيوان وفي سباق الخيل والهجن . وبسبب هذه الميز النسبية المتناسلة يغدو الاستثمار فيه مربحا وسريع العائد ويجعل (مضارب) الاستثمار فيه يتميز بالارتفاع والسرعة وما ينتج عن ذلك من عمالة وتجارة وانشطة اخري متزايدة تشجع وتدعم بعضها البعض . والجدير بالذكر هنا ان تنوع وتعدد الميز النسبية في القطاع الحيواني والغابي لا تنحصر في القطاع نفسه بل تتسع وتمتد لتشمل القطاع الزراعي نفسه من جراء المحافظة علي البيئة الطبيعية والتربة ، بل وزيادة خصوبة الاراضي بفضل التسميد الطبيعي بسبب تنقل الحيوان ولعوامل الرياح ، الشئ الذي يقوي ويوسع من دوره الانتاجي وتكامله مع ولتلبية حاجات القطاع الغابي والحيواني. .هذا والتاريخ يبين ان الزراعة في السودان نفسها وقبل ان تصبح من اجل التجارة والتصدير قد كانت في مجملها معيشية وموسمية ومحصورة علي ضفاف الانهار والجروف والوديان وتعتمد علي الفيضانات ،ما عدا تلك التي كانت تقوم علي الري الدائم باستخدام الساقية . وما يؤكد ذلك هو الهجرة الي مصر بحثا عن العمل والمعيشة وانتقال مواطني تلك المناطق الي غرب البلاد وجنوبها كتجار وجلابة ،اوالعمل في مجال المراكب صناعة ونقلا، اوالانخراط في انشطة تجارة الرقيق . والسبب هو ضيق الارض الزراعية وموسمية استخدامها وضعف الانتاجية .وحتي بالاحتكام لمفاهيم الميز النسبية المرتبط بالتجارة والتصدير والاستيراد وعلي سبيل المثال فقد كان بالامكان جعل مشروع الجزيرة نفسه مشروعا مختلطا ذو اساس حيواني خاصة وانه يتميز بميز نسبية كثيرة ومتنوعة ولا يمكن مقارنتها حتي بالميز النسبية لهولندا او استراليا ودول امريكا الجنوبية ناهيك عن الفوائد الاخري من مناخ واشعة شمس طول العام وتربة خصبة وهلمجرا .
دعونا هنا ومن باب الخيال فقط ان نتصور كيف سيكون حال السكان ووضع البلاد واقتصادياتها الان لو واصلت الاقتصاديات المعتمدة علي الغابة و الرعي والزراعة الموسمية والمستفيدة من الطبيعة ومواردها المتجددة قبل ان يحدث انقلاب انخراط البلاد في زراعة القطن كعمود فقري للاقتصاد وتحول البلد الي تابع للاقتصاد البريطاني ، يرفد مصا نعها بالخامات ويستورد سلعها وانماط استهلاكها . أو دعونا نفترض ان البلاد لم تنجرف عن مسارها الطبيعي والتخصص في المجال الحيواني والغابي وركزت علي هذا القطاع كعمود فقري وقاطرة للتنمية ، بالاهتمام به وتوفيرالتمويل اللازم له ، وتشجيع الاستثمار فيه بتشييد كل البنيات الاساسية المطلوبة له بما في ذلك تأمين الماء والطاقة وكهربة الريف . وان سياسات التعليم والتدريب قد صيغت لتلبية احتاجاته من جميع الكوادر والتخصصات التي يحتاجها وان يكون القطاع النباتي خادما ومكملا له لا العكس. وعليه واذا ما احتكمنا الي الحساب والارقام وقمنا بقارنة اعلي سعر بلغه برميل البترول مصدر ثراء الدول المنتجة له، ليس بالقيمة الكاملة والشاملة لواحد من منتجات القطاع والخروف كمثال وانما فقط بسعر الصادر اوالبيع في الاسواق الخارجية ،سنكتشف اننا يمكن ان نصبح من اثرياء العالم بمقياس المال بما في ذلك العملات الصعبة ودون ان نستبدل عممنا السودانية بالعقالات العربية ،وفي فترة وجيزة وبسهولة شديدة وفقط بتكثيف الكم وتحسين النوع ،و حتي بدون تنويع صادرات القطاع الغني بالانواع اوزيادة قيمها المضافة .
لقد خلا المقال هذه المرة من اية مخاطبة مباشرة لكل من السادة حمدوك ووزير ماليته وذلك من جراء خيبة املي وصدمتي من التعامل مع وزارة( بتاع غنماية /البهائم /الغموس كما اسماها بعضهم ) ، من قبل قحت والحكومة المدنية وعدم تعيين وزيرا لها لاكثر من شهر بالرغم من الوقفات والبيانات الاحتجاجية للمتخصصين في هذا المجال والمناصرين الاخرين ، لا بسبب معيار الكفاءة والخبرة ولكن كنتيجة لشرط المحاصصة ، الشئ الذي يؤكد هامشية القطاع وعدم اهمية وزارته . فكما هو معلوم ان الثروة الحيوانية تعتبر وزارة هامشية ،تنشأ وتخصص من اجل الترضية ، حيث كانت وظلت من نصيب الوزراء الجنوبيين . وبعد الانفصال غدت وزارة من لا وزارة له تمنح لمن يدخل بيت الانقاذ طائعا خاصة من الحركات المسلحة والاقليات القومية . ( ثروة حيوانية آل !؟)
د.حافظ عباس قاسم
[email protected]
الوسوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.