1- لم يعد يخفي علي احد داخل السودان وخارجه ، ان ما يحدث في سودان اليوم من المهازل والفوضي التي تفشت كالوباء في كل اروقة الدولة بجانب وانعدام الضبط والربط والالتزام الصارم بالقوانين واللوائح، نجدها في كل مكان بدء من مجلس السيادة والحكومة الانتقالية، ومرورآ بالمؤسسات العسكرية، وجهاز الخدمة المدنية والعسكرية ، وانتهاءآ بالسلك والقضائي والدبلوماسي، ان انعدام الضبط والربط والالتزام الصارم بالقوانين واللوائح، كلها عوامل سلبية في غاية السوء والاحباط جاءت بسبب ضعف شخصية الفريق أول/ عبدالفتاح البرهان، الذي يقال عنه (نظريآ!!) انه يحكم السودان، ولكن واقع الحال المعاش يؤكد ان السودان لم يشهد من قبل طوال تاريخه الطويل، ان مرت فترة كانت البلاد فيها بلا رئيس فعلي!! 2- والشيء الذي يزيد من احباط المواطنيين، ان البرهان نفسه كان يعرف حق المعرفة، انه لا يصلح اطلاقآ للسياسة وادارة زمام الامور في البلاد، فهو لم يمارس الا العمل العسكري ولا شيء اخر، ولكن شاءت الصدف ان يستلم حكم البلاد، وسرعان ما تراجع عن الرئاسة لنائبه "حميدتي" لانه كان يعرف مسبقآ انها مسؤولية كبيرة وخطيرة واكبر من قدراته وفضل ان يبقي حاكم في الظل…او بمعني ادق ان يكون مثل ملكة بريطانيا موجود في كرسي الرئاسة ولا يحكم!! 3- ان السبب القوي الذي دعاني اليوم للكتابة عن ضعف شخصية البرهان، ذلك الخبر الاستفزازي لمشاعر ملايين المواطنيين، الذي نشر اليوم الجمعة 8/ اكتوبر الجاري في صحيفة "الراكوبة" تحت عنوان:(حميدتي يهين الوثيقة الدستورية ويجرد المدنيين من سلطاتهم ويستخف بشهداء فض الاعتصام)، وكان مفاده: (…تحدى محمد حمدان دقلو "حميدتي" نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع الوثيقة الدستورية؛ قاطعا بأنهم لن يسلموا الشرطة وجهاز الأمن للمدنيين. وفي استخفاف واضح بقضية شهداء جريمة فض الاعتصام؛ قال حميدتي إن التهديد بتقرير لجنة التحقيق في الجريمة لا يخيفهم. ومع تبقي أقل من شهر على مهلة تسليم رئاسة مجلس السيادة للشق المدني؛ رسم حميدتي ظلالا قاتمة حول مسالة التسليم إذ أشار إلى أن الشق العسكري لم يناقش حتى الآن مسالة التسليم لأن ذلك "سابق لأوانه". – لجنة فض الاعتصام: في إشارة للحملة الشعبية الواسعة التي تجتاح وسائط التواصل الاجتماعي هذه الأيام والمطالبة بتسريع تقرير اللجنة الوطنية المكلفة بالتحقيق في جريمة فض الاعتصام التي وقعت امام القيادة العامة للجيش في الخرطوم في الثالث من يونيو 2019 والتي راح ضحيتها مئات الثوار؛ قال دقلو إن ذلك لن يخيفهم. ووقعت جريمة فض الاعتصام خلال فترة تولي المجلس العسكري؛ الذي كان حميدتي عضوا فيه والذي يقول قانونيون إن كافة القرائن والأدلة تشير إلى ضلوعه في تلك الجريمة. وتسود حالة من السخط في الأوساط الشعبية؛ مما دفع بقانونيين إلى التلويح بتدويل القضية باعتبارها جريمة ضد الإنسانية. نص واضح. في حين أكد حميدتي انهم لن يسلموا جهاز الشرطة للمدنيين لاستخدامه في "بطش الشعب"؛ إلا أن الوثيقة الدستورية نصت بوضوح في البند 36 على أن: "قوات الشرطة قوات نظامية قومية لإنفاذ القانون تخضع لسياسات وقرارات السلطة التنفيذية وفق القانون". وبالتالي فإن المسؤولية تنعقد لرئيس ومجلس الوزراء فيما يتعلق بشئون وزارة الداخلية. خلافات حادة: تشهد الساحة السياسية والأمنية في السودان منذ أكثر من ثلاثة أسابيع اضطرابا كبيرا في ظل خلافات متصاعدة بين الشقين المدني والعسكري المتهم بتأجيج الأوضاع الأمنية واصطناع احداث بهدف إيجاد مبررات للاستمرار في السلطة تفاديا للمحاسبة. وفي سياق متصل؛ قال جعفر حسن الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير إنه يجب على الشق العسكري احترام الوثيقة الدستورية وعدم الزج بالمؤسسة العسكرية في شئون الحكم؛ مشددا على أن دورها يجب أن يتركز على حماية الشعب الحدود.). انتهي – 4- قد يطرح احد القراء سؤال حول ما علاقة تصريح "حميدتي" بشخصية البرهان كما جاء في عنوان المقال؟!!، واقول بالصوت العالي الداوي: " لو كان عندنا رئيس يحكمنا وعنده "كاريزما" وشخصية مهابة ويتمتع باحترام الجميع في كل مكان، وعنده الحزم والانضباط العسكري الصارم لما استطاع "حميدتي" ان يتجرأ ويقوم علانية بتحدي الجميع شعب وحكومة!! 5- لو كان البرهان محل هيبة واحترام من اعضاء مجلس السيادة، لما تصرف "حميدتي" مثل هذا التصرف المشين، وصرح تصريحه الاستفزازي الذي احرج اولآ البرهان ومن بعده اعضاء المجلس!! 6- بالطبع لن يتجرأ البرهان محاسبة حميدتي علي تصريحه، ولن يطالبه ان يكف عن التصريحات والتصرفات التي تحرج الجناح العسكري في مجلس السيادة، ولن يذكره بالانضباط العسكري، فحميدتي لم يدخل الكلية الحربية ليعرف قوانين الضبط والربط والالتزام باللوائح العسكرية!!، البرهان سيصرف النظرعن سلوكيات "حميدتي" وسيواصل الثناء فيه!! 7- الباقي ايام معدودة وبعدها يتنحي البرهان ويرحل من الوظيفة التي اصلآ ما استفاد منها طوال (29) شهر، يرحل غير ماسوف عليه، يرحل البرهان دون ان يكون قد حقق انجاز يفخر به….عكس "حميدتي" الذي يودع وظيفة نائب رئيس مجلس السيادي بعد ان حقق لنفسه الثراء الفاحش واصبح ملياردير بمعني الكلمة ،عنده المال الوفير والذهب في بنوك ابو ظبي ودبي، وجزء من مناجم "جبل عامر" واراضي حدادي مدادي في دارفور، يرحل "حميدتي" من السلطة ولكنه يبقي في نفس وظيفة قائد قوات "الدعم السريع" برتبة فريق أول!! 8- لو كنت مكان البرهان، لما ترددت لحظة في ظل هذه الانتكاسات الا تقديم الاستقالة والاعتذار للشعب…ولكن "الاختشوا ماتوا"!!