على الرغم من مليارات الدولارات التي أنفقتها الولاياتالمتحدة والغرب على التأهيل والتدريب، فإن الجيش الأفغاني الذي يعد أكثر من 300 ألف جندي انهار بسرعة أمام حركة طالبان، بمجرد سحب القوات الأميركية. وقال تقرير لصحيفة "تلغراف" البريطانية، الجمعة، إن الغرب ضخ مبالغ ضخمة لاستثمارها في تأهيل في القوات الأفغانية على مدار السنوات ال15 الماضية، وأن الولاياتالمتحدة لوحدها أنفقت 88 مليار دولار، اعتقاداً منها بأن ذلك سيُمكن الحكومة الأفغانية من الاعتماد على نفسها ضد طالبان، ما يسمح لأعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" بالانسحاب نهائياً. وأضاف التقرير أن هزيمة القوات الأفغانية في المناطق الريفية سرعان ما تحولت إلى انهيار تام في المناطق الحضرية، بشكل كان مفاجئاً لعناصر حركة طالبان أنفسهم. كما أصاب الفشل الذريع للجيش الأفغاني -الذي كان من المفترض أن يكون محور تركيز الدعم الغربي- الأفغان وداعميهم بالصدمة. استراتيجية "فاشلة" ألقى العقيد إدريس عطاي، القائد في الجيش الأفغاني، باللوم على كل من الغرب وقادته الأفغان. وقال في تصريح للتلغراف: "لا أرى أي استراتيجية للحرب، لقد أسيء استخدام قواتنا خلال السنوات الماضية، وتم تعيين من لا يستحقون في مناصب قيادية. لقد تمت تلقى جنرالاتنا وقواتنا معاملة سيئة للغاية، لذا نحن اليوم في هذه الفوضى". وجاءت تصريحات الكولونيل عطاي الأربعاء، بعد ساعات من سقوط ولاية بدخشان وجزء كبير من شمال أفغانستان في يد طالبان، وهي تمثل صدى لاتهامات توجه لحكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني، بالفشل في التعاطي مع الجيش. إذ يُعتقد على نطاق واسع أن زمرة من مسؤولي القصر الرئاسي، ممن لا يملكون أي خبرة عسكرية، كانوا يتدخلون في وضع الاستراتيجيات بصورة كارثية. لكن القائد في الجيش الأفغاني أعرب عن غضبه أيضاً إزاء القرار الغربي بإبرام اتفاق مع طالبان، قائلاً إنه يمنح "الشرعية والثقة للإرهابيين"، الذين أمضى حياته المهنية في قتالهم. وقال عطاي: "نفذنا المهمة كتفاً لكتف مع الأجانب، وكنا متفقين على أن (عناصر) طالبان إرهابيون. حاربناهم ل20 عاماً، لكنهم ذهبوا وأبرموا اتفاقاً مع الإرهابيين الذي كنا نحاربهم معاً. لقد منحهم الشرعية السياسية وسلموهم مستقبلنا". ووصف الكولونيل عطاي، حركة طالبان بأنها "مجموعة من المتعصبين"، وقال إنها أصبحت "أسوأ من أي وقت مضى" بدلاً من أن تكون معتدلة. تفشي الفساد وقال التقرير، إن القوات الأفغانية "لم تتوحد لمحاربة طالبان على الرغم من مستوى التهديد الذي تُشكلة الحركة"، مشيراً إلى أن "تفشي الفساد والقيادة الضعيفة تسببت في خسائر فادحة"، فيما يشكو الجنود من عدم الحصول على رواتبهم أو الطعام والذخيرة، وعلاج الجرحى بشكل سيء. وأكد اللواء البريطاني السابق الذي عمل مستشاراً للجيش الأفغاني، تشارلي هربرت، أن "تفشي الفساد والمحسوبية، والمصالح الذاتية بين النخبة السياسية والعسكرية في كابول، انعكست على إرادة الجنود وأفراد الشرطة في القتال". وأضاف هربرت: "في النهاية، أعتقد أننا حاولنا جعل هذه الحرب حربنا، وليست حربهم. أرسلنا 100 ألف جندي من قوات التحالف لخوض الحرب في الأيام الأولى بدعم من أعداد صغيرة من قوات الأمن الأفغانية، إنه نهج خاطئ تماماً، كان ينبغي علينا الاستثمار في القوات الأفغانية منذ البداية". انسحاب الغرب السريع وقال النائب البريطاني توم توجندهات، الذي خدم في أفغانستان، إن الانسحاب السريع وحرمان القوات الأفغانية من الضربات الجوية (للأطلسي)، وكذا المهندسين والمتعاقدين لإدارة قواتهم الجوية "سحب البساط من تحتهم". وأضاف أن الأمر أشبه ما يكون بتدريب رجل على القتال وعيناه مفتوحتان، ثم تعصيب عينيه قبل مباراة النهاية. نفس الموقف مضى إليه وزير التعاون الدولي البريطاني روري ستيوارت، الذي قال إن سحب قوات الناتو والدعم الجوي من البلاد يعني أن الغرب "حطّم الجيش الأفغاني بشكل أساسي، لقد فعلنا ذلك بقسوة شديدة وقمنا به بين عشية وضحاها".