حامد احمد عمري إنما يعانيه الشعب السوداني هذه الأيام من جدب ومسغبة هو اشبه بما عاشته البشرية في عهد سيدنا عمر في عام الرمادة حيث لم ينزل المطر فأجدبت الأرض وتشبهت بلون الرماد، فهلك الحرث والنسل، إلا أنها كانت كارثة طبيعية نتيجة لعدم نزول المطر ولم يكن للبشر اي تدخل فيها، ولكن وجه الشبه بينها وبين ما يعيشه الشعب السوداني اليوم هو القحط والجوع، نتيجة لتقاعس حكومة الفترة الانتقالية عن القيام بواجباتها في الاهتمام بمعاش الناس وعنادها في الاستمرار في ظل فشلها في إدارة الدولة . فكل اهتمامها كان حول المغانم والمناصب، فإنتشر الجوع في البلد كانتشار النار في الهشيم وهم في حين غفلة من امرهم، فأصبحت الولايات والأطراف تغلي مسغبة كغليان المرجل، وأصبحت دواخلهم تحمل غضبا وسخطا للحكومة في عدم إكتراثها لأنينهم في شظف العيش، فإنفجر هذا الغضب في ظواهر السلب والعنف التي حدثت في بعض الولايات فالإنسان الغاضب لا يستطيع ان يتحكم في تصرفاته، وما أن انتشر الجوع في مجتمع ما إلا وفسدت أخلاقه، وماذا ترجو من مجتمع فسدت أخلاقه؟ فالحكومة هي المسؤولة عن كل ما حدث في الولايات من حرق وسلب، والمؤسف ان المسؤولين لم تكن لهم الشجاعة الكاملة في الاحتراف بأن هنالك أسباب موضوعية أدت الي هذا السلوك العنيف الذي يجافي السلمية، فشماعة المندسين والنظام البائد وخفافيش الظلام هي أساليب بالية لا تجد نفعا في منهجية إدارة الأزمات، وتعتبر هروب من الأزمة، والأفضل مواجهة الأزمة بكل شجاعة وليس الهروب منها، فالواجب كان إن تقدم الحكومة اعتذار لشعب لما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية من تدهور لم تشهده من قبل بدلا من تقديم بيانات الإدانة، فالعنف والسلب مرفوض اي كانت دوافعه لكن أيضا لصبر حدود، فواجب الحكومة ان تبحث عن الأسباب الرئيسية التي دفعت الشعب للقيام بذلك وحلها. والذي يندي له الجبين أن الكثيرين يتعامون عمدا ولا يعترفون بوجود أزمة حقيقية أصلا وكل ما يحدث هو وراءه الدولة العميقة وقوي الشر، وهذا سوف يؤدي إلى إستفحال الاحتجاجات وزيادة وتيرتها. فالنفس البشرية بها نوازع الخير والشر وكلاهما له عوامله المحيطية والسلوكية التي تؤثر فيه، لذا الميل نحو العنف او السلم يجب يدرس في صياغته السلوكية ودوافعه الموضوعية. حامد احمد عمري [email protected]