* تحفظ مدير إدارة السودان والقرن الافريقي بجامعة الدول العربية السفير زيد الصبان، على ما دار خلال لقاءاتهم مع البرهان وحمدوك إبان زيارتهم أخيراً لرأب الصدع بين العسكريين ورئيس الوزراء في السابع من نوفمبر الماضي، مؤكداً أن كل ما دار ليس قابلاً للنشر. وقال الصبان في هذه المقابلة انه لا يمكن الدخول في ما قاله حمدوك أو ما قاله المكون العسكري، مؤكداً في ذات الوقت على دعم جميع الدول العربية لمبدأ الحوار بين الأطراف السودانية. ونفى في ذات المنحى الحديث حول علاقة زيارة وفد الجامعة العربية الى الإماراتالمتحدة بعودة حمدوك، وعده حديثاً غير دقيق، منوهاً بأن الزيارة كانت في إطار آخر يختلف عن الإطار السوداني، في وقت كشف فيه عن دور الجامعة العربية الذي يتمثل في دعم كل ما يحقق السلام في دول القرن الافريقي، بجانب وقوفها الدائم مع الحق السوداني في سيادته وسلامة أراضيه.. والحوار في السياق التالي: * مرحباً بك في صحيفة (الانتباهة)؟ مرحباً بصحيفة (الانتباهة) داخل مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وهي إحدى الصحف المفضلة لدي وأحرص على قراءتها. * بداية دعنا نتعرف عليك عن قرب أكثر؟ انا زيد الصبان مدير ادارة السودان والقرن الافريقي قطاع الشؤون العربية بجامعة الدول العربية، سوري الجنسية، وإدارتي معنية بدعم السلام والتنمية والوحدة في السودان وكذلك الدول العربية التي تنتمي لمنطقة القرن الافريقي بشكل عام. * حدثنا عن الدور الذي لعبته الجامعة العربية أخيراً في تقريب الشقة بين العسكريين في السودان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، سيما انك كنت احد اعضاء الوفد الذي زار السودان خلال الأسابيع الماضية؟ هذا سؤال مهم جداً، وقد سبق لعدد من المسؤولين في الجامعة العربية ان اوضحوا هذا الدور في الإعلام، ولكن دعيني أدخل في تفاصيل هذا الدور، وفي حقيقة الحال هذه الزيارة لا يمكن رؤيتها كخطوة وحدها وانما في سياق أكبر وهو مواكبة الجامعة العربية للعملية الانتقالية في السودان. ففي يونيو 2019م وفي إطار الحرص على دفع المفاوضات بين المكونات السودانية، وصل الأمين العام للجامعة العربية الى الخرطوم والتقى مع جميع المكونات العسكرية والحزبية والنقابية ودعم فكرة الشراكة والحوار ما بينهم، وبعدها بشهر ونصف الشهر تم التوقيع على الوثيقة الدستورية بحضور الجامعة العربية كشاهد، وفي مقدمة الوثيقة الدستورية هناك نص يدعو الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الافريقي لدعم تنفيذ هذه الوثيقة ودعم التنمية في البلاد. ومنذ ذلك الوقت والجامعة قريبة من الأحداث وتتابع تطورات الاوضاع لحظة بلحظة، وقد حرصت الجامعة العربية عقب اجراءات (25) أكتوبر على أن تعمل على تشجيع المكونات السودانية على الانخراط في مزيد من الحوار، وحينما توجه وفد الجامعة العربية عالي المستوى برئاسة السفير حسام زكي الأمين العام المساعد إلى الخرطوم، كانت في جعبته أفكار بشأن دعم الحوار وإيمان بأن السودانيين هم الجهة الأقدر والجهة الأفضل لحل المشكلات التي تواجه حواراتهم، وهي زيارة استغرقت نحو (24) ساعة، وطلبنا لقاءات مختلفة، وتم الالتقاء