مقدمة: كان ملخص الجزء الأول كالتالي: – الثورة منتصرة لا شك لكن لا بد من تجاوز الأخطاء. – خطأ الأساس هو القبول بمشاركة ما عرف خطأ بالمكون العسكري، الذي أتضح عمليًا وطوال المسيرة أنه اللجنة الأمنية لنظام الانقاذ ويسعى لاستعادتها بشكل أو آخر. – الأخطاء الأخرى بما فيها الوثيقة الدستورية واختيار الفريق الحكومي وغيره هي في نهاية الأمر ناتج الخطأ الأساس. – ما حدث من تفكك للجبهة التي أسقطت الانقاذ شيء إيجابي، إذ أنه في حقيقة الأمر يعبر عن فرز موضوعي بين الثوار الساعين إلى إنجاز مهام ثورة متفردة هدفها خلق سودان جديد في كل مناحي الحياة وممثلي الثورة المضادة داخليًا وإقليميًا ودوليًا. – هناك جماعات وأفراد في مركزية قحت عبروا عن انحياز للشارع في لاءاته الثلاث وبشكل قاطع وهناك من ما زال يتردد لسبب أو آخر. ولا بد لهؤلاء من حسم مواقفهم من أجل جعل ميزان القوى يؤشر في اتجاه الانتصار الحتمي تقليلًا للخسائر والوقت. إن كان هذا الملخص من الممكن الاتفاق عليه لتوصيف الحال الماثل، فهو يضع الأساس للإجابة على الجزء الثاني (.. ولكن): حتمية انتصار الثورة تنتج عن أنها الحق الذي أثبت التاريخ انتصاره على مدى التاريخ الإنساني مهما طال الزمن وبلغت التضحيات. ولو أن لممثلي الثورة المضادة شيء من العقل والبصر لما تتطلب منهم الإقرار بهذه الحقيقة غير الالتفات قليلًا للوراء لفترة ثلاث سنوات مضت ظنوا قبلها الخلود لنظامهم! استطاع الشارع السوداني الثائر الواعي أن يقنع المترددين بل والمقتنعين بقوة السلطة المالكة للسلاح والتأييد الإقليمي بأن سلاح السلمية أقوى وكانت النتيجة الحتمية هي وحدة موجودة ومتزايدة على الأرض ولا ينقصها غير ميثاق شكلي يجمع كل المعارضين لتلحق اللجنة الأمنية بأصحابها حيث ما يأمر الشعب المنتصر! اطلعت بالأمس على الميثاق المقترح من قبل لجان مقاومة الجزيرة (مدني)، فوجدت أنه يقطع ألسنة الخبراء الاستراتيجيين الذين كانوا يروجون لأن شباب المقاومة (ابان بناطلين ناصلة والشعر المبرم الصعاليق وأمات سكيرتات المطاليق الما عندهن أهل ووليان) كما جاء في حديث الأستاذ على الشايب واصفًا أحاديث أولئك الخبراء، فهو بالتأكيد يصلح لأن يكون أساسًا لمناقشة قصيرة بين أصحاب المصلحة في وحدة قواها من أجل إسقاط الانقلاب وجماعته من العسكريين والمدنيين. غير أنه في هذه المرة واستفادة مما حدث من تجارب وفرز، فلا بد للتحسب لما بعد الميثاق الذي يعبر عن جبهة موحدة على أهداف نهائية للثورة. فإذا حدث ذلك فإن الباب يكون قد فتح على مصراعيه لإصلاح ما تبقى على أنه كما ذكرت ناتج الخطأ الاساس – القبول بمشاركة اللجنة الأمنية وليس المكون العسكري الذي وقف عديد المرات إلى جانب الشعب وضد من يستغلونه لأسباب خاصة. ولتأكيد ذلك، ارجو أن تسمحوا لي بإعطاء لمحة عن ذلك الميثاق لإثبات أحقية شباب المقاومة بالقيادة: أولًا: عنوانه: الإعلان السياسي المقترح. وفي مثلث جانبي (نسخة قبل نهائية للمناقشة مع القواعد): فما أبدعها من لمحة ديموقراطية ترد على أحاديث الإفك الاستراتيجية القائلة بأنهم شباب تبع! ثانيًا: تؤكد أخر جملة في الميثاق أن: (استعادة السيادة الوطنية الكاملة هي أول خطوة في طريق التحول الديموقراطي والتنمية العادلة وأن استعادة الديموقراطية هي معركتنا الأساسية ضد الديكتاتورية. لأن ثورة ديسمبر ليست ثورة ضد نظام