ثمانية وثلاثون عاما مضت علي مجاعة سنة 1984م التي ضربت السودان كما بعض الدول الافريقية الاخري ، قدم الرئيس الامريكي ريغان مساعدات للسودان ، عيش ريغان هو ما وصل وتغنت شاعرة من أهلنا في منطقة دارحمرتمدح صنيع ريغان وجاء ضمن شعرها ( ريغان خواجة حر@ وما بعرف الضر) ، للأسف الضر جاء من بنك يعمل في السودان حجز الذرة في مخازنه ولقب ببنك العيش وكانت أرباحه في سنوات المجاعة ملايين اضيفت الي سجلاته . قمح بايدن أيضا جاء بموجب اتفاقية لامداد السودان بالقمح للاعوام 2021م-2024م ، أعقبته الان هدية وزنها 34 ألف طن متري من الذرة قدمها الشعب الامريكي للسودان عبر برنامج الغذاء العالمي، نرسل مع مواطنتنا الشاعرة السودانية أجزل وأرق أبيات الشعرالي الرئيس بايدن والشعب الامريكي علي تلك المساعدات السخية التي تصل في وقت الحاجة اليها. وماذا فعلنا نحن الشعب السوداني بين السنين 1984م و2021م ، المتوقع أن نجتهد لا لنصنع صوامع غلال في كل قرية أو مدينة ، بل فقط نسير علي حكمة حفظ الغلال التي جاء بها القران الكريم في أحسن القصص علي الاطلاق علي لسان سيدنا يوسف عليه السلام ( فما حصدتم فذروه في سنبله الا قليلا مما تأكلون ) ، لم نكن نحتاج الي مهارة كوريا الجنوبية أو ألصين لإنشاء صوامع لحفظ الغلال ، فقط كنا نحتاج الي الاحتفاظ وترقية ممارسة ( المطمورة ) ، هي بئرأو حفر عميق في الارض لا يصل الي عين الماء يحفظ فيه حصاد الذرة ، تقطع قناديل (سنابل) الذرة ثم ( يطرق عليها ) لفصل العيش عن ( البتاب أو الشره ) الذي يغلف حبات الذرة ، الناتج من خلال فصل حبات العيش توضع في جوالات خاصة بها وأخري تحوي البتاب أو الشره من قندول الذرة ، تفرغ أولا بعضا من جوالات البتاب في قاع الحفرة ( المطمورة) ثم يلحق به عيش الذرة بحمولة خمس جوالات مثلا ويغطي بحوالي جوالين من البتاب ثم تكرر العملية ، ذرة يعقبها تغطية بالبتاب أوالشره ، ثم يوضع بتاب في نهاية العملية قبل تغطية المطمورة بالرمل ، هكذا تكون حبات العيش في حماية البتاب من البلل بفعل مياه الامطار وبعيدا عن الافات أيضا ، تلك العملية تحفظ الذرة الي الموسم القادم اذ هي مؤونة لمقابلة فترة الاعداد للزراعة الجديدة وأيضا بعضا من حبات الذرة تستخدم بذورا للموسم الجديد، وكانت الصنعة متوارثه و معمولا بها طريقة لحفظ الذرة ولا تبعد كثيرا عن ما جاء في محكم التنزيل كخبرة لحفظ الحصاد الذي يؤكل بعضه في ذلك الموسم . غياب تواصل البحث العلمي وجهات تشجعه وتدفع لإتمامه أقعدنا عن تطوير واستحداث بدائل لحفظ العيش وبقية المحاصيل ، الانقطاع عن العالم لثلاثين عاما أبعد السودان كثيرا عن تبادل المعارف والخبرات مع العالم ، لا يقل انسان السودان ابداعا ففي مجال استخدامات الذرة تشهد بعض مدن العالم علي علو كعب أهل السودان ، هي الكسرة تؤكل مع ( دمعة الكمونية) في أحياء غبيرة والناصرية والمعذر في الرياض ويفضلها بعضا من الاخوة السعوديين كوجبة عشاء شهية يعقبها كأس لبن ( روب) ، هي أيضا الكسرة أو العصيدة تطلب من السودانيين خلال العطلة الاسبوعية في أحياء ايرلزكورت ونوتنقهل قيت بلندن أو أينما تكون تجمعات الاسر بكثافة في الجزر البريطانية ، تطويرها لتنافس أكلة الخواجات الشهيرة ( فش اند جبس ) أو الكاري الهندية ، يحبسه الصرف علي البحث العلمي وجهات تشجعه تمويلا ومصادر أخري توفرها. جزي الله ريغان وبايدن والشعب الامريكي خيرا ونسأل الله أن لا نحتاج الي أريحية كمالا هاريس مستقبلا ، فقط نحتاج الي توجيه الجهود السودانية للاستفادة من الذرة الي أقصي حد ممكن بالبحث فيها حفظا وتنويع منتجات غذائية منها ، حفظها في صوامع غلال كأحدث ما تنتجه المصانع الكورية والصينية برفع قيمة المنتج ونعرضه للسوق العالمي في وقت يصبح فيه السعر مجزيا ، في داخل السودان ربما ساهم البحث العلمي في ترقية الاستفادة من الذرة ليس عن طريق ( عواستها ) يدويا أو صناعة ( عصيدتها ) ثم بيعها في مخابز خاصة لهذا الغرض ، بل التشارك مع شركات صنع الفطائر والمعجنات العالمية لتصنيع مخلوط الذرة مع فيتامينات بديلا لسندوتشات المدارس ، ربما قدمته تلك المصانع كما أصابع الشوكلاته . جيل ثورة ديسمبر 2018م يمكنه العبور بالذرة لتصبح غذاء العالم تنافس القمح ، فقط بالأخذ بالعلم والإقبال علي البحث العلمي لنخرج من مرحلة القبول والقناعة بما يقدمه الاخرون أو كما تركه لنا السلف الصالح بقدر تواضع خبراتهم في التجارب كما في ( المطمورة) ، جهد يجب أن نشكرهم عليه ونؤسس لترفيعه والتقدم فيه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. [email protected]