وتطبيق دولة القانون. (السلطة القضائية والمحكمة الدستورية والنيابة العامة ووزارة العدل) المستشار القانوني فائز بابكر كرار
مبدأ الفصل بين السلطات ودولة القانون اهتمت التشريعات والقوانين بهذه العلاقة لما لها من أثار علي الاستقلال وظهور نظرية الفصل بين السلطات حتى تتمكن كل سلطة من ممارسة اختصاصها بعيدا عن الوصاية، وتعتبر العلاقة حسب معيار نظام الحكم تقوم على التعاون والتوازن في تقسيم وظائف الدولة حسب طبيعتها القانونية والاختصاص والسلطات. إن مبدأ الفصل بين السلطات يمنع الاستبداد السلطوي ويصون الحريات، ويضمن مبدأ الشرعية، وتقسيم العمل والاختصاص وزيادة الفاعلية، استقلال السلطات يجعلها متساوية ومتكاملة ومتوازنة، ويحقق الرقابة وتجاوز السلطات. ومن سلبيات الفصل الكامل بين السلطات يرى البعض أنه مبدأ نظري أكثر من عملي في كثير جوانبه ويصعب تطبيقه على أرض الواقع لسبب ستكون هناك سيطرة وتدخل سياسي من السلطة الحاكمة، وكذلك محاولة تغول سلطة على اختصاص سلطة أخرى، وأحيانا يحدث تهرب بعض السلطات من المسئولية القانونية على اعتبار أن كل سلطة تلقى بالمسؤولية على الأخرى وان سبب ذلك تداخل الاختصاص والسلطات وعدم تطبيق صحيح القانون وفهمه. إن الفصل بين السلطات لا بد من أن يحقق أفضل غايتين هما منع تدخل السياسة في عمل السلطات العدليه ، ويضمن استقلال القضاء والنيابة العامة ويكفل تحقيق ولاية وزارة العدل بأن تقوم بدورها في صيانة القانون وتقديم الفتوى القانونية لجميع أجهزة الدولة تحقيقا لدولة القانون. وهذا الحديث يقودنا لتناول مبدأ الفصل بين السلطات والاختصاصات في الأجهزة العدلية والقضائية والنيابة العامة، وتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات تحت رقابة المحكمة الدستورية في الفصل فى النزاعات الدستورية وتفسير النصوص القانونية. بداية لا يتحقق العدل ولا تقم دولة القانون وسيادة حكمه إلا إذا صلح حال القضاء والنيابة العامة وضمن القانون ولاية وزارة العدل على أجهزة الدولة والمال العام تحت مظلة رقابة المحكمة الدستورية وبذلك تختص السلطات بكامل الاستقلال وتطبق وتنفذ القانون من أجل تنظيم حياة المجتمع، وتجيء هذه المبادئ مرتكزة على سمو القانون وعدالة القضاء وهنا يمكننا إيراد عدد من القيم والسلوك تتمثل في: – – أن قيام القانون صحيحا في طرق سنه وتشريعه وإصداره يُحَقِّق اَلرَّقَابَة عَلَيْه، وَإِن المعيب من القوانين والإجراءات لا تجري عليها قواعد اَلرَّقَابَة الدُّسْتُورِيَّة والقضائية ومألها الإلغاء، حيث إن اَلرَّقَابَة الدُّسْتُورِيَّة والقضائية من أهم الضمانات القانونية في تطبيق سيادة القانون. -مبدأ الاستقلال في المنظومة العدلية والحقوقية تعني خضوعها للرقابة للتأكد من مطابقة القانون، واحترام حقوق الإنسان، والمحاكمة العادلة وان معايير العدالة ودولة القانون لا تسمح بتميز متهم على آخر ولا مواطن على آخر فالجميع سواسية أمام القانون. – إن من طلب السلامة لزم الاستقامة والعدالة جسر النهضة والاستقرار والتعايش السلمي. من أهم المبادئ السامية والحكمة ومسؤولية القضاء والنيابة العامة ووزارة العدل في هذه المرحلة المفصلية في السودان، و لأجل تحقيق دولة القانون وفيما يخص المنظومة العدلية والحقوقية قضاء ونائب عام وعدل، تطبيق القانون وتحقيق رقابة الامتناع في رفض كافة الإجراءات والقرارات التي تخالف صحيح القانون، وفي رقابة الإلغاء في إلغاء كل ما يخالف القانون. وإن من الحكمة والفطنة في هذه المرحلة أن تنأي السُّلْطَة القضائية وَالْجِهَات العدلية بِنَفْسِهَا من زخم الهرجلة السِّيَاسِيَّة وقرارات المنصات الإعلامية وَذَلِك حِفَاظًا عَلَى الهيبة والحياد والاستقلال. المرحلة الانتقالية والعدالة الانتقالية :- فلننظر هل كفلت الوثيقة الدستورية الاستقلال للسلطات العدلية والقضائية والنيابة العامة والمحكة الدستورية حتى تقوم بدورها في تطبيق العدالة ودولة القانون بأكمل وجه ؟ بداية أن نجاح المرحلة الانتقالية ودولة القانون تدور وجودا وعدما على دور سلطات واختصاصات وزارة العدل والنيابة العامة والسلطة القضائية ورقابة المحكمة الدُّسْتُورِيَّة. وفي هذا العدالة يجب أن ترى وهي تطبق حتى يطمئن المواطن على دور أجهزته العدلية وهي تقيم العدل، وما وضعت القوانين إلا لتنظيم حياة المجتمع وضمان استقراره، وفي ذلك التاريخ لا يرحم والعدالة لأتقبل التقاعس عن القيام بالدور الكامل ، ولأتقبل ازدواجية المعايير لذلك من الواجب الحفاظ على الهيبة والاستقلالية والتاريخ الناصع للقضاء والعدل السوداني في إرساء المبادئ وقيم العدالة. مبدأ الفصل بين السلطات الذي لا يضمن الاستقلال يعتبر تمهيدا للعزل الذي يسهل التغول على السلطات، وهنا ننظر هل ضمنت الوثيقة الدستورية استقلال المنظومة العدلية والحقوقية( قضاء – ومحكمةدستورية- ونائب عام- وزارة عدل ) وفي ذلك ما هو الواجب على السلطات العدلية والقضائية والنائب العام القيام به تلبية لرغبات المواطن في تحقيق العدل وقيام المحاكمات والمحاسبة ومحاربة الفساد واسترداد الأموال ؟ في إطار تطبيق العدالة الانتقالية وفن الموازنة بين تطبيق العدالة الانتقالية ومجابهة المخاطر والحد من تغول واستغلال السلطة السياسة. اهتمت التشريعات والقوانين بهذه العلاقة لما لها من أثار علي الاستقلال وظهور نظرية الفصل بين السلطات حتى تتمكن كل سلطة من ممارسة اختصاصها بعيدا عن الوصاية، وتعتبر العلاقة حسب معيار نظام الحكم تقوم على التعاون والتوازن في تقسيم وظائف الدولة حسب طبيعتها القانونية والاختصاص والسلطات. استقلال السلطات العدلية والقضائية والنائب العام من واقع الوثيقة الدستورية، والمعايير الدولية وحقوق الانسان. نتناول الجزئيه اعلاه فى محورين :- الاول سيادة القانون واستقلال المنظومة العدلية والحقوقية من واقع الوثيقة الدستورية، والثانى من حيث معايير العدالة الانتقالية والإجراءات العدلية السليمة تلبية للمعايير الدولية وحقوق الإنسان. المحور الاول: سيادة القانون والاستقلال نجد فى الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019 تعديل 2020 ، باعتبارها القانون الاعلى بالبلاد وان احكامها يجب ان تسود وفق مادتها الثالثه، وفى المادة السادسة حكم القانون الذي يجب ان يخضع له الجميع، وان تلتزم السلطة الانتقالية بانفاذ حكم القانون وفى هذا تأكيد لسيادة حكم القانون. اما عن استقلال السلطات القضائية والنائب العام والمحكمة الدستورية، جاءت المادة ثلاثون بأن تسند ولاية القضاء للسلطة القضائية وتكون السلطة القضائية مستقله، وفى المادة واحد وثلاثون المحكمه الدستورية محكمة مستقله ومنفصله عن السلطه القضائية، وفى المادة إثنان وثلاثون جهاز النيابه العامه جهاز مستقل يعمل وفق القوانين المنظمه له، هنا نجد ان الوثيقة الدستورية ضمن الاستقلال التام لكل من السلطة القضائية والمحكمه الدستورية والنيابة العامة، اذا تبقى لنا وزارة العدل هل هى سلطة مستقله ولفائدة القارئ ان الوثيقة الدستورية لم تذكر وزارة العدل ولكن باعمال المادة الثانيه بعد إلغاء العمل بالدستور تظل القوانين الصادرة بموجبه سارية مالم تلغ أو تعدل، وفى ذلك نجد قانون تنظيم وزارة العدل