البشير واللجنة الأمنية، بل هي ثورة تحرر وطني تعيد للسودانيين/ات قرارهم واستقلالهم السياسي والاقتصادي.) ثالثًا: يقول الإعلان المقترح إنه يتكون من ثلاث أجزاء، وهي: أ- المقدمة وتناقش الدولة السودانية الحديثة في سياق تحديد الإطار المفاهيمى لتحليل المشكلة السودانية تاريخيًا وتضع خلفية عامة للمشكلات والحلول المقترحة في هذا الإعلان ب- بنود الإعلان السياسي المقترح وتتكون من تعريف الفترة الانتقالية. الأهداف العامة للفترة الانتقالية. المشروعية الدستورية وشكل الحكم في الفترة الانتقالية، الاقتصاد، العدالة الاجتماعية والعدالة الجنائية. ت- الرؤية السياسية والمفاهيمية لقضايا الفترة الانتقالية: تفصل بشكل موسع وتضبط وتحدد المفاهيم الواردة في هذا الإعلان انطلاقًا من تحليل تاريخي اجتماعي (اقتصادي وسياسي) للدولة السودانية الحديثة واتجاهات صراعاتها العامة. أردت بهذا الملخص المختصر أن أبين فقط أن هناك من بدأ يسعى حقيقة للم الشمل على أساس جديد مستفيدًا مما حدث من أخطاء. وسأعود لاحقًا إن شاء الله إلى عرضه ومناقشته بالتفصيل. ثم ماذا من الأحداث المطلوبة لإزالة لكن مرة وإلى الأبد؟! – إذا تم الاتفاق على ميثاق جديد حدد في ما حدد واجبات الفترة الانتقالية كما جاء فيه بعد إجراء التعديلات المناسبة من رؤي الآخرين، يصبح الواجب الآخر هو الاتفاق على برنامج في جميع مجالات الإصلاح يعرض على المجلس التشريعي الانتقالي ليصبح برنامجًا ملزمًا للحكومة تمامًا، حتى لا ندخل مرة أخرى إلى دوامة ما حدث بين قحت المسماة بالحاضنة السياسية وحكومات حمدوك التي كانت تنفذ ما تشاء! – ثم هناك جانب في غاية الأهمية أشرت إليه في الجزء الأول من المقال وهو ضرورة تأكيد القوى السياسية المنظمة على عدم مشاركة أعضاء منها في الحكومة القادمة وذلك درء لما حدث ويتوقع حدوثه من مناكفات حزبية. على أن تكون الحكومة من مؤهلين ملتزمين بالبرنامج الموضوع في الأساس بواسطة الأحزاب السياسية المتحدة على شعارات الثورة. وفي هذا الخصوص لا يفوتني الإشارة إلى طلب البعض أن يكون أعضاء الحكومة من المستقلين، حيث أرى أن أقل ما يمكن أن يوصف به، خصوصًا لحكومة يفترض انها ستنفذ شعارات الثورة، أنه طلب خيالي! وهنا لا بد من التساؤل: مستقل عن ماذا والمطلوب منه تنفيذ شعارات لتغيير وجه البلد تمامًا، أي خلق سودان جديد؟ كيف يكون تصور الشخص المستقل لسودان جديد غير متأثر بالآراء الحزبية والأيديولوجية؟ وحتى الاستقلال عن الأحزاب يكاد يكون مستحيلًا لشخص يختار ليصبح وزيرًا، فهو إن لم يختار حزبًا من الأحزاب الموجودة لأنه لا يتوافق معها فقد كان عليه أن يكون حزبًا يدعو فيه لآرائه المختلفة! غير أني قد أجد مبررًا في سودان ما بعد الاستقلال الذي لم تمارس فيه ديموقراطية ربما لعدة أيام. فقد كانت الخمس وستين سنة ما بعد الاستقلال هي سنوات دكتاتورية عسكرية أو حزبية/ طائفية/ إسلاموية! وعليه فلا بد من توقع مسحة ما من مواصفات الأحزاب الموجودة في جماعة المستقلين المختارين الذين سيحكمون ببرامج محدد ومحاسبة المجلس التشريعي في فترة انتقالية المرجو أن تؤدي إلى ديموقراطية حقيقية يكون نتاجها أحزاب تستحق أن ينضم إليها وإمكانية للحريات والتنظيم بما يمكن الكل من التعبير والتكوين! أقول هذا حتى لا يصبح وجود مثل هؤلاء "المستقلين" سببًا آخر للمناكفات التاريخية! الميدان