عمقت تهديدات قائد الجيش السوداني، الفريق عبدالفتاح البرهان، بطرد رئيس البعثة الأممية بالسودان، فولكر برتيس، من هوة الأزمة بين الرجلين، وسط تخوفات من دخول البلاد في مواجهة جديدة مع المجتمع الدولي تزيد من عزلتها. ودعا البرهان خلال خطاب له أمام دفعة جديدة من الكلية الحربية السودانية، أمس الجمعة، إلى أن "يكف فولكر عن التمادي في تجاوز تفويض البعثة الأممية، والتدخل السافر في الشأن السوداني"، وقال إن ذلك "سيؤدي إلى طرده من البلاد". تهديدات البرهان سبقتها مطالبات أطلقها رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة، العقيد ركن إبراهيم الحوري، بإنهاء عمل البعثة الأممية في البلاد، بعد خروجها عن إطار تخصصها والمهام التي جاءت من أجلها. وقال في مقال بالصحيفة الناطقة باسم الجيش، إن إنهاء عمل بعثة الأممالمتحدة أصبح مطلب الكثيرين؛ "لأنها لم تلتزم بمبدأ الحياد بل الانحياز المفضوح لجهات بعينها، وغياب الشفافية في جمع وعرض المعلومات وتحليلها واستخلاص النتائج منها في تقاريرها التي قدمت معلومات مغلوطة، وحفظا لسيادة البلد، وجب العمل على إعادة ضبط عملها في الإطار المنصوص عليه فقط". وذكر الحوري أن "مهام البعثة محددة في المساعدة في تحقيق اتفاق سلام جوبا والتحول الديمقراطي، لكنها انخرطت في أدوار خارج دائرة اختصاصها، حيث يعد ذلك حسب الأعراف الدبلوماسية تدخلا سافرا في شؤون البلاد، فرئيس البعثة فولكر بيرتس سعى إلى مقابلة الأحزاب السياسية ولجان المقاومة بشكل غير دبلوماسي، لذلك شرعت الحكومة في إعادة توجيه عمل البعثة لدعم الانتقال الديمقراطي لتلتفت للجوانب الأساسية في تفويضها". وسارعت البعثة الأممية إلى الرد على مقال رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة السودانية، قائلة إن "كل ما حملهُ المقال خطأ، وأن السودان جزء من الأممالمتحدة التي تمد يد العون للأعضاء فيها ولا يُسمى ذلك "تدخلًا". وتابعت: "تعمل اليونيتامس وفقا لتكليفها المنصوص عليه في قرارات مجلس الأمن، وأن الأممالمتحدة غير محايدة بخصوص الالتزام بحماية حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية". خروج عن النظام الدولي وحذرت أستاذة العلاقات الدولية والدبلوماسية بجامعة الخرطوم، الدكتورة تماضر الطيب، من مغبة طرد البعثة الأممية في السودان. وقالت الطيب ل "إرم نيوز": " الخطوة حال اتخاذها تعني الخروج عن النظام الدولي، ما يعرض البلاد لحزمة عقوبات ستزيد من أزماتها التي تعانيها". وأضافت: "التعامل مع المنظمة الدولية يختلف عن التعامل مع الدولة الندية، وأن البرهان يحاول أن يضع منظمة الأممالمتحدة في خانة الدولة الندية التي يمكن أن يعاملها بالمثل حسب تقاطعات المصالح". وتابعت: "المنظمة الأممية تقيم علاقاتها على المحافظة على السلم والأمن الدوليين، وأن ميثاقها يلزم الدول الأعضاء بكل القرارات التي تصدرها، وهو ما ينطبق على حالة رئيس البعثة الأممية في السودان، الذي لم ينصب نفسه وإنما وفقا لقرار من مجلس الأمنالدولي". وأكدت الطيب أن "أي محاولة لرفض عمل البعثة الأممية في السودان يعتبر خروجا على القانون الدولي، وأن تهديد البرهان بطرد فولكر يندرج تقييمه تحت بند الدول المارقة". وأوضحت أن قرار طرد فولكر حال صدوره سيكون مكلفا للسودان، وربما يعتبر القرار مهددا للأمن والسلم الدوليين؛ ما يمهد الطريق لوضع البلاد تحت البند السابع عوضا عن السادس الذي تعمل وفقه البعثة الأممية. وأشارت إلى أن منظمة الاتحاد الأفريقي الإقليمية ما زالت تجمد عضوية السودان بسبب قرارات البرهان ضد الحكومة المدنية، في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وهو ما يعني أن المجتمعين الإقليمي والدولي لا يعترفان بأي قرارات يصدرها وأن عواقبها ستكون مزيدا من العقوبات والعزلة. وسبق أن طرد الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، يان برونك؛ بسبب تصريحات لبرونك بشأن خسائر تكبدها الجيش السوداني خلال معارك مع المتمردين في دارفور، وهو ما أغضب الجيش واعتبره تدخلا في أعمال السيادة.