تتعالى أصواتنا طالبة المجد والخلود لشهداء وطننا، وترجوا لهم الإرتقاء في العلياء وجنات الخلد، وهم إلى ربهم جالسون، ربهم الذي يمهل عباده ولا يهملهم، كما نرجو عاجل الشفاء للجرحى والمصابين، وهم دومًا عن وطنهم قائمون زادون، وتمنياتنا القلبية لمفقودينا وعودًا حميدًا لهم، وهم لا محالة عائدون. سطرت جماهير بلادي بالأمس، ثائراته وثواره، شيبه، وشبابه، سطروا مأثرًا جديدًا، من مآثر البطولة والشجاعة والنضال، وأكدت عزيمتها وقدرتها على إستكمال المسيرة، والوصول بها إلى مبتغى السلطة المدنية الكاملة الغير منقوصة، لنبني معًا سودان الحرية والسلام والعدالة، الذي ظلت حناجرنا، تصدح به منذ بزوغ فجر ثورتنا المجيدة. لبت بالأمس جموعٌ من شعب بلادي الغفيرة، نداءًا للحق والوطن، وهي في الذكرى الثانية لفض إعتصام القيادة السلمي، الذي تم في (29) رمضان 2019م، تقاطرت تلك الحشود، تخليدًا للذكرى وتعزيزًا للقيم النبيلة، بيد أنها لاقت ما لاقت، وبدلًا من حمايتها فها هي تفقد ثانية إثنين من الشهداء الأبرار، وأكثر من إثني عشر جريحًا، غدرت بهم آلة اللجنة العسكرية، على الرغم من إنكارها ونفيها في بيانها الفطير، وهي تمارس أعلى تجليات العنف والسطوة العسكرية. نرفع أكفنا تضرعًا لله رب العالمين، أن يتقبل كل شهداء بلادي الأحرار، ويسكنهم فسيح جناته، ونجدد مطالبنا بأقوى وأشد العبارات، بضرورة تحقيق السلطة المدنية، بعد إزاحة اللجنة العسكرية عن رأسها، والسعي بجدّ وإجتهاد في محاسبتها لما إرتكبت من جرائم، أقلها فض إعتصام القيادة، بإعتباره شرطًا أساسيًا لتحقيق دولة العدالة والسلام والحرية. والمستقرئ لأحداث حراك (29) رمضان، ورغم مشروعية مطالبه، إلا أنه يلحظ أن اللجنة العسكرية مارست في فضها للإعتصام أقسى أنواع اللؤم والعنف والصلف، ولم تعي دروسًا سابقة، ولم تذكر مجازرها التي إرتكبتها في دارفور، والنيل الأزرق، وجنوب كردفان، وغيرها من مدن بلادي، التي عانت من جبروت الظالمين، وما يستغرب له المرء حقًا، أن عسكر بلادي كأنما تمت تربيتهم، لتجريب أسلحتهم وسطوتهم على شعوب بلادي بدلًا عن الأعداء، وظلوا يحاربون أبناء الوطن، وينالون النياشين والأنواط عبر دماء أبنائنا السودانيين. كيف لا وأن اللجنة العسكرية وزبانيتها، جميعهم يعلمون علم اليقين، أن الثورة الشعبية الحقة، تمثل لهم فصلًا من فصول الحساب، لما إرتكبوه من جرائم إنسانية، يندى لها جبين الإنسانية، وهم في إنتظار الحساب لما مارسوه من فسادٍ مالي وإداري وأخلاقي، طيلة حمايتهم ورعايتهم لحكم الإسلامويين ودولتهم الكيزانية، وعليهم أن يعوا بأن إرادة الشعوب لا تقهر وإن طال السفر وقل الزاد، وما سيرة البشير- سيّد الفاشلين الفاسدين- ببعيدة عنّا. دولتهم التي إمتلأت جورًا وظلمًا، وإرتوى قاموسها بقيم: الدناءة، والغدر والخسة، أي إن دولة اللجنة العسكرية، هي التي قامت بمهاجمة الثوار السلميين، وهم في إعتصامهم الرمضاني قائمون، فواجهتهم: بالرصاص الحي، والقنابل الصوتية، والغاز المسيل للدموع، وكأنما أرادوا القول: إنهم في الحكم باقون، وللفض فاعلون، وليلة اليوم أشبه بالبارحة، فعشرات الشهداء والضحايا ظللنا نفقدهم، منذ بزوغ فجر ثورتنا لإزاحة كابوس الإسلامويين الملطخة أياديهم بدماء الأبرياء الأتقياء الأنقياء. والمتتبع منذ الوهلة الأولى، لسلوكيات اللجنة العسكرية الأمنية الإخوانية، يستقرئ إشارات واضحة، تعزز مواقفنا ومخاوفنا تجاهها، وهي تقف ضد الثائرات والثوار، وضد الثورة بكل ما تحمل، من معاني وإستحقاقات ممهورة بدماء الشهداء، وتضحيات الجرحى والمصابين والمفقودين الغالية. وبالطبع إنها أيام عصيبة لا تنفعنا فيها الإستكانة ولا الإستهانة، وعليه نعلن دعمنا الغير منقوص ووقوفنا التام مع مطالب الثوار، ومنظمة أسر شهداء ثورة ديسمبر، وإتهامها المباشر لكل عضوية المجلس العسكري الإنقلابي، بإرتكاب جرائم فض إعتصامات: القيادة العامة، والولايات، كما نرفع مطالبنا بتحقيق العدالة، ومحاسبة كل من إرتكب جرمًا في حق الوطن. ونؤكد وندعم بكل ما نملك، إنخراط وإصطفاف جموع شعبنا في الحراك المعلن، وندين بأشد العبارات وأغلظها ذلك الهجوم الخسيس، والعنف المفرط، الذي مارسته السلطة في وجه التجمع السلمي المشروع: قانونًا ودستورًا، ونعتبره جريمة أخرى تضاف إلى سجل جرائمهم السلطوية المخزية، ونؤكد أن شعبنا العظيم قادر بإرادته وأدواته السلمية، على رد كيد الضآلين الكائدين. [email protected]