في التاسع عشر من مايو، وفي مدينة أم درمان، استخدمت القوات الأمنية مجموعة من المعتقلين كدروع بشرية، بعد أن اعتقلت متظاهرين وقيدت حركتهم في سيارة تابعة لها، وضعت بينهم والمتظاهرين، في محاولة لوقف حصب المتظاهرين لها بالحجارة، فيما واصلت إطلاق النار والغاز المسيل للدموع. التكتيك الأخير أتى ضمن جملة من التكتيكات التي استخدمتها القوات الأمنية لقمع حركة الاحتجاجات المتواصلة ضد الانقلاب العسكري منذ 25 أكتوبر الماضي، تضمنت تحريك القوات الأمنية لمهاجمة نقاط التجمع قبل انطلاق التظاهرات، فضلاً عن استخدام الخيول والأسلاك الشائكة، بجانب الرصاص الحي وبنادق الخرطوش والغاز المسيل للدموع. يقول الصحفي والناشط السياسي، أحمد الشريف ل (الديمقراطي): "السلطة الانقلابية استخدمت الكثير من الأساليب لقمع حركة الاحتجاجات، ابتداء من قطع الإنترنت بالتزامن مع الانقلاب، إلى استخدام الحاويات والأسلاك الشائكة، وتجربة أنواع مختلفة من الأسلحة وأدوات القمع". تابع: "ضرب نقاط التجمع أسلوب قديم، حاولت السلطة الانقلابية استخدامه منذ أيام الانقلاب الأولى، لكنه فشل في تعطيل حركة المواكب. ومع مرور الوقت طورت القوات الأمنية معرفتها وقدرتها على التعامل مع المواكب، مستفيدة من التكرار واعتماد لجان المقاومة على أسلوب واحد في الاحتجاج بشكل متكرر ومسارات وتوقيتات ثابتة". ويرى الشريف أن نجاح أسلوب ضرب نقاط التجمع سببه الأساسي هو التراجع المستمر في عدد المشاركين في المواكب، وقبل ذلك تراجع الثقة في قدرة أسلوب المواكب على إحداث الأثر . يقول الخبير الأمني والعسكري عمر أرباب ل (الديمقراطي): "تسعى الأجهزة الأمنية لتفريق المواكب في لحظة تجمعها وذلك حتى لا تكتسب زخماً إعلامياً، إضافة إلى صعوبة تشتيتها والسيطرة عليها بعد ذلك، كما أنها اعتمدت على استخدام أسلحة تحدث إصابات مؤثرة مثل سلاح الخرطوش، وذلك بغرض إحداث أضرار تمنع الثوار من المشاركة قريب، كما أن الغرض منها إدخال الرعب في الثوار". ويضيف الخبير العسكري، عمر الأرباب أن الأجهزة الأمنية بقدر رغبتها في قمع المتظاهرين إلا أنها تخشى من حالات الموت، ليس حرصاً على أرواح المواطنين بكل تأكيد، ولكن خوفاً من المجتمع الدولي مع ازدياد الرفض والاستنكار لهذه الجرائم.
انتهاكات متزايدة يصف عدد من لجان المقاومة مهاجمة المتظاهرين عند نقاط تجمعهم، قبل انتظامهم لتسيير مظاهراتهم بالانتهاك الصارخ لحق التظاهر السلمي، وأنه يدل على أن الأجهزة الأمنية تضرب يومياً بالقانون عرض الحائط، كما أنها لا تأبه بحقوق الإنسان. وأشاروا إلى أن مغزى هذه التكتيكات هي شل الحراك الثوري، وإرهاق الثوار، واستهلاك طاقات المواكب، وإبعادها من القصر حتى لا تستطيع الوصول إلا إلى شروني كحد أقصى. تقول عضو لجان مقاومة الحارة السادسة، حنان فيصل، ل (الديمقراطي): "تكتيك الأجهزة الأمنية تغير، وكذلك ارتكازاتها، أصبحوا يهاجمون المواكب من نقاط تجمعها، خاصة نقطة تجمع باشدار. حتى زمن الهجوم على المواكب تغير، وأصبحت مهاجمة المواكب قبل الساعة 12 ظهراً. أثرت هذه التكتيكات على إعداد المتظاهرين، خاصة الذين ارتبطت عندهم المظاهرات بفكرة الوصول إلى القصر". وتابعت: "الخيار البديل هو المواكب اللامركزية وإعلان مواكب الأحياء بجداول أسبوعية". لافتة إلى أن لجان المقاومة استوعبت الأمر متأخراً. أما عضو لجان مقاومة المعمورة، محمد علي، فيقول ل (الديمقراطي): "مجابهة وكسر هذه التكتيكات الأمنية يكون بتغيير نقاط التجمع وتقريبها من القصر الجمهوري، والتزام المتظاهرين بالنقاط المحددة والمسار المحدد من قبل اللجان الميدانية، حتى لا يحدث ارتباك للجان الميدانية". على كل يمكن القول إن الثوار بعد دراستهم للتكتيكات القمعية الجديدة، نجحوا في موكب الخميس الأخير في الوصول للإشارة المرورية لمعمل إستاك بعد غياب شهر، بعد تغيير أساليبهم. فعلى سبيل المثال تغيير مسار الموكب الثابت وتوسيع رقعة التظاهرات خلق ربكة كبيرة بين صفوف القوات الأمنية، وهو ما مكن الثوار من اختراق الصندوق الأمني. أما على المدى البعيد فعلى لجان المقاومة وقوى التغيير تسريع العمل للتوافق على قيادة موحدة لمقاومة الانقلاب وإسقاطه عبر رؤية مشتركة.