لسنة 2017 ، نجد في المادة الرابعة اختصاصات الوزارة وسلطاتها ومهامها واختصاص الوزير وسلطاته في السعي لبسط سيادة حكم القانون وتحقيق العدالة ، ودراسة وصياغة مشروعات القوانين ومراجعة القوانين وإصلاحها ، والعمل على تعزيز وحماية حقوق الإنسان ، اصدار الفتوى القانونية في أي مسألة أو نزاع تكون اى من اجهزة الدولة طرفا فيه ، والموافقة على إجراء التسويات فى المسائل المدنية التي تكون أجهزة الدولة طرفا فيها ، وفى المادة الخامسة الفتوى الصادرة من المستشار القانوني ملزمة لأجهزة الدولة ، وهنا لابد أن نشير لمسألة حدث فيها جدل قانونى كثيف بين فتوى المحامى العام فى شأن وقف التصرفات التى قامت بها لجنة التحقيق فى مخالفات الخطوط البحرية السودانية المكونة من النائب العام وقرار وكيل وزارة العدل الذي ألغى بموجبه فتوى المحامى العام فى وقف التصرف وفى ذلك ومن الضرورة أن نؤكد مسألتين : لبيان مبدأ الفصل بين السلطات والاختصاصات الأولى : أن النيابة العامة لها كامل السلطات الاختصاص في المسائل الجنائية ، وأن وزارة العدل لها كامل الاختصاص والسلطات فى المسائل المدنية التي تكون أجهزة الدولة طرفا فيها وأن كل من النائب العام والخطوط البحرية البحرية من اجهزة الدولة . الثانية : ان من سلطات واختصاصات وزارة العدل الموافقة على إجراء التسويات فى المسائل المدنية التي تكون أجهزة الدولة طرفا فيها وإصدار الضوابط التى تنظمها ، وفتوى مستشار وزارة العدل ملزمة لاجهزة الدولة . هذا ما جاء في المادة الرابعة والخامسة من قانون تنظيم وزارة العدل لسنة 2017 . والسرد اعلاه من أجل تأكيد الفصل بين السلطات، ودور وزارة العدل فى إصدار الفتوي القانونيه والراى، وعلى المستوي العام المساهمة فى سن التشريعات المتعلقة بمهام الفترة الانتقالية. والاهم فى ذلك لماذا هذه السلطات واالاختصاصات والاستقلال ومبدأ الفصل بين السلطات:- اولا / لتحقيق دولة القانون وسيادة حكمه. ثانيا/ لتنفيذ وتطبيق القانون والمحاكمات العادلة بكل حياد واستقلال، واجراء الإصلاح القانوني. وفى ذلك جاءت مبادئ الوثيقة الدستورية فى المادة الثامنه بالغاء القوانين والنصوص المقيدة للحريات والتى تميز بين المواطنين، محاسبة منسوبي النظام البائد ، والإصلاح القانوني، واعادة بناء وتطوير المنظومة العدلية والحقوقية وضمان استقلال القضاء وسيادة حكم القانون. وفى ذات السياق ضمنت الوثيقة الدستورية فى المادة الثامنه والاربعون المساواة امام القانون، وفى المادة الثانيه والخمسون المحاكمه العادلة ، والمادة الثالثة والخمسون الحق فى التقاضي. وفى ذلك نجد فى شأن المعايير الدولية والمعاهدات والمواثيق الدولية فى المادة الثانيه والأربعون ان كل الحقوق والحريات المضمنه فى الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية والاقليمية لحقوق الإنسان والمصادق عليها من قبل حكومة السودان جزء لايتجزء من الوثيقة الدستورية. ختاما: نستطيع القول أن من واجبات ودور المنظومة العدلية والحقوقية ممثلة فى السلطة القضائية والمحكمه الدستورية والنيابة العامة، ووزارة العدل، فى خلال المرحلة الانتقالية مهمة بالغة الاهمية والتعقيد ولابد من الموازنة بين تطبيق العدالة الانتقالية والإجراءات السليمة والإصلاح القانوني، ومجابهة المخاطر والحد من التدخلات السياسية ومظاهر شخصنة العدالة والقانون، وهذا مايعرف بفن العدالة الانتقالية، وان نجاح المرحله الانتقالية معقود على تطبيق العدالة ودولة القانون والفصل بين السلطات بأكمل وجه. تحياتى، ،، مستشار/ قانوني فائز بابكر كرار [email protected]