المعلومة التي يعرفها كل العالم هي أن السودان دولة ليست فقيرة بل غنية جدا بمواردها الزراعية والحيوانية والمعدنية وغيرها، ولكن تم إفقارها بسبب عمى البصر والبصيرة السياسية الذي تميزت به جميع الحكومات الوطنية دون استثناء، وخاصة نظام الحركة الإسلامية المخلوع، الذي تفوق عليها جميعا واستباح البلد وارتكب في حقها الكثير من الجرائم التي يحصد الشعب نتيجتها الآن، دعونا نتوقف عند جريمة اقتصادية واحدة فقط والتي تعتبر بكل المقاييس خيانة وطنية، ألا وهي تصدير منجاتنا في شكلها الخام دون أن تمر بأي مرحلة تصنيع تضيف لها قيمة. لا توجد دولة في العالم تصدر منتجاتها كلها في شكلها الخام إلا السودان، خاصة بعد الثورة التكنولوجية التي ميزت العقود الثلاثة الماضية، وقد جعلت استغلال الموارد وتحويل المواد الخام الأولية إلى منتجات أكثر فائدة وقيمة أمرا سهلا جدا لدرجة المتعة، ولكن النظام المخلوع حرمنا من استيراد هذه التكنولجيا حتى لا يستفيد الشعب من كنوز بلده التي أصبحت مجال ثراء لمافياته، وليس من مثال يكشف هذه الخيانة أكثر من ثروتنا الحيوانية التي ظلت ولا زالت حتى الآن تصدر بالملايين على أساس أنها لحوم فقط، مع أن قيمة مخلفاتها بعد الذبح أغلى بكثير. خبراء الإنتاج الحيواني يصفون مخلفات المذابح، بمختلف أنواعها، ب"الكنز" ويقولون ليس هناك فاقد من الحيوانات المذبوحة إلا صوتها، حيث يتم الاستفادة من كل شيء الدم، العظام، الجلود، والأجزاء الداخلية، الأظلاف، وحتى محتوى الإمعاء(الفرث)، ومن مخلفات الذبائح هذه تصنع مادة الجلاتين التى تدخل في الاستخدامات الطبية، مساحيق التجميل، الأزرار، الغراء، الغاز، السماد، الدهانات، أوتار الآلات الموسيقية، الخيوط الجراحية، الحقائب، الجزم، الملابس، وغيرها الكثير، وهذه تصل عائدها إلى مليارات الدولارات، تخيلوا أن بلدنا لا تستفيد من قيمة كل هذه الأشياء نتيجة تصديرها للحيوانات حية وهي تعتبر هدية للدول المستوردة، هل هناك خيانة وطنية أكبر من هذا؟. هذا مجرد نموذج فهناك منتجات أخرى كثيرة زراعية ومعدنية تتعرض لنفس الضياع، والمحزن المبكي هو أن السودان يعود ليستورد منتجات مصنعة مما يصدر وبثمن أغلى عشرات المرات ومختوم عليها ختم دول أصلا لا تجود أرضها بشيء يذكر من هذه المنتجات . الآن ننبه الحكومة الانتقالية للعمل على إيجاد حل لمسألة تصدير المنتجات السودانية في شكلها الخام أو الحي ونحذرها من الاستمرار في طريق النظام المخلوع، ونرجو أن تشرع فورا في معالجة هذا الأمر، فمثلا إنشاء مذابح ومسالخ حديثة تمكن الناس من جمع مخلفات الذبيح وإيجاد طرق لمعالجتها أمر ليس صعبا ولتفتح الحكومة المجال للمستثمرين الوطنيين إن عجزت هي . حقيقة تصدير منتجاتنا في شكلها الخام البسيط وحرمان الشعب السوداني من قيمتها الحقيقية لهو حقا خيانة وطنية عظمى ارتكبها النظام المخلوع ويجب أن تتوقف فورا، والحقيقة أن الاستغلال الأمثل لمنتجاتنا وتصديرها مصنعة يمكن أن يغير حال هذه البلد 180 درجة .