إرتفاع أعداد المصابين بدائي السرطان و الفشل الكلوي ، كان البعض يبرّرهُ بإرتفاع مستوى الوعي الصحي والطبي وتطوُّر آليات الفحص ويُسر وسهولة الوصول إلى المراكز والمشافي الطبية ، طبعاً هذا قياساً بالصعوبات التي كانت تواجه الناس في أزمان سابقة تمنعهم من إكتشاف المرض في وقت مبكر وأحياناً عدم إكتشافه نهائياً حتى حدوث الوفاة ، لكن بعض الحقائق الهامة والمُلَّحة في هذا الموضوع أخاف أن تضيع و يغشاها الإهمال وعدم الإهتمام إذا ما تمادينا في تبرير ما يحدث الآن في السودان بخصوص السرطان والفشل الكلوي ، فأن تكون مجمل أسباب الزيادات المهولة في أعداد المصابين بهذين المرضين محصورة في يسر وسهولة إكتشافه بالنسبة إلى ما كان في الماضي فيه نوع من الركون إلى جوانب في إعتقادي ثانوية ولا تمثل كل الحقيقية ، ولا أدري في ذات الوقت من المستفيد عن تضليل المتسائلين والمستغربين من المتابعين للحالة غيرالعادية لإنتشار هذين المرضين في جميع الأوساط العمرية بدايةً من الأطفال ومروراً بالشباب ونهايةً بكبار السن ، كما لا يفوت على المُتعمِّقين في متابعة أمر الظاهرة إنتشارها على المستوى الريفي والحضري ، فضلاً عن أن هناك ولايات تحوز على النسبة الأكبر من المصابين بالسرطان على سبيل المثال الولاية الشمالية و ولاية الجزيرة ، ونحن حين نفتح هذا الملف ندلف إليه من المبدأ الصحي الهام والإستراتيجي الذي مفاده (الوقاية خير من العلاج) ، فمن الأجدى للدولة ممَّثلة في وزارة الصحة وسائر الوزرات والمؤسسات التي ينالها جانب من الإختصاص في الموضوع كوزارة الشئون الإجتماعية ووزارة المالية وديوان الزكاة ، أن تبحث عن مصادر المشكلة ومن ثم معالجتها والقضاء عليها ، وذلك بالطبع خير من دفن الرؤوس في الرمال والإدعاء بأن الأمر ما زال في حدود العاديه ولا يحتاج إلى كثير بحث وتقصي ، لو كنت مسئولاً لما ضرَّني أبداً الإسراع بإنشاء هيئة علمية ومختبرية وبيئية عليا لإستقصاء مستوى التلوثات البيئية والغذائية والمؤثرات الأخرى المحيطة ببيئة الصحة الإجتماعية العامة ، على أن يستعين الباحثين بما يرون من الخبرات والأدوات ، فضلاً عن تحديد زمن معيَّن يتم فيه تقديم التقارير والملاحظات ومقترحات العلاج ، إن حدث ذلك يكون الله قد كفى المؤمنين شرالقتال وربما إستطعنا إنقاذ ما تبقى من المرشحين للإصابة بهذين الداءين القاتلين ، مع العلم بأن الكثير من المراكز البحثية الخاصة والمنابر الإعلامية المختصة تحدثت بكثافة في أزمان متفاوته عن إرتفاع لنسبة الإشعاع النووي في الولاية الشمالية ، وأيضاً تم تدوال إشكالية إعداد وتنقية مياه الشرب وسُبل إيصالها للإستهلاك البشري بعد شائعات كثيرة متعلقة بإختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحي في كثير من مراكز وأحياء العاصمة ، فضلاً عن غياب الجهات المحدِّدة والمُراقِبة لصلاحية الأدوات والمواد المستخدمة في تنقية وتطهير مياه الشرب في العاصمة وكثيرمن المدن الولائية ، إضافةً لإشكالية النفايات الصناعية والسكانية والطبية والتي يبدو عجز الجهات المسئولة عنها بيَّناً وواضحاً للعيان ، آن لولاة أمر هذه البلاد أن يعلموا أن أرواح العباد أمانةً في أعناقهم وسيُسئلون عنها أمام مليكٍ مُقتدر ، كما آن لهم أن يُعملوا (إستثمارهم) في الإنسان السوداني المغلوب على أمره لأنه أبقى وأثمن الثروات في هذا البلد المكلوم. [email protected]