مع الفريق اول ركن عبد الفتاح البرهان والدكتور عبد الله حمدوك في مقر إقامته ومكونات مدنية مختلفة، واستمعنا إلى وجهات نظر سودانية بمقدار ما سمح به الوقت، وسعينا إلى مواكبة تطورات الاوضاع والتأكيد على دور الجامعة العربية في الاستعداد لتشجيع أي حوار سوداني بالطريقة التي يفضلها السودانيون، وفي الحقيقة لم تكن لدينا مبادرة تفصيلية، بل تشجيع للمكونات على الانخراط في حوار لمواجهة تحديات سياسية تواجه الفترة الانتقالية وتنفيذ الوثيقة الدستورية، وقد سبق للجامعة أن أكدت في بيانها الأول قناعتها بأنه لا توجد أية مشكلة سياسية لا يمكن حلها بالحوار.. وبعد الاستماع إلى وجهات نظر مختلفة تأكد ضرورة دعم المجتمع العربي والدولي لمنابر الحوار السودانية التي تفضي إلى التزامات متبادلة بين الاطراف السودانية تنهي الأزمة. * ماذا قال لكم حمدوك خلال مقابلته معكم، وهل كان موافقاً من حيث المبدأ على العودة لمنصبه وان الخلاف حول التفاصيل ام ماذا؟ ليس كل ما دار خلال اللقاء قابل للنشر، ولا يمكن أن ادخل في ما قاله حمدوك أو ما قاله هذا المكون أو ذاك، لكن ما يمكن قوله أن الحوار معه كان شاملاً وعاماً ويتضمن توصيفاً دقيقاً لرؤيته حول جميع جوانب الأزمة في البلاد السياسية والاقتصادية والإدارية وكيف تعاظمت الأزمة الى هذه الدرجة، كما استمعنا إلى وجهة نظره حول ملامح الخروج من هذه الازمة والتقدم في الفترة الانتقالية. * خلال مقابلتكم مع البرهان، هل كان أقرب لاختيار رئيس وزراء آخر غير حمدوك، أم أنه كان متمسكاً منذ الوهلة الأولى بعودته؟ دون الدخول في التفاصيل كذلك، ما استطيع قوله هو أن الحديث مع الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان تركز حول توصيف الازمة والاسباب التي أدت اليها وسبل الخروج منها، مع التمسك الكامل بالأمن والاستقرار في البلاد كدور رئيس ينبغي للمؤسسة العسكرية ان تقوم به، واعتقاده بأن الاوضاع السياسية ستستقيم بتهيئة الطريق نحو وصول البلاد الى انتخابات نزيهة وحرة وديمقراطية يعبر فيها الشعب السوداني بحرية عن ممثليه الذين تقع عليهم مسؤولية اتخاذ القرارات التي تناسب الوضع السوداني. ودعيني ان أكون واضحاً معك، ربما لدى كل طرف رؤيته الخاصة لأسباب الازمة، ولكن المؤكد هو أن جميع السودانيين يريدون الخروج من هذه الازمة بسرعة، وهذا ما استشعرناه، وطالما يريدون الخروج من هذا المنعطف الحرج إذن فهناك إرادة سياسية للحل، وهي أول خطوة نحو الانفراج. كيف تقيم الشارع السوداني الذي رفض عودة حمدوك على اعتبار انها خيانة للثورة معتقداً ان ما حدث انقلاب؟ (صمت قليلاً).. ثم قال: نتابع بكل دقة ما يقوله المتظاهرون واللافتات التي يرفعونها، وهذا بطبيعة الحال حق سوداني في إطار القانون، وجامعة الدول العربية ليست في موقع من يقوم بتقييم شعارات الشارع السوداني، فمن يقوم بذلك هم السياسيون السودانيون من سلطة قائمة وحكومة وأحزاب.. فهم الأقدر على تقييم توجهات هذا الشارع وفهم حقيقة المطالب التي ينادي بها المتظاهرون. والجامعة العربية أكدت في جميع بياناتها وعلى لسان كبار مسؤوليها على سلمية أي عمل تظاهري وتفادي أي تطور عنيف. * موقف الجامعة العربية يبدو متماهياً مع موقف الحكومة المصرية في هذه القضية.. ما رأيك؟ موقف الجامعة العربية ليس متماهياً فقط مع مصر بل مع جميع الدول العربية، فالجامعة لم تجد في اي موقف عربي ما يناقض مواقفها، ولم تسمع من الدبلوماسيين المصريين ومن جميع الدبلوماسيين في الدول العربية الا ضرورة دعم الحوار السوداني.. وبكل صراحة ودون أدنى مبالغة فقد عبرت جامعة الدول العربية عن موقف عربي جماعي واضح دون استثناء، وهو موقف يقوم على أمر واحد وهو تشجيع الحوار بين السودانيين وتفادي أي انزلاق إلى العنف. * ما هي أبرز الدول العربية التي دعمت موقف الجامعة العربية ووساطتها؟ جميع الدول العربية دعمت مبدأ الحوار الذي نادت به الجامعة العربية، وفي الحقيقة لا توجد اية فوارق بين مواقف الامانة العامة لجامعة الدول العربية والدول العربية، لأنه كما أكدت لك أكثر من مرة ان الحوار السوداني بوساطة سودانية هو ما استشعرنا وجوده وما رأينا أنه المدخل الصائب لتفادي اية محاولة للنيل من استقرار السودان والتعامل مع تحديات الفترة الانتقالية. وهذا ما حدث بالفعل كما رأينا فيما بعد. * عقب زيارتكم للسودان كانت لديكم زيارة لدولة الإمارات.. هل كانت خاصة بالملف السوداني، حيث صرح رئيس الوفد السفير حسام زكي مساعد الأمين العام بأن عودة حمدوك وشيكة وفعلاً عاد بعد يوم واحد.. فهل كانت لديكم معلومات من الخرطوم؟ هذا الحديث غير دقيق وقام بنفيه السفير حسام زكي في حينه، أما بالنسبة للزيارة فهي كانت زيارة للجامعة العربية في إطار مختلف تماماً عن الاطار السوداني، ولمناقشة موضوعات مختلفة وبعيدة عن الشأن السوداني. * يشهد القرن الإفريقي أزمات كبيرة خلال هذه الفترة، فما هو دور الجامعة العربية، وهل لديها دول اعضاء في القرن الافريقي؟ موقف الجامعة العربية واضح وصريح من هذه التطورات، فمبدئياً تقف الجامعة مع كل ما يحقق السلام في القرن الإفريقي، فالسلام في هذه المنطقة من أسس الأمن القومي العربي التي تحرص الجامعة العربية عليها.. والجامعة العربية لديها مواقف واضحة وسابقة ومكررة ترفض المساس بسيادة أو سلامة الأراضي العربية سواء في القرن الإفريقي أو ما عداها، والجامعة وقفت على الدوام الى جانب الحق السوداني في سيادته وسلامة اراضيه، وإلى جانب حقوق جميع دولنا العربية في سلامة أراضيها. * ما تعليقك على قرار الاتحاد الافريقي بتعليق عضوية السودان بعد الاجراءات التي اتخذها الجيش أخيراً معتبراً ذلك انقلاباً؟ نعم هذا مهم جداً وشكراً على السؤال، ومفوضية الاتحاد الافريقي تعمل وفقاً لميثاق الاتحاد الافريقي الذي يتحدث عن مجموعة شروط لتجميد عضوية دوله الأعضاء، ومقاربة الجامعة العربية مختلفة تماماً عن الاتحاد الافريقي، لأن ميثاق الجامعة العربية يختلف عن ميثاق الاتحاد الإفريقي، ولكل منظمة ميثاقها الذي يحدد تقييمها للاوضاع.. ففي النهاية الأمر ليس شخصياً في يد مسؤول في منظمة بل مقاربة تحددها مواثيق.. والجامعة العربية تعمل وفق ميثاقها لعام 1945م الذي وقعت عليه الدول العربية جميعاً بما في ذلك السودان. * حدثنا عن مشروعات اقتصادية أو تنموية أو خدمية تقوم بها الجامعة العربية في السودان؟ المشروعات الاقتصادية والتنموية موجودة ومعروفة.. ولكن خلال الفترة الانتقالية أحتاج الى أن أوضح نقطة لقراء الصحيفة بأن هناك طرفين في التنمية، الاول السودان وهو طرف صاحب حق أصيل في عرض مشروعات يؤمن بانها تحقق النماء والرخاء والرفاهية لشعبه، والطرف الثاني الدول والصناديق التمويلية العربية والمنظمات العربية المتخصصة التي تقوم بدراسة هذه المشروعات والنظر في التعاون مع السودان من أجل تنفيذها. وتقدم السودان قبل نحو عام بمجموعة مشروعات لدعم التنمية الانسانية والمشروعات الانسانية في دارفور وجنوب كردفان والشرق بقيمة مائة مليون دولار، وقامت الجامعة العربية بتقديم هذه المشروعات إلى دولها الاعضاء، وقد رحبت الدول الاعضاء بهذه المشروعات وطلبت من السودان مزيداً من التفاصيل حتى تستطيع الصناديق والمنظمات العربية تحقيق الانخراط اللازم في تمويلها. وهناك عمل يتم حالياً مع أجهزة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومفوضية تدريب الخدمة المدنية في هذا الإطار. هل يتم فتح الوظائف في الجامعة العربية لجميع أبناء الدول العربية؟ الوظائف في الجامعة العربية محددة بما تسمى الحصص الوظيفية لكل دولة، بمعنى ان لكل دولة مجموعة محددة من الحصص الوظيفية لا يمكن زيادتها، وهذا مماثل للعمل الدولي الذي تسير عليه الاممالمتحدة والمنظمات الدولية. * مكتب الجامعة العربية في الخرطوم لا يبدو له نشاط.. هل يعمل المكتب وما هي مهمته؟ لا يوجد للجامعة العربية مكتب في الخرطوم ولم يوجد، بل كان هنالك مبعوث لجامعة الدول العربية لدارفور يتابع تنفيذ اتفاقيات السلام الموقعة بشأنها، وكان مقره في الخرطوم والفاشر، ولكن لم يكن للجامعة يوماً ما مكتب دائم في الخرطوم، بينما هناك منظمات عربية متخصصة ذات مقر دائم في الخرطوم مثل المنظمة العربية للتنمية الزراعية والهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعي والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في افريقيا، وهي منظمات ضخمة عملاقة تعمل من أجل الوطن العربي، ويتم التفاوض معها دائماً اذا كان هناك مشروع سوداني يراد تنفيذه. * مستقبلاً هل سيكون هناك مكتب للجامعة العربية بالخرطوم؟ المنظمات لا تقرر الذهاب الى مكان ما، وهذا الموضوع يأتي بطلب من الدولة وموافقة الدول العربية، فمتى ما قرر السودان انه يحتاج الى جامعة الدول العربية بأن تكون موجودة عبر مكتب في الخرطوم سيتم النظر في هذا الطلب بكل عناية ودراسته وتلبيته، والعمل على توفير الشروط المالية والادارية والوظيفية التي تحقق نجاحه. * أخيراً الكلمة لك؟ اولاً اتمنى ان تكون الدعوة المتكررة التي تنادي بها الجامعة العربية واضحة كالشمس، وهي ضرورة تغليب لغة الحوار الذي لا يستثنى احداً، فكل التحديات يمكن حلها بالحوار، وانا مؤمن بقدرة الانسان السوداني على الوصول الى حلول حقيقية لمشكلاته السياسية حسبما اعتدنا.. ووحده الحوار الداخلي الذي تدعو له وتخطط له العقول السودانية الواعية الحكيمة وتحققه السواعد السودانية الفتية النشطة، هو ما سيؤدي الى وصول السودان الى بر الامان والاستقرار والنهضة التي يستحقها كل سوداني وسودانية. نقلاً عن الإنتباهة