حدثناكم يا من تقدمتُم الصفوف وتصديتُم للقيادة بأنّ الثورة الممهورة بدماء الشُهداء (غالية جداً) ولا يجب التفريط فيها ، وهتفنا فيكم حتى بحّ الصوت بأن تتريّثوا وتُحسِنوا اختيار من يجلس على كابينة قيادة سفينتها وعدم الإبحار بها في أجواء السياسة المُضطربة إلّا باكتمال الطاقم الموثوق به ، والقادر على قيادتها والحريص على الإمساك ببوصلتها حتى لا تتقاذفها أمواج الصراع وتضل طريق الوصول إلى سواحل المدنية (المُشتهاة) ، وتُصبِح عُرضة للقرصنة والغرق في الضحل وتلحق بسفينةِ الإنقاذ التي أبحر بها أصحابها بالشعارات وبالتغزُل (الزائف) في سفينتهم التي زعموا بأنها (نادرة) قوية لا تُبالي بالرياح وقادرة على مواجهة الصعاب والوصول بهم بسلام إلى بر مشروعهم الحضاري وما وصلوا. لقد أسمعنا إذ نادينا حياًّ ولكن هل يسمع من وضع أصابعه مُتعمداً في أذنيه .؟ الأخبار تترى تُحدثنا عن كثرة القفز من أعلى الكابينة ، أخرج الإمام الصادق عافاه الله وشفاه رجله اليُمنى من قوى الحُرية والتغيير وترك اليُسرى على أملِ العودة في حال استوت السفينة وقاومت أمواج بحر السياسي المُضطرب ، وتبعه الحزب الشيوعي كذلك وقد قفز البعض وتركوا البعض داخلها للعودة مرة أخرى (إذا) عبرت وانتصرت (بأماني) حمدوك الذي نسبوه لهم وشكّروه حد الشُكُر (زمان) وأنكروه الأن ، وفي الأخبار أيضاً هُناك شظية من شظايا حزب البعث الكثيرة طارت هي الأخرى من قوى الحرية والتغيير ، ولقد أنكر جميع من آثروا الفرار رفاقهم الذين تركوهم وراءهم في الحكومة. هكذا عودنا الساسة في هذه البلاد المأزومة (بأنانيتهم) على عدم تحمّل المسؤولية والفرار منها (بلا مُبالاة) عند الحارة ، كما عودونا على التكالُب عليها وهي باردة ، وصفحات التاريخ مملوءة بمثل هذه المواقف غير المُشرِّفة ، والخاسر في النهاية المواطن المكتوي بنيران الأزمات والصابر على لت وعجن سياساتهم وفشلهم في الخروج بالوطن إلى براحاتٍ سبقنا إليها من اجتهدوا وتساموا بأنفسهم عن الصغائر والخلافات ومن أمنوا حقاً بأنّ الوطن أكبر من أشخاصهم وأحزابهم وقبائلهم. لمن تركتموها إذن..؟ إلى من جئتم بهم وراهنتُم عليهم وادعيتُم بأنّ حواء (السودانية) لم ولن تلد سواهم وما من مُنقّذِ لهذا البلاد إلّا هُم ، وقد خاب فيهم الرجاء وأوصلوها في عامهم الأول إلى هذه الدرجة المُتأخرة من الضعُف والوهن ، وبددتُم باختياركم غير الموفق لهم أحلام من اختاروكم لتتقدموا صفوفهم وتُحافظوا على مُكتسبات ثورتهم وترعوها لهم حق رعايتها وما فعلتُم ، لقد تنصلّتُم عن مسؤولياتكم وهربتُم من فشلٍ سيلاحقكم أين ما ذهبتُم ، واعلموا أنّ المواطن أوعى بكثير مما تظنون وقادرٌ على حماية ثورته (منكُم) ومن كُل مُتربصٍ بها. وكان الله في عون البلاد وأهلها.