شهدت البلاد في الأيام السابقة محاولة انقلابية كادت ان تقطع الطريق على خطوات التحول الديمقراطي الذي تشهده البلاد خلال الفترة الانتقالية المتفق عليها بين المكونين المدني والعسكري . وبالرغم من شح المعلومات التي رشحت عن الجهة التي تقف وراء هذا التحرك الغير مستغرب في وقت تغلي فيه الساحة السياسية وتتعرض فيه الحكومة الانتقالية لضغوط كبيرة من بعض الأقاليم وصلت الى حد المطالبة بأقالة دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك وحل مجلس السيادة و الحكومة الانتقالية وتشكيل مجلس عسكري يهيئ البلاد الى الانتخابات . يطل علينا الاخوة في المكون العسكري بنبرة اشبه بصب الزيت في النار . حيث وجدت تصريحات السيد رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان استهجان كبير من اغلب القوى السياسية باعتبارها محاولة للالتفاف على جملة ما اتفق عليه سابقا ومحاولة فرض واقع جديد في المشهد السياسي يفضي الى اقصى المكون المدني من الساحة وبروز الجيش كوصي وضامن لعملية الانتقال السياسي والتحضير للانتخابات سيما ونحن على اعتاب نهاية فترة رئاسة المكون العسكري للمجلس السيادي والذي من المفترض ان تؤل من بعده الى المكون المدني حسب اتفاق المحاصصة في رئاسة المجلس المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية. كما ان السيد نائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو قد سار في نفس الاتجاه التصعيدي حيث صرح بأن المكون العسكري غير مستعد للجلوس مع المكون المدني بعد الان مالم يكون هناك توافق وهي العبارة المبهمة التي لا اجد لها معنى او تفسير .في رأي ان المكون العسكري قد حسم أمره وأستبق الاحداث مستغلا حالة عدم التوافق السياسي والخلل في أداء الحكومة المحسوبة على الشق المدني واحرز هدف في محاولة منه لخلط أوراق اللعبة السياسية من ناحية وتنفيس حالة الاحتقان الحاصلة داخل المؤسسة العسكرية من ناحية أخرى قاطعا الطريق على أي محاولة انقلابية أخرى قد تلوح في الأفق. ولكن يظل السؤال الرئيس هو الى أي مدى يمكن ان يذهب المكون العسكري في انفاذ وعوده التي صرح بها وهل الشارع السوداني بات جاهزا لاستقبال تلك الرسائل والتفاعل معها ام ان تحالف الحرية والتغيير والمكون المدني ما زالا يمتلكان الزخم السياسي المؤثر علي الشارع السوداني والكفيل بفرض المعادلة المدنية بقوة المسيرات المليونيه وسلاح العصيان المدني. وبين هذا و ذاك يظل المشهد السوداني يفتقد صوت الحكمة الذي يمكن ان يقود سفينة الفترة الانتقالية الى بر الأمان دون الحاجة الى دفع كلفة يمكن ان تساوي قيمة وطن. [email protected]