لم يُخطئ عرّابهم الهالك (الترّابي) عندما وصفهم ب "علماء الحيض والنفاس".. يتباكون الآن على تقليص عدد السّور لطالب "الصف الأول الإبتدائي"، وهم يعلمون أنه لن يبقى منها شئ في ذاكرته بنهاية "التسميع"، لكثرّتها. فما الأفيد للطالب: قليل من السّور التي يحفظها، ويعِّي معانيها ويدرِّكها ويتخلَّق بقيمِّها، أم الكثِّير من السّورِ التي تصبح نسياً منسياً، بكل ما تشتمل عليه من معانٍ وقيّم؟! ثلاثين عاماً حسوماً، مرّت على الكثيرين منذ غادروا الصّف الأول الإبتدائي، أنظر إليهم الآن شباباً ورجالاً في "الحياة العامة"، ما هي المعاني التي لا زالوا يحتفظون بها من تلك السّور إذا باعوا وإذا اشتروا واذا قضوا وإذا اقتضوا وإذا اشتغلوا في مؤسسة عامة أو خاصة؟ حال السودان يُغني عن السؤال: الرّشوة، المحسوبية، السرّقة، الغِّش، الخدّاع، الغدّر، القتل، النهب، الفساد.. كل ذلك وأكثر جاء به هؤلاء وحقنوا به شرايين السودان، وزرعوه في مؤسساتِ الدّولة التي يشغلها، كُثُر ممن كانوا بالأمس تلاميذاً في الصفِ الأول الإبتدائي، (يسمِّعون) تلك السّور التي لكثرتها نسيوها منذ لحظة تسمِّيعها أو الإمتحان فيها، وضاعت كل قيمها وأخلاقها ومعانيها. من الأفضل أن يحفظ طفلك القليل ويعّي ويدرك معانيه ويتخلَّق به، ويظل راسخاً يلازمه في حياته، من أن ينسى كل ما حفظ!.. هؤلاء الاسلامويين الأدعياء الكاذبين الذين سقط معظمهم في إمتحانات الشهادة السودانية، وزيفوا وزورا شهادات جامعية، لا يهمهم مستقبل التعليم، بل يناصبون التعليم العداء لأنهم فشلوا فيه عبر ابوابه فلجأوا للتزوير. فزوروا حتى شهادات الدكتوراة! هذا يفسر رفضهم أن "يفهم" أبنائكم درّوسهم. لذلك يريدون فقط (تلقينهم) منهجهم الكارثي، الذي تعرفون ثمرته جيداً عندما تنظرون ل (الشارع العام)، فالدين بالنسبة لأئمة الضلال وأتباعهم (كم) و(مظهر)، لا يهمهم (نوع) الأخلاق ولا (جوهر) الدين. عودوا بذاكرتكم إلى الوراء: كم واحد من هؤلاء المنسوبين إلى الإسلام زوراً وبهتاناً، ضُبط في (وضع أخلاقي) مشين يستحق عليه الرّجم والقتل واستباحة الدّم ب(نص الحدود؟!).. ثلاثين عاماً أُغتصب فيها أطفال وطفلات، وضُبطت فيها حالات زّنا! وكان أبطال وقائعها دائماً هم المنسوبين لأحزاب هؤلاء الأئمة المنافقين، الذّين يتظاهرون بالتدّين علناً وفي السِّر يفعلون ما يندي له جبين الأخلاق، فما خفي في الشقق المفروشة أعظم! هؤلاء الساقطين دمروا التعليم في السودان لثلاثين سنة، فلا تدعوهم يدمروا مستقبل أبناءكم. قفوا بقوّة خلف القرّاي، فان كان هناك شئ واحد أنجزته هذه الثورّة، فهذا الشئ هو أن (كلفته بمسؤليةِ الإشراف على هذه المناهج)، ليستعيد السودان المكانة التي تليق به في التعليم الأكاديمي النّوعي في الإقليم والعالم. يجب أن يتم التحقيق مع هؤلاء التكفيريين الدواعش، الضّالين المضلين، في كل كلمة زّور وبهتان أرفقوها بدموعِ التماسيح، في حق هذه المناهج، ومحاسبتهم عليها أمام القضاء. فما يجعلهم يتجرأون بالباطل حتى الآن، هو أنهم لم يُحاسبوا على ما ارتكبوا ويرتكبون من جرائم.